أمينة ماء العينين تكتب.. التطبيع: من “تدبير إكراه” لدى الدولة إلى التخوف من المس بهيبة الدولة

كل هذه التحركات المطبوعة بالعشوائية والتهافت والكثير من الخفة في إطار ما يسمى “عودة العلاقات الدبلوماسية مع اسرائيل” يثير الكثير من التخوفات على المغرب وهيبته وسيادته وعراقة دولته ورسوخها في التاريخ والحضارة.

من المعروف أن العلاقة مع الكيان الصهيوني تم تدبيرها بحذر شديد في إطار تدبير ملف الوحدة الوطنية، دون تغيير في علاقة المغرب الرسمية والشعبية مع القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني. هذه المعادلة تم شرحها أكثر من مرة في بلاغات الديوان الملكي وفي التصريح بكون الاتفاق مع الولايات المتحدة الأمريكية تم تدبيره بسرية وحذر شديدين على مدى ثلاث سنوات تقريبا، حرصا على المصلحة الوطنية المتمثلة في الانتصار لقضية الوحدة الترابية.

بمعنى أن ما يسمى “التطبيع” لم يكن اختيارا محضا لدى الدولة المغربية، ولم يتم تدبيره بمنطق التهافت.

التحركات الحالية وآخرها بداية تواصل برلمانيين وربما منتخبين وغيرهم في مرحلة لاحقة بمنطق التنافس والتسابق والتهافت أمر غير مفيد للمغرب، ويجب التداول فيه من طرف المؤسسات التي يتكلم الناس باسمها باستخفاف وكأنهم في نزهة أو في لعبة بسيطة.

للدولة المغربية عراقة في التاريخ والحضارة، ولدولته هيبة يجب صيانتها، وقد حافظنا على هذه المكانة في تدبيرنا للعلاقة مع الدول الكبرى، سواء منها الولايات المتحدة (الموقف من صفقة القرن) أو مع فرنسا( لم نتردد في وقف اتفاقيات التعاون القضائي على أهميتها حينما شعرنا بمحاولة إهانة المغرب) وندبر العلاقة بنفس الحذر والنضج مع اسبانيا رغم مكانتها وتشعب الملفات معها. ولاداعي للتذكير بالمواقف الملكية الرصينة وبالدارجة المغربية “الثْقيلة” من توجهات السياسات الاقليمية لدول عربية لها وزنها (الموقف من الأزمة الخليجية وحصار قطر)، زيارة تونس، الوساطة في الأزمة الليبية، الانسحاب من الحرب على اليمن، فرض التوازن في العلاقة مع مصر في محطات عرفت بعض محاولات التحرش بالمصالح المغربية…إلخ
في العلاقة مع اسرائيل وهي “دولة احتلال” في مفهوم الأمم المتحدة، بمعنى أنها كيان طارئ، يجب أن نذكر بني جلدتنا أن التهافت لا يليق بنا وبدولتنا، فبعض الهدوء يرحمكم الله.

مطلوب من اسرائيل في إطار الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني وهو التزام ملكي ورسمي وشعبي في المغرب، أن تعي أن “مكاسبها” لا يمكن ان تكون مجانية، وأن عليها طرح عروض واضحة على الطاولة في اتجاه الدلة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وأن منطق الأمر الواقع غير مفيد، وأن المغرب دولة عريقة لها ميزانها ومنطقها والتزاماتها، وأن نظامها السياسي ليس نظاما طارئا أو منقوص الشرعية، وأن خطواتها الديبلوماسية في علاقاتها الخارجية خطوات محسوبة ومدروسة، وهو ما يجب تبليغه للذين يعتقدون أن هذا الملف الشائك هو لعبة أطفال.

 

في هذا الإطار، أدعو مكتبي مجلسي البرلمان وندوة الرؤساء إلى التداول في موضوع الإتصالات العشوائية التي بدأ بإجرائها بعض أعضاء البرلمان (حسب إفادات إعلامية لم يتم نفيها) مع أطراف إسرائيلية، خاصة وأن الحديث يتم فيها باسم البرلمان المغربي، ولا عيب في تواصل البرلمان مع وزارة الخارجية وباقي الجهات المعنية بالموضوع، وإلا فسنكون إزاء الفوضى ومنطق الاستخفاف فيما يفترض تدبيره بأفق استراتيجي يراعي مصالح المغرب دولة وشعبا. دون أن ننسى حساسية البرلمان الذي يمثل البعد الشعبي، بمعنى أنه غير محكوم بإكراهات الدولة في شقها التنفيذي.

 

نقلا عن الحساب الرسمي للبرلمانية امينة ماء العينين بموقع فايسبوك.

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)