عاجل..الفساد يبحث عن الحكومة لاعتقاله!

يصدق المثل الريفي القائل: “أقشا منما ثوثيت اذيزر سي ذمن”، (الأقرع حيثما ضربته يسيل رأسه دما”، على التقرير الأخير للمجلس الأعلى للحسابات.

 

ففي هذه الحالة الأقرع هو المغرب، هو هذا البلد الذي قرأنا عن مؤسساته العارية في تقرير جطو، لكن لم يسل دما جراء ضرب قضاة المجلس، ولكن سال فسادا وإختلالات.

 

إن شئنا قلنا بأن التقرير الأخير جاء مشابها لعشرات التقارير السابقة التي استعرضت صفحاتها المقدرة بالآلاف، من الاختلالات والخروقات التي تجري في ردهات الإدارة المغربية، لكن التقرير الأخير جاء في سياق عام طواق إلى رؤية رموز الفساد وهم ينالون جزائهم عملا بالمبدأ الدستوري ربط المسؤولية بالمحاسبة.

 

بل وسبقه الكثير من الكلام، عن إقتراب موعد تقديم لائحة من المسؤولين أمام القضاء جراء سوء التسيير والتدبير والاختلالات، وبالمعنى الأعم والأشمال جراء الفساد.

 

والحق يقال أن التقرير الحالي، جاء هذه المرة ليؤكد جزئا يسيرا مما كان يتداوله الناس فيما بينهم، وحتى في بعض المتابعات الصحفية.. لقد اقترب هذه المرة من إمبراطورية عفوا وزارة الفلاحة، ومخططاتها الزرقاء والخضراء، والتي لا لون لها، والتي ساقها الوزير أخنوش، على مدى عقد من الزمن على أنها ستشكل الخلاص للمغرب من أزماته الاجتماعية، وتحقق أمنه الغذائي، وجعلها مناطق محظورة على المتابعة والنقد.

 

لم يكن في الحقيقة قضاة جطو يحتاجون للكثير من التمحيص والتحقيق حتى يقفوا على الاختلالات التي تعشعش في بعض القطاعات الوزارية، كما هو الشأن لوزارة التجهيز والنقل على عهد الوزير عزيز رباح، إذ كان يكفيه أن يجري بعض المقارنات البسيطة ليتبين كيف يتم لهط المال العام في واضحة النهار وبدون معلم!

 

ليس المجال هنا، مجال استعراض لتفاصيل التقرير المتاحة للجميع بدون استثناء في ثلاثة أجزاء على موقع المجلس الأعلى للحسابات، والأهم بالنسبة لي هو متى سيتم تفعيل المبدأ الذي يستحضره الجميع كلما أرادوا التماهي مع رغبات الشارع، هل سيظل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة مبدأ شفوي أكثر منه عملي وتطبيقي؟!

 

إن التجربة بينت بأن هذا المبدأ حتى الساعة لا يتعدى مداه أسوار الحكومة، ويظل ألية من اليات التعتيم الحكومي الناجحة، وإلا دعونا نستعرض مع حكومتنا الموقرة عدد الملفات التي أحيلت على المحاكم المالية جراء الاخلالات المالية التي رصدتها تقارير المجلس الاعلى للحسابات، وحتى تقارير لجان الافتحاص والتدقيق في كثير من الأمور.

 

حكومتنا للاسف تتقن أمرين، الأول هو فتح تحقيقات في الكوارث والحوادث التي يعرفها المغرب، دونما أن نعلم مصيرها فيما بعد، وترويج الشعارات من قبيل “ربط المسؤولية بالمحاسبة”، وإن شأنا أمرا ثالثا وهو العمل بمبدأ عفى الله عم سلف!

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)