الضيعات الايكولوجية…مبادرة في الريف لإحياء عادات الغذاء الصحي ومواجهة التغيرات المناخية 

الضيعات الاكولوجية بالريف

 

منذ أربع سنوات تقريبا بدأت دينامية جديدة بمنطقة الريف، تتوخى إيقاظ الحس الايكولوجي وإستعادة التنوع البيولوجي و عادات الغذاء الصحي، وعموما إحياء نمط الزراعة المستدامة، العمود الفقري للنشاط الزراعي الذي كان الأجداد يمارسونه في المنطقة في العقود الغابرة.

 

الواقع أن هناك محاولات كثيرة ومتعددة ومستمرة تصب في مجملها نحو التحسيس البيئي، غير أن الدينامية الجديدة مرّت إلى السرعة القصوى من خلال تنزيل مشاريع عملية لاعادة “أمجاد” هذا النمط الزراعي الكفيل بمواجهة كل التغيرات الحاصلة، وبخاصة التغيرات المناخية وأثارها على المعيش اليومي للسكان.

 

بدأت هذه الدينامية بشكل جلي مع مؤسسة ريفوريست RIFOREST، وهي مؤسسة مدنية تأسست في هولندا، من قبل هولنديين ومواطنين مغاربة ينحدر عدد منهم من منطقة الريف، هدفها غير ربحي، تسعى لتعزيز الحضور الإيكولوجي في الحياة اليومية للناس.

هذه المؤسسة أخذت على عاتقها في السنوات الماضية تمويل وتنظيم حملات للتشجير بالأغراس المثمرة في عدد من مناطق الريف، استفاد منها مزارعون بسطاء، كان الهدف منها إحياء نمط الاستغلال البسيط المحكوم أصلا بطبيعة الأراضي الفلاحية، و إحياء مجموعة من الأراضي التي أضحت مهملة بالاعتماد على التشجير المتنوع و فق الضوابط العضوية.

 

الواقع بعد هذه المبادرة، تبين أن هناك حاجة لمواكبة محلية لاطار مدني يعمل بنفس الأهداف، ويكون حلقة الوصل بين المؤسسة والجمعية المحلية، وهو ما توج بتشكيل جمعية “بيرما ريف PERMA-RIF” للزراعة المستدامة، وهي جمعية تأسست في الثالث من يولويز 2021. 

 

بعد أشهر قليلة من تشكيل الجمعية الجديدة، أطلقت في نهاية سنة تشكيلها سلسلة من عمليات التشجير، إذ تمكنت بالتنسيق مع “ريفوريست” من غرس حوالي 20 شتلة لمختلف الأنواع.

 

الضيعات الإيكولوجية

 

في لقاء سابق لرئيس جمعية “بيرما ريف” عبد الرفيع العدناني، أكد أن هدف الجمعية بعد عملية التشجير التي أنجزتها خلال السنة الماضية والسنة الجارية، في القادم من السنوات هو بلوغ غرس مليون شجرة مثمرة في الريف.

بالقدر الذي يظهر فيه هذا التحدي كبيرا، بالقدر الذي يظهر أن هناك رغبة جامحة لدى المعنيين ببلوغه في السنوات المقبلة، وهو ما يؤكده مرور الشركاء إلى المرحلة الثانية من العمل المشترك والمتمثلة في دعم و غرس 100 ضيعة إيكولوجية في الريف، وفق ما أكده عبد الرفيع العدناني في تصريح لشمس بوست.

 

وأضاف أن الضيعة الأولى التي جرى تدشين العمل فيها في الأسابيع القليلة الماضية، تتعلق بضيعة لأحد المزارعين بمنطقة “ايشت تايا” التابعة ترابيا لجماعة سيدي علي بورقبة بإقليم تازة.

 

وتمكنت الجمعية وشريكتها ريفوريست من غرس نحو 675 من الأشجار المثمرة و العطرية من مختلف الأصناف والأنواع. بالإضافة إلى إنشاء العديد من السواقي التقليدية للحفاظ على الماء وتجميعه، والعديد من التقنيات الأخرى الكفيلة بتغذية التربة.

في هذا الإطار وخلال تفقد هذه الضيعة من قبل العدناني ورئيس جمعية ريفوريست عبد العزيز كعواس، أكد هذا الأخير أنه تم اعتماد نظام تنويع الأشجار، بالنظر إلى أن التنويع إلى جانب ما يضمنه من تنوع في الإنتاج بالنسبة للمزارعين المحليين، فهو يضمن أيضا تفادي العدوى في حالة وجود أمراض لدى بعض الأصناف.

 

ولمواجهة ضعف التربة الذي هو واحد من انعكاسات التغيرات المناخية، أشار الناشط البيئي إلى أنه إلى جانب الغرس تم إنجاز بعض الأعمال والتقنيات التي ستضمن عدد من المكونات العضوية الضرورية، عن طريق وضع بعض الأعشاب المغذية.

 

هذا المستوى الثاني من العمل، كان لابد أن يؤسس له أيضا من خلال توسيع الشراكة بين المؤسستين، وهو ما تم بتوقيع اتفاقية شراكة بين الجمعيتين تهدف إلى تطوير عمليات توزيع شتائل الأشجار، ودعم نماذج من الضيعات الايكولوجية، واطلاق حملات تحسيسية وتوعوية حول الممارسات الصديقة للبيئة والطبيعة بكل مكوناتها.

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)