صفرو المغربية.. ماض عريق يؤهلها للسياحة

 

ـ تضم صفرو وسط المغرب أبوابا وأسوارا ومساجد تاريخية وواديا وشلالا وحدائق خضراء
ـ الباحث كمال المريني: كهف المومن بصفرو من أقدم الأماكن التعبدية بالعالم لكنه غير مصنف

 

كل شيء بمدينة صفرو المغربية يدل على عراقتها وتاريخها، أبواب كبيرة ترمز للشموخ، وممرات ودروب ضيقة تعكس الروح التي تسري في المدينة العتيقة.

متاجر ومحلات تتحدث وكأنها من ماض مشرق، وواد عميق يشق المدينة شاهدٌ على الماضي والحاضر، وجنبات أكثر جمالا عبر حدائق وشلالات وعيون تتدفق ماء.

يعود تاريخ صفرو إلى النصف الثاني من القرن السابع الميلادي، حيث ظهرت النواة السكنية الأولى على سفح مرتفع قريب من الشلال، سميت لاحقا بالقلعة، وفق موقع “جماعة صفرو”.

المدينة العتيقة

بمجرد الدخول إلى صفرو (وسط البلاد)، يلاحظ الزائر بروز المدينة العتيقة بسورها وبابها الأول “باب المقام” الذي يوجد مباشرة قبالة ساحة تحمل نفس الاسم.

وبعد الدخول من الباب توجد تفاصيل عن تاريخ عريق تظهر ملامحه في المتاجر والمنازل المتراصة واحدة تلوى الأخرى.

كمال المريني، الباحث في تاريخ صفرو، قال إن “المدينة تمتاز بمجموعة من المآثر التاريخية، بعضها لا يزال قائما، وآخر اندثر”.

وفي حديث للأناضول، أوضح المريني أن “من أهم المواقع التاريخية بالمدينة، مغارة كهف المومن، وهو من أقدم الأماكن التعبدية في العالم”.

ولفت إلى أن “هذا الموقع غير مصنف من طرف وزارة الثقافة كموقع أثري تاريخي”.

ومن بين مآثر المدينة أيضا، بحسب المريني، “الجامع الكبير، الذي أشار له الحسن الوزاني، في كتابه وصف إفريقيا، وكان يشتمل على مجموعة من التحف”.

ويتخلل المدينة مساجد عريقة تشهد على حضارات مرت وتركت بصمتها، وتضم أيضا أبوابا وأسوارا، ومساجدا مثل الشباك والسمارين، وفق المتحدث.

ويضيف: “ومن التراث الذي تُعرف به المدينة، حينما كان المؤذن يهلل قبل صلاة الفجر، يتجاوب معه الحاخام بحي الملاح (الحي الذي كان يقطنه اليهود)، وهذا الأخير لم يعد قائما، وكان يضم 7 بِيع (أماكن عبادة)، ولم يتبق أي منها، ومن ضمن من مر به الربيش رافاييل موشيباز، الذي له 26 مؤلفا حول اليهودية”.

حديقة كبيرة

مدخل صفرو، وجنباتها تزخر بالحدائق والأشجار، خاصة أن وادي “أكاي” يمر داخل المدينة، وتتفرع عنه قنوات مياه في كل الاتجاهات.

صبيب الماء في وادي “أكاي” تراجع بشكل كبير، وهو ما يثير تخوف الساكنة لأنه بمثابة الروح التي تحيي حدائق وحقول وأشجار المدينة.

ولعل المناطق الخضراء بالمدينة وجنباتها جعلها تحمل لقب “حديقة المغرب”.

وغير بعيد عن صفرو، وقريبا من بلدة البهاليل، توجد عيون ماء متدفق تعتبر المصدر الرئيسي لواد أكاي، حيث يقوم بعض الأفراد بقضاء وقت ممتع بجانبها.

ماض مشرق

ووصف المريني، ماضي المدينة بالمشرق، خاصة أن الناس كانوا يعيشون في رفاه.

كما أشار إلى ذلك عدد من المؤلفين، مثل “شارل دو فوكو” (راهب وكاتب فرنسي) في كتابه “وصف إفريقيا”، والفرنسية سيدوني كوليت، في كتابها “نوت ماروكان”.

ومرد هذا الماضي المشرق، بحسب المريني، إلى “التوازن ما بين المجالين الزراعي والحضري، لأن المدينة في السابق كانت مركزا لضمان مرور القوافل التجارية، فضلا عن توفرها على عدد من المباني الفنية والرياضية”.

وأوضح المريني أن صفرو كانت بلدية منذ 1917، خاصة أنها تمتاز بالإنتاج الزراعي، حيث كان تنظم مسابقات بين المزارعين منذ ذلك الحين، توجت بمهرجان حَب الملوك (الكرز) الذي يعد أقدم مهرجان في البلاد.

وتابع: “عام 1972 كانت المدينة تضم 6 فنادق و4 مسابح وملاعب التنس والسلة والحديدية وكرة القدم، فضلا عن احتضانها لملتقيات رياضية مثل سباق السيارات والدراجات، خاصة أنها كانت تضم مدار سياحي ومخيما”.

وقال الباحث: “كما كانت تضم قاعتي سينما وعددا من الفنادق، في حين حاليا تضم المدينة مسبحا واحدا، ولا تضم قاعة سينما أو مخيما”.

ووضعت متاجر بالمدينة العتيقة لصفرو، لافتة “للبيع” على الواجهات، وهو ما يشكل ناقوس الخطر لمكان عريق يحمل بين ثناياه الكثير من الذكريات والحكايات.

وتأسف المريني، لعدم زيارة المواطنين أو الأجانب المدينة، رغم ما تزخر به من أسوار ومدينة عتيقة وشلال جميل، وعلى مقومات لتتحول إلى مدينة سياحية، متسائلا: “لماذا لا تستثمر المدينة هذه الإمكانات؟”.

الأناضول

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)