“شمس بوست” يستضيف “شمس الدين” أمير الصيادين بتونس وصاحب فكرة مقبرة الغرباء

موقع “شمس بوست ” التقى بالرجل بمدينة مارسيليا الفرنسية على هامش الملتقى الدولي للهجرة المنظم من قبل مجموعة هاتف الإنذار وأجرى معه الحوار التالي.

س : كيف جاءتك فكرة إحداث مقبرة لدفن الجثت التي يلفظها البحر؟

-ج: الفكرة راودتني منذ سنة 2004، لما قال الراحل العقيد معمر القدافي الرئيس الليبي في إحدى خطاباته، سوف نعمل على إغراق بلدان الاتحاد الأوروبي بالأفارقة وأعطى أوامره للبحرية الليبية قصد تسهيل مأمورية الراغبين في الهجرة نحو الفردوس المفقود وعدم اعتراض سبيلهم، حيث تحولت بعض الشواطىء الليبية آنذاك إلى قاعدة خلفية لآلاف المهاجرين، وخاصة مناطق زوارة الزاوية تاجورة إضافة إلى العاصمة طرابلس، ومع توالي رحلات “الحراكة” بدأت تطفو بعض المشاكل على السطح من أهمها تعرض القوارب إلى أعطاب ميكانيكية في عرض البحر الأمر الذي أدى إلى غرق العشرات من المرشحين للهجرة.

 

وأمام هذا الوضع بدأ بحر جرجس بتونس يلفظ حثت الضحايا وشاهدت بأم عيني كيف كانت السلطات التونسية تتعامل مع هذه الجثت بطرق غير إنسانية، حيث كان يتم تجميع العشرات منها في حفرة واحدة، ومن هنا راودتني فكرة إحداث مقبرة بتنسيق مع منظمة الهلال التونسي وجمعية بحارة جرجس وأطلق عليها إسم مقبرة الغرباء لأن كل الجثت الموجودة بها مجهولة الهوية.
س : كيف كان شعورك وأنت تدفن أول جثة بمقبرة الغرباء؟

 

ج : حقيقة شعرت بإحساس غريب ممزوج بالفرحة والحزن في آن واحد، كنت فرحا لأنني حققت أمنيتي وهي أن يتمكن كل إنسان قادته ظروفه الصعبة إلى الموت في أعماق البحار بحثا عن غد أفضل، من إيجاد مكان صغير يحتضن جثته في هذا العالم الشاسع.

وشعرت بالحزن على شباب في مقتبل العمر يغامر بحياته من أجل الوصول إلى الفردوس المفقود بعد ما ضاقت به كل السبل داخل الوطن الذي ولد وترعرع فيه.

 

س : كم هي مساحة المقبرة وكم عدد الجثت المدفونة فيها؟

 

ج : تبلغ مساحة المقبرة حوالي 600 متر مربع، تم منحها لنا من قبل بلدية جرجس سنة 2011، وتولت منظمة الهلال الأحمر التونسي وجمعية بحارة جرجس تنظيف وتنقية المساحة الممنوحة ثم العمل على تشجيرها، وبعد ثلاث سنوات من الدفن امتلأت المقبرة عن آخرها بجثت المهاجرين، ولم يعد أي مكان شاغر داخل مقبرة الغرباء، حيث تم التفكير في طابق ثاني لإستقبال المزيد من الجثت الذي يبلغ عددها اليوم إلى أزيد من 400 جثة.

س : بعد مقبرة الغرباء جاءت فكرة إحداث حدائق إفريقيا هل حدثنا عن هذه المقبرة الجديدة؟

ج : بعدما امتلأت مقبرة الغرباء بالجثت ولم يعد هناك أي مكان فارغ لدفن المهاجرين الذين يلفظهم بحر جرجس، فكرت مليا في إيجاد مكان آخر لدفن المهاجرين الذين يلقون حتفهم غرقا في عرض البحر الأبيض المتوسط ، وهكذا زارني الفنان الجزائري “رشيد القريشي” بمدينة جرجس وطلب مني إن كنت محتاجا للمساعدة؛ فاقترحت عليه فكرة إحداث مقبرة جديدة، فقام الفنان المذكور مشكورا باقتناء قطعة أرضية مساحتها حوالي 3 آلاف متر ووهبها إلينا، و أطلق عليها إسم حدائق إفريقيا، حيث ستتولى منظمة الهلال التونسي وجمعية جرجس للصيادين مهمة إحاطتها السياج وتشجيرها وإحداث مختبر بعين المكان للتحليل الجيني “ADN” إذ أن الأشغال جارية بها ومن المنتظر أن تكون جاهزة مع بداية السنة المقبلة.

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)