لَيّ عنق اللغة ..أو حين تتغدى الصحافة من تفاهة الفيس والواتس ).. ردا على مقال: كلنا نحب تبون)

بقلم: رشيد قدوري أبو نزار
نشرت جريدة الصباح مقالا بعنوان :(كلنا نحب تبون*(
مقال أقل ما يقال عنه أنه رخيص إذ كل ما برعت فيه صاحبته هو اللمز المبتذل لجعل الكلمة تفيد معناها الدارجي ذو الحمولة الجنسية، التي تعني استبدال حرف التاء في لقب (تبون) إلى طاء وهو ما ذهب إليه أغلب رواد التفاهة الفيسبوكيين.. وما قامت به ثانيا أنها حاولت تجميع أغلب تلك التدوينات وصياغتها في مقال بمعنى أنها لم تأت بشيء جديد مبتكر، بل تغدت من المنشورات التافهة فقط .. إذن هي عملية نقل ولصق لما تُدُوول في هذا الموضوع للغرض نفسه ..ودافع كتابة هذا الرد هو الإشارة إلى السقوط المدوّي والمروع الذي تسير فيه الصحافة المغربية التي من المفروض -إن اعتبرنا الصحافة مهنة رقي ووعي – أن تترفع عن هذا الخطاب التسفيهي لأنها تنتقي مقالاتها وعباراتها لتصل الى أبعد الحدود بل وتخترقها، لأنه في أعراف الدبلوماسية والتمثيلات القنصلية والسفاراتية يتم الاطلاع على كل ما يُكتب في صحافة دولة عن دولة أخرى، والمثال هنا عن دولة الجزائر بلد جار ولنا معه ما يجمع اكثر مما يفرق أو بصراحة الواقع كم مرة يحاول المُتَفَرِّق نسف المُتَجَمِّع حين يحاول كل طرف الاصطياد في المعترك العكر للآخر، وما المقال المشار اليه إلا نموذجا بخسا …

فعندما تعكر الصحافة الماء بنفسها لتعطي للآخر مكانا يصطاد فيه، فهذا يدعي وقفة تأملية أو إخطارا حتى لا يزيد الأمر سوءا.. فالإصرار هنا على إبدال معنى التاء إلى معنى الطاء أو كما أسميته :بليّ عنق اللغة والمعنى من أجل شيء في نفسها أو في حجرها فهذا خطير ..وهذا التلاعب بين اللغة والدارجة ليس وليد اللحظة بل وليد فترة ليست بالقصيرة بدأ مع جريدة المساء في نسختها (النينية )ثم تلتها دومان ونيشان وكود وغيرها من صحافة التدريج ..قد كان يبدو الأمر نوعا من التلاقح اللّساني الفصيح بالدارجي لتقريب معنى من المعاني أو لسخرية مبطنة ثم تطور إلى دعوة صريحة نحو الكتابة بالدارجة مباشرة بل وتدريسها وهذا موضوع اخر. لكن ما يهمنا هو هذا التلاقح أو التلقيح المتعمد الشاذ لغاية واحدة (المقال كمثال) واللجوء إلى هذا النوع من الابدال اللغوي او المعنوي والاحالة على الكلمة الإباحية في قاموسنا المحلي من اجل تسفيه اسم رئيس دولة (الجزائر ) والنيل منه بطريقة شعبوية رخيصة تافهة هو شبيه بدفاع المنهزم في عراك بحارة شعبية حين يكون الشخص في موقف ضعف ويحاول النيل من غريمه باللجوء الى قاموس التنابز الجنسي المعروف كسبّه بابن ( القـ ..) أو (… الشاذ ) او ( … أمك ) إلى غير ذلك… كنوع من النيل منه بهذه الأوصاف في حين أن الصحافة مهنتها الدفاع بالسبل والعبارات الراقية والضاربة في العمق… فللجزائر أخطاء كثيرة اتجاه المغرب بداية من انبات شوكة البوليساريو إلى الطرد التعسفي والمهين واللاأخلاقي للمغاربة سنوات السبعينات الى آخره من الأخطاء… هذه هي الأمور الجديرة بالنقاش خاصة وأن الرئيس الجزائري الجديد أول ما بدأ به تصريحاته هو لمزه المغرب بطرد مواطنين جزائريين وإغلاق حدوده وبوجوب الاعتذار لهم .. والحقيقة أن المغرب أعطاهم مهلة كافية لمغادرة البلاد بكل احترام، وهو حقه آنذاك حين أحس بخطر ما يهدده جهة الشرق ولم يكن طردا تعسفيا كما وقع للمغاربة الذين تركوا أُضْحياتهم معلقة في بيوتهم ورمتهم الجزائر عند حدود زوج بغال في ظروف مازال يرويها المطرودون بكل حرقة وألم.. هذه هي الأمور التي وجب الوقوف عندها والرد على مغالطاتها اول بأول مع رئيس جديد..لفتح صفحة جديدة أومحاولة طي كل تلك الصفحات المشؤومة … أما مجرد الكتابة عن اسم ومحاولة تحويره نحو أمر (مثير جنسيا )لا أساس له… فهذا امر قد يقرأه الطرف الآخر على أنه أول انتصار له أو ( تخويرة من تخويرات) صحافة لم تعد تقوم بدورها كما كانت …
_____________
*رابط المقال كما جاء في جريدة الصباح

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)