أمل كبير فيما نراه في أوربا في مواجهة الموجة الخامسة

وفاءا لاستباقيتنا، أود في هذه التدوينة الغير مطولة، تحليل بعض معطيات الموجة الخامسة الأوروبية… و لكن في البداية يجب أن نثمن جميعا، ملقحين و غير ملقحين، عودتنا إلى حياة شبه طبيعية بفضل المقاربة الاستباقية و التشاركية و بفضل تضحيات الجميع… لم أكن أظن في مارس 2020 أن يحقق المغرب كل هذا في مواجهة الجائحة… بل أن يربح و بفضل هذه المقاربة و تضحيات كل المغاربة تنافسية دولية على جميع الأصعدة… فخور أن يحقق وطني نسبة نمو تناهز 5،5 في المئة للنمو لهذه السنة و في عزالجائحة… رغم كل الإكراهات فمغرب جديد يولد من رحم الأزمة و المعاناة… أحب من أحب و كره من كره…


يجب كذلك أن نثمن اختيارنا للقاح سينوفارم… فهاهي دراسة أمريكية تعطي العلامة الكاملة لسينوفارم على رأس جميع اللقاحات و الأمريكية منها… و رغم تبخيس الكثيرين… فأكثر من مليارين من الجرعات استعملت في العالم… و بعد اعتماده من طرف منظمة الصحة العالمية، هاهي معظم الدول تعتمده لدخول أراضيها من أمريكا إلى بريطانيا و إسبانيا واللائحة طويلة… أما فرنسا فيمكنها أن تلتحق بالركب متى شاءت… و لاسيما بعد الترخيص الكامل للقاح من طرف دول مختلفة كالصين و البحرين و الامارات… و لكن ماذا عن الموجة الخامسة بأوروبا؟
أولا… لماذا يجب أن ننظر لما يحدث في أوروبا؟
لسبب بسيط هو لأن ما يجري في الدنمارك و فرنسا و بريطانيا قد ينذر بما يمكن أن يحدث بالمغرب… و كما أكرر دائما أن تدبير الأزمات استباقي يبنى على قراءة و احتمال أسوأ السيناريوهات… و قراءة سريعة للمعطيات الأولية تظهر أن هذه الموجة ستكون مختلفة عن الأخرين… لأنها:
1- أول موجة بنفس السلالة
2- أول مواجهة بدون إجراءات احترازية… لذا نرى ارتفاع عدد الاصابات الكبير
3- أول موجة تصيب دولا مختلفة بتفاوتات كبيرة في نسب الملقحين… تصل إلى الضعف بين أوروبا الشرقية و الغربية… و النتيجة أن أوروبا مرة أخرى إلى “معسكرين”… كما يظهر في مقارنة بريطانيا و روسيا من خلال المنحنيات المرفقة أسفله…
أوروبا الشرقية…


نعم… فالمعسكر الشرقي و ما يحدث في روسيا و رومانيا و هنغاريا و ألمانيا الشرقية حيث معدلات التلقيح لا تتعدى الثلاثين و الأربعين في المئة… حيث يلاحظ ارتفاع هائل للأصابات مقرون بارتفاع نسب الوفيات و ألأشخاص في الإنعاش… حيث لا نرى أي اختلاف بين منحنيات هذه الموجة و ما حدث خلال الموجة الرابعة… رقم مفزع أعطته منظمة الصحة العالمية و التي تحدثت عن 500 ألف وفاة بأوروبا خلال هذه الموجة و أن ثلثي الضحايا سيكون بهنعاريا ورومانيا و روسيا…
أوروبا الغربية…
بما فيها بريطانيا و الدنمارك و فرنسا… و رغم عدم سن أي إجراءات احترازية و ارتفاع عدد المصابين لكن تبقى معدلات الدخول إلى الانعاش و الوفيات مستقرة و أحسن بكثير من الموجة الرابعة… و مرة أخرى و بدون أي إجراءات احترازية شخصية و لا قيود على الحركية… ففي بريطانيا مثلا و التي سبقت إليها الموجة، تبقى معدلات الوفيات أقل بعشر مرات من خلال مقارنة بمستويات الموجة الرابعة… و يعود كل هذا للنسب العالية للتلقيح و التي تجاوزت 75 في المئة في كثير من هذه الدول… فهل صارت هذه الأزمة الصحية، جائحة غير الملقحين بأوروبا؟
و الموجة تتجه نحو حوض البحر الأبيض المتوسط … ماذا عن المغرب؟


في رأيي الشخصي… أرى كثيرا من الامل في ما يقع في أوروبا الغربية و رغم الموجة الخامسة… فكل معطيات هاته الدول تدل على اقترابنا من مرحلة التعايش مع الفيروس و كما يحدث مع فيروس الإنفلونزا… و للتذكير، ففي كل فصل خريف و شتاء تكون موجات و انتشار كبير للإنفلونزا و إصابة العديدين من الأشخاص بالأنفلونزا… و لكن بما أننا نلقح و نحمي الفئات الهشة صحيا، نتمكن من مواجهة الفيروس و المرض دون ضغط على منظومتنا الصحية و دون قيود مؤسساتية… فرغم أن التلقيح ضد الانفلونزا لا يحمي من انتشار المرض فإن اللقاح يحمي الاشخاص من الحالات الحرجة للانفلونزا… و أتمنى أن نحول ونجعل من الكوفيد كالإنفلونزا مرضا لا يقتل…
إلا أن مقارنة المغرب مع دول كفرنسا و إسبانيا و البرتغال فيها فارق كبير… فهذه الدول كلها وصلت بنسب تلقيح الساكنة إلى الثمانين في المئة بينما وصل المغرب إلى 62 في المئة من الساكنة فقط… و يبقى السؤال المطروح و المعادلة الصعبة و التي يصعب حلها الأن… هل المغرب بهرمه السكاني الشاب و بهذه النسبة من التلقيح يوازي النسب المرتفعة للتلقيح لهذه الدول و لكن بشيخوخة هرمها السكاني… يمكننا أن لا نجازف بحل هذه المعادلة بالتسريع بعملية التلقيح…
نعم فاليوم يجب أن نبقى أوفياء لمقاربتنا الاستباقية بأخذ العبر و الدروس من الدول التي تسبقنا في مواجهة الموجة الخامسة… و المغرب يستعد لمواجهة أي موجة محتملة، بتوسيع اليقظة الوبائية و الجنومية على الحدود… و توفير جميع العلاجات و الأدوية الجديدة… و تأهيل منظومتنا الصحية… يناشد المليون من الكهول فوق الاربعين الغير ملقحين أن يساهموا معنا في هذا المجهود و نسيان بعض من الأنا… و يمكنوا أنفسهم و نحن معهم بالتسريع بالعودة إلى الحياة الطبيعية…
نعم… نحن اليوم سعداء بالعودة تدريجيا إلى أنفسنا… و التي اشتقنا إليها منذ سنتين… نناشدكم و بكل محبة أن تلقحوا لحماية أنفسكم… و عطفا على هذا الوطن الذي ضحى مواطنوه، الملقحون منهم و غير الملقحون، بالكثير من أجل هذه اللحظة من “السلم الصحي”… نعم… نطمح جميعا إلى تحصين و ترصيد هذه الوضعية… و الاستمتاع بها… ولو إلى حين…
و حفظنا الله جميعا…

كلمات دلالية
شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)