جمال عثماني.. طائر مغربي جريح يطارد النظام الجزائري منذ 47 سنة

حلت اليوم الخميس 8 دجنبر الذكرى 47 لترحيل مئات الألاف من المغاربة من الجزائر (تشير بعض التقديرات إلى أن عددهم بلغ 350 ألف)، في المسيرة التي أسماها حكام الجارة الشرقية حينها بالمسيرة “الحكلا”، والتي جائت كرد فعل منهم على إقدام الملك الحسن الثاني، على تنظيم المسيرة الخضراء لاسترجاع باقي الأقاليم الجنوبية للمملكة.

 

في كل سنة يتذكر من بقي على قيد الحياة من المغاربة ضحايا الترحيل التعسفي من الجزائر، بألم شديد تلك اللحظات التي سيقوا فيها إلى الحدود، كما تساق البهائم إلى المجازر.

 

قصص هؤلاء تتشابه كثيرا، إذ أغلبهم اقتيدوا عنوة إلى الحدود، وفي كثير من الأحيان دون السماح لهم حتى بارتداء ملابسهم.

 

وجدوا أنفسهم أمام حالة مفزعة، لم يتوقعوها من نظام ساهم المغاربة إلى جانبه للتحرر من الاستعمار الفرنسي، فأخر ما كان يتوقعه هؤلاء المغاربة هو أن يكون رموز النظام الذين كانوا يتخذون من مدن شرق المغرب قاعدة للعمل ضد الاستعمار الفرنسي، هم أول من ينكل بهم ويقتادهم إلى الحدود، فقط انتقاما من الخطوة التي أقدم عليها المغرب اتجاه وحدته الترابية.

 

في كل سنة يتأبط جمال عثماني وهو واحد من المغاربة المطرودين من الجزائر، حقيبة العائلة التي طرد معها وهو طفل صغير، ويتوجه إلى مقر القنصلية الجزائرية بوجدة للوقوف إحتجاجا على ما طاله وطال عائلته وألاف المغاربة، كما حدث اليوم بوقفه أمام هذه القنصلية.

 

يقف جمال وتقاسيم وجهه تعبر عن الكثير من الحسرة والمرارة، بما لحق به، وهو الذي تأبى ذاكرته نسيان كل تلك المعاناة.

 

“هذه الوقفة بمناسبة مرور 47 سنة على عملية الترحيل التعسفي للمغاربة من الجزائر سنة 1975 لتمرير الخطاب للنظام الجزائري عبر قنصليته” يقول عثماني في تصريح لشمس بوست.

 

“هذه القضية لا يطالها التقادم، قبل أن تكون جريمة سياسية هي جريمة جنائية لن يطالها التقادم” يقول عثماني وهو يعبر عن اصراره الاستمرار في الاحتجاج على النظام الجزائري إلى حين تحقيق المطالب التي يسعى إليها الضحايا.

وزاد مذكرا بتفاصيل الترحيل الذي حدث قبل 47 عاما، والتي وشمت في ذاكرته،  “بعد المسيرة الخضراء التي نظمها المغرب لإسترجاع أقاليمه الجنوبية وهي المسيرة التي أصابت النظام الجزائري بالسعار، قام النظام الجزائري بعملية الترحيل للمغاربة في ظروف لا أخلاقية ولا انسانية”.

 

وأضاف في نفس الإطار ” لم يحترموا أحدا، لا المرأة الحبلى و لا المعوق ولا الشيخ ولا المرأة، اقتادوا الجميع إلى مخافر الشرطة وجردونا من كل ممتلكاتنا”.

 

وطالب عثماني من الجمعيات والهيئات الحقوقية بالدخول على خط هذا الملف، لتسليط الضوء عليه، مشيرا في نفس الوقت أن هذا الملف له ارتباط وثيق بملف الصحراء المغربية، إذ أقدم النظام الجزائري على اقتراف هذه الجريمة مباشرة بعد قيام المغرب بالمسيرة الخضراء.

 

وأشار عثماني إلى أن المغاربة المرحلين لم تشفع لهم الأعمال الجليلة التي أسدوها للثورة الجزائرية، إذ لازال الأيتام وأرامل الشهداء والمعطوبين شهداء على مساهمة المغاربة الكبيرة في هذه الثورة.

 

و يؤكد عثماني أن الترحيل كانت له تداعيات كثيرة على المرحلين، لم تتوقف عند تجريدهم من كل ممتلكاتهم وما تعرضوا له من اهانة و اعتداء على يد النظام الجزائري، وإنما تعدت إلى ما هو نفسي وعقلي اذ لا تزال المعاناة مستمرة على هذا المستوى.

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)