الجزائريون إلى الشارع مجددا بعد إلغاء الإنتخابات والدعوة إلى الحوار

نزل الجزائريون بأعداد كبيرة الجمعة الى الشوارع في وسط العاصمة، غداة الدعوة التي وجهها الرئيس الإنتقالي إلى الحوار، وبعد إلغاء الإنتخابات الرئاسية.

وفي يوم الجمعة السادس عشر منذ 22 شباط/ فبراير الماضي، نزل الجزائريون الى الشارع تعبيرا عن رفضهم للحوار الذي دعا إليه الرئيس الانتقالي عبد القادر بن صالح في خطاب الخميس. وحمل أحد المشاركين في التظاهرة لافتة كتب عليها “لا للحوار مع المزورين”.

وقرابة الساعة السادسة مساء (17:00 ت غ) تفرق المحتجون بدون تسجيل حوادث، بينما عادت حركة المرور تدريجا إلى شارع ديدوش مراد أهم شارع تجاري في وسط العاصمة الجزائرية.

كذلك تفرق المحتجون بهدوء في المدن الأخرى التي شهدت تظاهرات كالبويرة وتيزي وزو وقسنطينة شرق البلاد، ووهران ومستغانم غربا، كما نقلت قنوات تلفزيونية محلية.

وكان بن صالح دعا الجزائريين الخميس إلى حوار من أجل الوصول إلى توافق على تنظيم انتخابات رئاسية “في أقرب الآجال”، بعدما ألغى المجلس الدستوري تلك التي كانت مقررة في الرابع من تموز/يوليو.

فبعد رحيل رئيس الوزراء أحمد أويحيى الذي لا يحظى بشعبية، والتخلي عن ولاية خامسة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة واستقالة الأخير بعد 20 عام ا من الحكم، حقق المتظاهرون مرة أخرى أحد مطالبهم بإعلان المجلس الدستوري في 2 حزيران/يونيو “استحالة” إجراء الاقتراع لعدم وجود مرشحين جادين.

وبالنسبة للموظف الحكومي علي (57 سنة) فإن “بن صالح يعيد الخطاب نفسه”، مضيفا وهو يحمل لافتة كتب عليها بالفرنسية “يسقط حكم الشيوخ المافياوي المتعفن والمجرم”، “لا يمكننا التحاور مع هؤلاء الأشخاص فكلهم متعفنون بدون اي استثناء” كما قال لوكالة فرنس برس.

أما ماسي (27 سنة) العاطل عن العمل، فقدم من البويرة على بعد 100 كيلومتر منذ الثالثة صباحا لتفادي الحواجز الأمنية لقوات الدرك التي تمنع مرور المحتجين إلى العاصمة.

وصرح لوكالة فرنس برس أن “شرط المشاركة في الحوار أو الانتخابات أن يرحلوا جميعا”، وعبر عن ذلك في لافتة كتب عليها “يرحلون جميعا ننتخب جميعا” و”قايد صالح وبدوي (نور الدين، رئيس الوزراء) وبن صالح مشروعكم الوحيد هو البقاء في السلطة مدى الحياة”.

ورأى الموظف حكيم (45 عاما) أن “هناك شرطين للحوار: أولا يجب عدم تحديد خارطة الطريق، وثانيا التحاور مع أصحاب السلطة الحقيقية أي الجيش. فلا فائدة من التحاور مع بن صالح فهو لا يملك سلطة القرار”. ويشير بذلك إلى رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح الذي أصبح بحكم الواقع الرجل القوي في الدولة منذ استقال عبد العزيز بوتفليقة تحت ضغط الحركة الاحتجاجية والجيش في 2 نيسان/أبريل.

وكان نصيب الرئيس الانتقالي ورئيس أركان الجيش كبيرا في شعارات المحتجين، فلم يتوقفوا عن ترديد “بن صالح إرحل” و”قايد صالح إرحل”.

وقام عناصر الشرطة بتوقيف العديد من المتظاهرين، بحسب شهود. وأكد كريم (37 عاما) أن اثنين من رفاقه قدما من بومرداس (50 كلم شرق الجزائر) تم توقيفهما من قبل الشرطة.

وأمام تزايد أعداد المتظاهرين انسحبت الشرطة الى مواقع ثابتة لمراقبة الوضع بدون ان تتدخل.

لكن هل يعد إلغاء الانتخابات انتصارا للحركة الاحتجاجية؟ “نعم ولا”، بحسب داليا غانم يزبك، الباحثة في مركز كارنيغي للشرق الأوسط في بيروت.

وأوضحت في تصريح لوكالة فرانس برس “نعم، بمعنى أن (الانتخابات) لن تجرى، هذا ما يريده الشارع، (…) لأنه من الناحية اللوجستية، من المستحيل تنظيمها”.

وأمام تعبئة ظلت حاشدة حتى خلال شهر الصيام في رمضان الذي انتهى الاثنين، ورفض أي شخص يشتبه في تعاونه مع السلطة، لم يتقدم المترشحون لهذه الانتخابات.

وأضافت الباحثة “لا أحد يريد أن يترشح والمشاركة في هذه المهزلة، ويبدو أن السلطة تفتقر إلى شخصية توافقية” لتمثيلها “وهذا واضح اليوم”.

ويطرح إلغاء انتخابات الرابع من تموز/يوليو إشكال بقاء الرئيس الانتقالي في منصبه بينما الدستور حد د ولايته بتسعين يوما منذ تسلم مهامه في التاسع من نيسان/أبريل، ولا يوجد رئيس يتسلم السلطة منه.

لكن المجلس الدستوري مد د ولايته تلقائيا “خارج إطار الدستور” بقرار إبقائه في الحكم حتى تنظيم انتخابات جديدة لم يتم تحديد موعدها بعد.

هي المرة الثانية التي يتم فيها إلغاء الانتخابات الرئاسية في أقل من ثلاثة أشهر. فبعد ان عجز عن تهدئة الاحتجاجات ضد رغبته في السعي للحصول على ولاية خامسة، ألغى بوتفليقة الانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة في الثامن عشر من نيسان/أبريل، في محاولة لتمديد حكمه، وهي مناورة ضاعفت غضب المحتجين.

وبات من الصعب التكهن بالخطوة التالية التي يمكن أن تتخذها السلطة.

وأضافت داليا غانم يزبك “أعتقد أن السلطات ترتجل (…) لا توجد حلول على المدى الطويل وعلى عكس ما اعتقد الحكام (الجزائريون) في البداية، لم تتراجع حركة”الاحتجاجات.

كما أن الطريقة التي يمكن أن يستخدمها الجيش لحل الأزمة إذا استمرت التعبئة، تثير الآن الكثير من الأسئلة. وإذا كان بن صالح تحدث الخميس للمرة الثالثة منذ توليه منصبه في 9 نيسان/أبريل ، فقد تحدث الفريق قايد صالح 12 مرة خلال الفترة نفسها. لذلك فمن الواضح ان الجيش هو الذي يقود البلد.

وقالت داليا غانم يزبك إن “الخيارات” المتاحة الآن للسلطة “محدودة”، مشيرة إلى أن “الحلول العقابية تبقى دائم ا خيار ا في أوقات الأزمات السياسية وخصوصا عندما لا ترغب الجهات الفاعلة بما في ذلك الجيش في التخلي عن السلطة”. وأضافت “لننظر إلى ما حدث في السودان”.

ولا يغيب عن أذهان الجزائريين القمع الدموي الذي حدث في الأيام الأخيرة في السودان حيث دفعت حركة الاحتجاج المماثلة نظام الرئيس عمر البشير إلى الرحيل لتجد نفسها في مواجهة الجيش.

ونشر احد المدونين على تويتر صورة لقمع الجيش للمتظاهرين في السودان. وكتب “لأولئك (…) الذين يدعون للتفاوض مع الجيش” في الجزائر “استيقظوا (…) لا يمكن التفاوض مع الجيش أبدا”.

وكان ذلك رد ا على دعوة قايد صالح إلى “الحوار” وإلى تقديم “تنازلات متبادلة”.

أما في تظاهرة الجمعة فعبر العديد من المحتجين عن تضامنهم مع حركة الاحتجاج في السودان وكتب أحدهم على لافتة “من الجزائر إلى السودان، ليرحلوا جميعا”.

أ ف ب

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)