عودة الحجر الصحي إلى وجدة..لماذا نتفق ولماذا نرفض!

 

مع تزايد حالات الإصابة بفيروس كورونا بجهة الشرق، وبالخصوص بعمالة وجدة أنجاد، والتي تتجاوز فيها الحصيلة اليومية هذه الأيام 300 حالة، بل وحتى 400 حالة، وفي الغالب بمدينة وجدة التي لا يتجاوز عدد سكانها 500 ألف نسمة، بات السؤال المصيري، ما العمل يطرح نفسه بالحاح، لمواجهة ما يمكن مواجهته، في أفق وقف نزيف الحالات، ونزيف الوفيات!

 

هذا السؤال يحيلنا بشكل أتوماتيكي على سؤال أخر، وهو: هل يكمن الحل في العودة إلى الحجر الصحي، أي إلى حالة الإغلاق الشامل التي عرفتها مدينة وجدة قبل أشهر شأنها في ذلك شأن باقي المدن؟

 

إن الذين يدعمون طرح العودة إلى الحجر الصحي، ينطلقون من فكرة أساسية، وهي أن حفظ الأرواح هي أولوية، ولا يمكن مقايضتها أو وضعها في الميزان مع مصلحة أخرى وبالخصوص المصلحة الاقتصادية!

 

هؤلاء يعتقدون بأننا وصلنا إلى مستوى لا يمكن معه الإستمرار دون اللجوء إلى الحجر الصحي، فعبر هذا الإجراء يمكن كبح إنتشار الفيروس، وإعادة منحنى الانتشار إلى مستواه السابق، عندما كانت وجدة تسجل عدد قليل من الحالات، ويضرب بها المثل في الالتزام بالتدابير الوقائية!

 

لكن هذا التوجه، يواجه  معارضة شديدة في حقيقة الأمر في أوساط واسعة من المواطنين، ذلك أن الرافضون للعودة إلى الإغلاق الشامل يخلصون إلى أن الحجر الشامل بغض النظر لأضراره الجسيمة التي يلحقها بالنشاط الاقتصادي وبالوضعية الاجتماعية للأسر، فهو لن يحقق الهدف المنشود، ودليلهم على ذلك أن النسخة الأولى من الحجر لم تمنع من الانتشار الواسع للمرض!

 

وإذا كان المعارضون يدفعون بعدة دفعات للتأكيد على عدم جدوى العودة إلى الحجر، يبقى الهاجس الاقتصادي والاجتماعي في حقيقة الأمر أكبر ما يحرك هذه الفئة لابداء رفضها، ذلك أن الوضع الاقتصادي للمدينة المتسم بالهشاشة، حتى قبل ظهور الفيروس، سيتفاقم أكثر وسيؤدي لا محالة إلى نتائج اجتماعية وخيمة!

 

وسط هذا التجاذب، تبرز بعض الأصوات التي ترى في مستوى الانتشار الواسع مصير واقع ومحتوم بالمدينة، و تحاول التنبيه إلى الإشكاليات التي تراها عميقة، ولن تحل لا بالحجر الشامل ولا بمواجهة الوضع وفق الشروط الحالية!

 

هؤلاء يعتقدون بأن الوضع اليوم يتطلب قبل الخوض في أي إجراء. لابد من تقوية العرض الصحي، ودعم الأطر الصحية، سواء بعناصر مختصة في أقسام الإنعاش و المعدات الضرورية، ووحدات العزل، التي تشهد المدينة نقصا كبيرا فيها، بالإضافة إلى حل معضلة الدواء، هذه المعضلة التي استفحلت بشكل كبير، حتى وجد المواطنون أنفسهم بدون دواء، وأي دواء فيتامين سي ومكملات الزنك، التي يعتبرها البعض مثل الخبز، وفرته ضرورة وليس في تكوينه وتصنيعه شروط مستحيلة تضعنا اليوم في هذا المأزق الذي لم يفهمه الكثير من المواطنين!

 

هذا زيادة على حل إشكالية التحاليل التي لا يمكن أن تكون في الوقت الراهن عامل مساعد على محاصرة الوباء، بالنظر إلى طول مدة إنتظار النتائج والتي تصل إلى أسبوع تقريبا.

 

هذه الإشكالات الصحية تتفاقم بالتوازي مع التراخي الظاهر سواء من المواطنين أو من قبل السلطات التي تحرص على تنفيذ القرارات والقوانين المرتبطة بحالة الطوارئ الصحية، فرغم وجود قرارات أصدرتها السلطات توخت منها تخفيض وتيرة الانتشار إلا أن السلطات في حقيقة الأمر، لم تحرص على تطبيق هذه القرارات.

 

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)