كيف يؤثر تراجع قطاع البناء على التأهيل الحضري للمدن؟

سفيان بوشكور، باحث في إعداد التراب

يعتبر قطاع البناء من أهم القطاعات المنتجة للثروة ولفرص الشغل. فالقطاع يشغل حوالي مليون شخص ( معطيات 2017 ) و يساهم  ب 6,2% من القيمة المضافة في الناتج الداخلي الخام و صدقت المقولة « quant le bâtiment va tout va » لارتباط القطاع بمجموعة من القطاعات الحيوية المنتجة وبالتالي فانتعاشة قطاع البناء يمكن من حركية اقتصادية ورواج إنتاجي وتجاري بالقطاعات ذات الصلة.

 

كما أن ازدهار القطاع يمكن من رفع حجم استهلاك الإسمنت وهو ما يوفر سيولة مهمة جدا لصندوق تضامن السكن  FSH و هو الذراع المالي لوزارة الإسكان وسياسة المدينة ولشركة العمران للتدخل في مشاريع التأهيل الحضري وبرامج سياسة المدينة بمختلف مدن المملكة.   

 

إن تراجع القطاع يؤدي حتما لتراجع مداخيل الإسمنت وأساسا مداخيل صندوق تضامن السكن، و هو ما يفسر تراجع الاستثمارات بالمدن والقرى في مجال التهيئة الحضرية.    

 

لقد عرف قطاع البناء والعقار حسب دراسة “لوحة القيادة القطاعية للاقتصاد المغربي ” الصادرة عن وزارة الاقتصاد والمالية شهر يناير 2019، تراجع بنسبة 51% من حيث الإنتاج و انخفضت مبيعات الإسمنت سنة 2017 بنسبة 2,54%.

 

و تعتبر جهة الشرق نموذج في هذا الإطار، فبعد الدينامية التي عرفتها مدن الجهة خلال العشرية الماضية، تعرف جهة الشرق، اليوم،  ركودا متنامي أثر بشكل مباشر على جل القطاعات بما فيها التجارية.

 

و يكفي أن نستحضر التراجع الملحوظ سنة بعد أخرى في ملفات طلبات البناء المقدمة بالنفوذ الترابي للوكالة الحضرية لوجدة (وجدة، بركان، تاوريرت، جرادة، فجيج) والتي تجاوزت سقف  10 ألاف ملف خلال سنوات 2011 و2012. في حين تراجع عدد الملفات سنة 2018 ليبلغ 6794 ملف مقابل 7920 ملف سنة 2016.

 

إن انخفاض طلبات البناء مؤشر على الركود الذي يعرفه قطاع البناء وعلى الأنشطة التجارية والصناعات والصناعات التقليدية المرتبطة بالقطاع. كما أن تراجع البناء ساهم بأثر مباشر على مشاريع التأهيل والتهيئة الحضريتين بمدن الجهة .   

 

إن الخروج من الأزمة الاقتصادية التي تعرفها جهة الشرق رهين بعودة دينامية قطاع العقار والبناء لانهم من القطاعات الحيوية التي تؤثر إيجابا على جل الأنشطة التجارية والإنتاجية وهذا ما يمكن من حركية السيولة المالية المنعشة للطلب الداخلي.

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)