هل حان وقت تفكيك “شبكة النفوذ والمصالح” المحلية لبعوي؟

 

بعضهم يهوى رياضة “إسقاط الطائرات”. إذ بعدما سقطت “شبكة بعيوي”، في يد العدالة، عمل العديد من هواة هذه “الرياضة”، القول تلميحا وتصريحا بوجود شخصيات “كبيرة” في دائرة الشبهة.

 

قد يكون طبيعيا أن يثار اسم هنا وهناك، ولكن هذا لا يجب أن يحجب النقاش الحقيقي الذي يجب أن يثار عن شبكة العلاقات المحلية والجهوية التي هي في الأصل “الإطار” الذي كان يمارس فيه بعوي نفوذه، وأقول نفوذه وليس نشاطه المرتبط بالتهم الموجهة إليه، والتي بسببها يقبع حاليا رفقة 19 أخرين بسجن عكاشة، على اعتبار أن ذلك الإطار له محددات وفاعلين آخرين.

 

الواقع، لا أحد يمكنه اليوم أن ينكر حجم النفوذ والسطوة التي امتلكها بعوي في مواجهة أي شخص في جهة الشرق مهما كان مركزه. وهو الأمر الذي رسخ صورة في ذهن البعيدين عنه قبل مقربيه أنه شخص “فوق المحاسبة”.

 

شبكة العلاقات هذه هي التي مكنت بعوي من هالة، وصلت حد نسج الأساطير حول شخصيته، وإمكانياته الخارقة، لذلك فإن جزء كبير من المنخرطين في “شبكة النفوذ” هذه، تأثروا كثيرا بالصورة النمطية التي روجت عنه، باعتباره ذو قدرات خارقة يمكن أن يغير الوضعية الإدارية لأي مسؤول في رمشة عين.

 

في الحقيقة لا أريد الخوض في ما يروج في “الصالونات” حول الطريقة التي كان يتعامل بها مع بعض الولاة والعمال، أو كيف أن مسؤولا على سبيل المثال، تركه ذات يوم ينتظر في السعيدية لمدة طويلة دون أن يكترث لحضوره، وكيف “بهدله” وبهدل المنصب الذي يتولاه بتجاهله حتى أنهى لقائه مع ضيوف أخرين.

 

هذا المستوى من النفوذ والسطوة لم يتأتى لبعوي فقط بفرضية وجود غطاء “كبير”، بل لأن العديد من الفاعلين المحليين والمسؤولين كان لديهم الاستعداد التام للعب دور معين في  “شبكة النفوذ” هذه.

من المهم اليوم، بعد سقوط بعوي، العمل على تفكيك شبكة النفوذ، فإذا كان المستوى الأول من “الاجتثاث”، هم النشاط الإجرامي المرتبط بالاتجار الدولي في المخدرات والتزوير وغيرها من الجنح والجنايات، فإن المستوى الذي يتبقى اليوم هو مستوى مرتبط في مجمله بما هو محلي وجهوي، والخاص بشبكة النفوذ.

 

شبكة النفوذ هذه يجب أن توضع اليوم أمام المبدأ الذي يردده الجميع كثيرا، ألا وهو مبدأ “ربط المسؤولية بالمحاسبة”، هذا المبدأ الذي يتطلب في الواقع مسائلة حقيقية.

 

لعل في مقدمة “شبكة النفوذ هذه”، بعض رجال السلطة الذين كانت دائما علاقتهم ببعوي محط الكثير من الأسئلة. واليوم من المهم التأكيد أن العديد من رجال السلطة لم يقوموا بواجباتهم في اتجاه ممارسة المهام الرقابية، بالخصوص في الجماعات الترابية التي كانت هي الأخرى يأتمر رؤسائها بأوامر بعوي. بل حتى على مستوى مجلس جهة الشرق من المفيد جدا البحث في “مسار الرقابة” على قرارات الرئيس والمجلس لدى سلطة المراقبة.

 

في المستوى الموالي لابد من ترتيب الأثر القانوني إزاء العديد من التصرفات و الممارسات الإدارية التي مارسها العديد من رؤساء الجماعات، فقط إرضاء لبعوي، خاصة فيما يتعلق “بالتماهي”، مع بعض التدخلات التي كانت تتم باسم مجلس جهة الشرق، في جماعاتهم.

 

المستوى الثالث وهو بالأهمية القصوى التي يجب أن يتجسد فيه بشكل جلي وواضح ذلك المبدأ، وهو المتعلق بالعلاقة مع “المصالح الخارجية”، وبالخصوص المصالح التي كانت تطرح مناقصات وصفقات بالملايير، نالتها شركته “بيوي للأشغال”.

 

هنا يتبادر إلى الذهن العلاقة التي كانت تربط بعوي بالعمران الشرق، كثيرون لم يفهموا حتى يوم الناس هذا العلاقة التي ربطت بينهما، والتي انتهت بعشرات الدعاوى القضائية التي رفعتها شركة بيوي على العمران الشرق و استصدرت أحكام لصالحها قيمتها الملايير من السنتيمات.

 

كان من الواضح جدا أن تلك الأحكام تفيد الاجبار في الأداء نظير الأشغال التي أنجزتها شركة بيوي لفائدة العمران، لكن ماذا لو كانت الأشغال المنجزة هي في نفس الوقت مشاريع تابعة للجهة فوتت إنجازها للعمران في إطار ما كان يعرف بالإشراف المنتدب، قبل أن تعمل العمران على تفويتها لشركة بيوي؟! 

 

حينها بلا شك سيكون الوضع مختلف، ويكون الوضع أكثر إثارة للشكوك، وما يعزز من التوجه في اتجاه التقصي في هذه العلاقة، الاستقالة او الاقالة المفاجئة لمدير العمران الشرق السابق، في خضم “سير الدعاوي” التي تحدثنا عنها.

 

مستوى “المساندون الخواص”، وهي شبكة واسعة من أصحاب الشركات الذين فوت لهم بعيوي في إطار مجلس جهة الشرق صفقات بالملايير، وسبق لـ”شمس بوست”، أن تتبعت مسار واحدة من هذه الشركات، وتبين نيلها في ظرف 7 سنوات أو أقل بقليل صفقات بنحو 14 مليار سنتيم!

 

والأمثلة في هذا المستوى عديدة، خاصة ما ارتبط بصفقات كوفيد التفاوضية، و الأشخاص الذين نالوها، ليتبين بما لا يدع مجالا للشك أن شبكة المصالح الخاصة هذه طوعا بعوي من أجل تثبيت سطوته في شبكة “النفوذ المحلية”.

 

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)