افتتاحية..رسائل لفتيت وواقع جهة الشرق مع الوالي الجامعي

مما قاله وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، في كلمته خلال حفل تخرج الفوج الثامن والخمسين للسلك العادي لرجال السلطة، الذي نظم بالمعهد الملكي للإدارة الترابية بالقنيطرة، أنه يتعين على رجل السلطة أن يكون في طليعة الفاعلين الترابيين من حيث تقديم النموذج الذي يحتذى به في الوقوف اليومي على السير العام لجميع المشاريع والبرامج التنموية وتعزيز سياسة القرب.

وأبرز وفق ما نقلته وكالة المغرب العربي للأنباء “أن الحضور الفعلي لرجل السلطة في مجال اختصاصه أمر لا محيد عنه ولا يمكن لأي كان الحلول محله، لأن وظيفته لا تنحصر في التدبير الإداري للمرفق الذي يشرف عليه بل يتجاوزها إلى التدبير الميداني والمواكبة لانشغالات ومطالب الساكنة”.

مباشرة بعد إطلاع أي مواطن وجدي أو في جهة الشرق على هذا الكلام، من المرجح جدا أن يتبادر إلى ذهنه أداء والي جهة الشرق وعامل عمالة وجدة أنجاد معاذ الجامعي، ويحاول إجراء إسقاط بسيط لكلام وزير الداخلية على واقع حال الجهة.

من الناحية النظرية كلام السيد وزير الداخلية لا غبار  عليه، فهو يرمي إلى تكريس صورة “المفهوم الجديد للسلطة” وهو المفهوم الذي نادت أعلى سلطة في البلاد بتكريسه منذ سنوات، لكن واقع الحال ماذا يقول؟

واقع الحال يقول وبمنتهى البساطة أننا عشنا في الجهة وفي عمالة وجدة أنجاد ما يشبه “الفراغ” لـ6 سنوات بالتمام والكمال، وسنبرز بعض المؤشرات التي تكرس هذه الصورة بجلاء.

منذ تعيين الوالي الجامعي على رأس هذه الولاية وهو يكرس في الواقع عكس ماء جاء في خطاب وزير الداخلية، فإن كان لفتيت تحدث عن أن رجل السلطة في طليعة الفاعلين الترابيين الذين يقفون بشكل يومي على السير العام لجميع المشاريع والبرامج التنموية وتعزيز سياسة القرب، فإن الجامعي لا تكاد تعثر له عن صورة وهو يتابع ما ينجز. أما إذا كان سبب الغياب عن الميدان هو غياب المشاريع التي يمكن أن يتابعها أصلا فتلك قصة أخرى، بل دعونا نقول أنها طامة كبرى، إذ أن ذلك يعني أن دور الوالي على هذا المستوى لم يعد مطروحا ولا فائدة منه ووجب على وزير الداخيلة مراجعة الأمر بجدية.

في حين أن الواقع يقول أنه وبالرغم من “التراجع” التنموي الملحوظ، وبالرغم من محدودية المشاريع التي يمكن للوالي أن يكون مسؤولا عنها مباشرة، فإنه على الأقل من باب ممارسة اختصاصه كمنسق بين المصالح الخارجية وممثلا للحكومة أن يتابع سير المشاريع التي تنجزها هذه المصالح، والواقع يقول أن الوالي غائب تماما عن الميدان.

أما تعزيز سياسة القرب التي تشكل عصب المفهوم الجديد للسلطة، فهي بمثابة “الاشاعة” عند السيد الوالي، فإن كانت سياسة القرب تعني الاطلاع عن كثب على ما يعيشه المواطن من مشاكل ويستقبل مختلف الفئات التي تتقدم بطلبات اللقاء لعض مشاكلها التي تتخبط فيها، فإن الواقع المعزز بتصريحات الذين سبق لهم و أقدموا على محاولات طلب لقاءات معه تؤكد أن الجامعي يوصد أبواب مكتبه باحكام، فعن أية سياسة للقرب تتحدث في حالة وجدة والشرق السيد وزير الداخلية؟

حتى المصالح الخارجية التي توجد نصوص صريحة بمسؤوليته في تنسيق الأعمال بينها، لا يجمعها السيد الوالي. فرغم كل الأزمات التي تتخبط فيها المنطقة على جميع المستويات، لم نسمع يوما بعقده لقاء جمع كل المتدخلين والأطراف المعنية بهذا الواقع لدراسته على الأقل ورفع التوصيات الممكنة إلى الحكومة التي هو مندوبها في الجهة.

الغريب في الأمر أن الوالي رغم كل هذا، لا يجد حرجا في الاحتفاء بإنجازات أنجزت قبل سنوات، بعد الخطاب الملكي التاريخي لـ18 مارس 2003. وللأسف العديد من تلك المنجزات طالها الإهمال وغدت غير مشرفة للناظر إليها وليس أقلها ما شهدته المدينة من تهيئة حضرية لساحاتها وشوارعها وحتى وضعية بعض المرافق المنجزة في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية. كل هذا لم يقدم السيد الوالي أي إنجاز يمكن يشفع له في هذا الاحتفاء الذي كان الجميع ينتظر أن يتم بإطلاق مشاريع حقيقية، وفي أقل تقدير تقديم حصيلة ما أشرف عليه وأنجزه السيد الجامعي، لكن لا شيء من هذا كان، وكل ما في الأمر احتفالات لرفع الأسهم لدى المسؤولين المركزيين في الرباط في سياق الحديث عن حركة رجال السلطة المرتقبة.

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)