تعليق على إعفاء أستاذة من “أطر الأكاديميات” من مهامها بسبب عدم القدرة البدنية

اطلعت على فيديو منسوب لأستاذة من الفئة التي تطلق عليها الوزارة ” أطر الأكاديميات”، تفيد إعفاءها من مهام التدريس، بسبب عدم القدرة البدنية على مزاولة المهام الموكولة لها.

هذا الموضوع يثير إشكالات قانونية مرتبطة بعدم وضوح المساطر المتعلقة بهذه الحالة، وفي هذه النازلة نثير الملاحظات التالية.

شرط القدرة البدنية في القانون الأساسي لأطر الأكاديميات ( نعتمد نسخة أكاديمية فاس ـ مكناس، بحكم أن الأستاذة تم تعيينها بالمديرية الإقليمية “تاونات”، وهو نفسه القانون الأساسي المعمول يه في باقي الأكاديميات) نجده في المادة 4 من الفصل الأول، لكنه شرط يطلب من المترشحين للتوظيف، أي المقبلين على اجتياز مباراة ولوج المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين. وليس بعد قضاء سنة من التكوين، والتعيين في مؤسسة تربوية.

والمفترض أن كل الذين استوفوا بنجاح الاختبارات الكتابية والشفهية، وتم تسجيلهم بهذه المراكز يتوفرون على شرط القدرة البدنية على مزاوبة المهام.

وهو ما توافر في حالة الأستاذة المعنية عند تقدمها للمباراة، لكنها أصيبت بعد ذلك بمرض أثر على حركة المشي عندها، وحسب تصريحها لم يعقها عن القيام بالواجبات التي تتطلبها فترة السنة الأولى من التكوين، بدليل نجاحها في استيفاء مجزوءات تلك السنة.

يبقى هناك سؤال لا نعرف له جوابا: هل راسل المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بفاس الأكاديمية الجهوية بعد إصابة الأستاذة بالمرض للتقرير في حالتها ( المراكز وظيفتها التكوين فقط)؟ أم أن المركز لم يلاحظ أي عجز عند الأستاذة المتدربة يمكن أن يمنعها من أداء مهام التدريس؟

في كل الحالات، نجحت الأستاذة في استيفاء مجزوءات السنة الأولى من التكوين، وصدر قرار تعيينها بثانوية إعدادية بتاونات، مما يعد إقرارا ضمنيا بقدرتها البدنية حين صدور قرار التعيين على الأقل. مع العلم انها أنجزت ملف التوظيف وقدمته للجهة المعنية، والذي بناء عليه تم تعيينها.

وهنا نلفت النظر إلى أمر غريب، وهو أن جل الأكاديميات تصدر قرارات تكليف بمهمة التدريس في السنة الأولى من عمل هذه الفئة ( تعتبر سنة ثانية من التكوين)، رغم أن القانون الأساسي ينص على التعيين وليس على التكليف بمهمة (المادة 11 من الباب 3)، ويتحجج البعض بأن هؤلاء لم يجتازوا امتحان التأهيل المهني بعد، في حين أن ذلك الامتحان هو من أجل الانتقال من صفة أستاذ متدرب إلى صفة أستاذ رسمي.

تم تعيين الأستاذة بثانوية إعدادية بمديرية تاونات، وبمجرد توقيعها على محضر الالتحاق، تعد أستاذة متدربة، لها كامل الحقوق وعليها كامل الواجبات المحددة في القانون الأساسي لأطر الأكاديميات.

حسب رسالة إلغاء التكليف (وليس التوظيف)، فإن ذلك كان بناء على إرسالية من مندوبية الصحة بتاونات، مما يفيد أنه تم عرض المعنية بالأمر على لجنة طبية للتقرير في حالتها. إلا إذا لم يتم هذا الأمر، وهنا من حقها اللجوء للقضاء الإداري للطعن في قرار إلغاء التكليف.

المشكل أكثر تعقيدا، حتى عند المديرية والأكاديمية، فليس ثمة ما ينظم هذه النازلة من الناحية القانونية، فلحد الآن اكتفت المديرية بإلغاء التكليف ( دون تدوين السند القانوني لهذا الإلغاء)، ولا يمكن توقيف الأستاذة أو عزلها نهائيا إلا في إطار ما يحدده القانون الأساسي لهذه الفئة من عقوبات، وهي كلها لا تنطبق على حالتها ( كما هي محددة في الباب التاسع).

فمن الناحية القانونية، اكتسبت الأستاذة صفة أستاذة متدربة بمجرد توقيعها محضر الالتحاق، وحالتها لم ينص عليها الباب المرتبط بالعقوبات ( من التوبيخ فالتوقيف، وصولا للفصل).

وهذا ربما ما يفسر اكتفاء الأكاديمية لحد الآن بقرار إلغاء التكليف من مهمة التدريس ( وقعته المديرية الإقليمية وليس الأكاديمية)، في انتظار ربما التقرير النهائي في هذه الحالة.

شخصيا، أعتقد أنه سيكون من باب الإنصاف عرض الأستاذة على خبرة طبية مضادة للحسم نهائيا في قدرتها على التدريس من عدمه، مع مراعاة النصوص القانونية المرتبطة بحقوق الموظفين في وضعية إعاقة، مع العلم أن الإعاقة الحركية في أغلب الحالات ليست مانعة من مزاولة مهام التدريس. والإسراع في إلغاء التكليف بمجرد معاينة إعاقة حركية أو بصرية أو غيرهما، يعتبر فعلا تمييزيا ضد الأشخاص في وضعية إعاقة.

وفي حالة أثبتت الخبرة الطبية المضادة هذا العجز، فالأسلم قانونيا وحقوقيا وإنسانيا تكليف الأستاذة بمهام إدارية.

والله أعلم.

بس: ننبه للموضوعية، أن ما كتب أعلاه هو بناء على تصريحات الأستاذة، ولا نتوفر على رواية الأكاديمية، متمنين أن يحل هذا الملف بهدوء، وأن تكون مناسبة لاستدراك فراغات قانونية وتشريعية.

خالد البكاري

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)