يوميات في حضرة الشوافة -1-

كلما حلت العطلة الصيفية، كان لزاما على البحث عن عمل لكسب بعض المال لمواجهة الدخول المدرسي المقبل، فحصل أن اشتغلت مساعد خضار، وكانت من الزبونات الوفيات للخضار سيدة في عقدها الخامس تدعى “الشريفة”.

 

تحظى باحترام كبير من طرف جميع تجار السوق، وكانت “الشريفة” كلما أنهت مشترياتها من خضر وفواكه، يأمرني الخضار بأن أحمل القفة وإيصالها إلى منزلها حيث كانت تمنحني مقابل هذه الخدمة درهما مع قطعة خبز مملوءة بالخليع.

استمر الحال على حاله، إلى أن جاء اليوم الذي طلبت مني” الشريفة”، أن أشتغل عندها وأنها على إستعداد بأن تمنحني ضعف ما كنت أتقاضاه من أجر عند الخضار.

 

وافقت فورا على طلبها دون أن أعرف طبيعة العمل الذي تريده مني “الشريفة”، المهم عندي أن الدخول المدرسي على الأبواب وأنني في حاجة إلى المال.

طلبت مني “الشريفة” أن أدخل إلى الصالون، وما إن دخلت حتى شرعت في شرح طبيعة عملي الذي سينطلق بداية من الساعة العاشرة صباحا حتى الرابعة زوالا وأن يوم الجمعة راحة.. وتتمثل مهامي في إشعال “المجمر” ووضع البخور واستقبال الزبونات وتدوين أسمائهن في سجل خاص، ثم الحفاظ على النظام العام داخل قاعة الإنتظار دون أن تنسى، أن تطلب مني العمل على تلميع صورتها أمام الوافدات عليها من خلال الحديث عن قدرتها في علاج عدة أمراض من قبيل فك السحر، وجلب الحظ والزواج والثقاف وغيرها من الأمور الأخرى.

 

إضافة إلى مهمة أخرى وهي المهمة التي كانت تروقني كثيرا، حيث كنت أتولى عد القفزات التي تقوم بها الزبونة فوق قفل مربوط بسلسلة نحاسية يتوسطه سكين من النوع الجيد، وهذه المستلزمات كان لزاما على الزبونات اللواتي تعانين من “الثقاف” إحضارها معهن إلى بيت “الشريفة” من أجل تخطيها لسبع مرات لإزالة “الثقاف” وهي آخر مرحلة تخضع لها الزبونة بعد وصفات علاجية أمرت “الشريفة” باتخاذها في وقت سابق.

 

وقبل أن تختم كلامها، قالت لي “الشريفة” أنه ستضاف إلي مهمة أخرى مساء كل يوم خميس، وهي جمع السلاسل النحاسية والأقفال والسكاكين، وإعادة بيعها لأحد المحلات التجارية “دروكري”.
يتبع

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 1 )
  1. زكرياء :

    نفس سردي يحاول سبر عالم الخرافة والشعوذة ،أتمنى أن يكشف ما سيأتي من حلقات سردية طبيعة الزبناء ونوعية الخدمات المطلوبة بعيدا عن فك الثقاف

    0

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)