هل ينهي التمويل التعاوني معاناة الشباب والشركات الصغيرة مع مصادر التمويل بالمغرب؟

 

يعاني حاملو المشاريع، خاصة الشباب المنتظمين في الشركات الصغيرة جدا والصغيرة،  من ضعف التمويل، وهو الأمر الذي يؤدي بالعديد من الشركات إلى الإفلاس، وتشير أرقام مكتب “انفو رسك”، المتخصص في الدراسات الاقتصادية وتقييم المخاطر، في آخر تقرير له نشر سنة 2018، إلى أن نسبة الشركات المفلسة زاد بنسبة 12 في المائة ليبلغ عددها 8020 شركة.

 

التمويل التعاوني

 

لعل السؤال الذي يطرح نفسه اليوم، في ظل المستجدات الطارئة على تمويل المشاريع وعمل الشركات، هو هل يمكن للتمويل التعاوني أن يحل المشاكل التي عجز التمويل التقليدي عن حلها؟

 

قبل ذلك، لابد من إبراز الخصوصية التي يتميز بها هذا التمويل،  والتي لا يمكن توفرها في غيره.

 

هذا التمويل كما سبق لوزير المالية أن أكد، هو آلية جديدة لتمويل المشاريع من خلال جمع تمويلات عموما بمبالغ محدودة، مباشرة لدى جمهور واسع، بهدف تمويل المبادرات المبتكرة ودعم تنمية المشاريع الاجتماعية والثقافية والابداعية.

 

وسيلة التمويل هاته تشتغل حسب المذكرة، عبر منصات للانترنت تمكن من إنشاء علاقة مباشرة وشفافة بين حاملي المشاريع والمساهمين.

 

 وتشمل أنشطة التمويل التعاوني ثلاث أدوات تمويل، وهي القرض والاستثمار والمنح، كل ذلك من أجل تعزيز الشمول المالي، لدى فئة حاملي المشاريع الصغيرة، ودعم التنمية الاقتصادية، وكذا توجيه الادخار نحو فرص جديدة للتمويل.

 

ويتضح من فصول هذا القانون أن الغرض هو تعبئة مصادر تمويل جديدة لفائدة الشركات الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة، وكذا للشباب حاملي المشاريع المبتكرة، المشاريع الفعالة لمغاربة العالم في تمويل مشاريع للتنمية من خلال آلية تمويل بسيطة وأمنة وشفافة، و دعم المجتمع المدني في تمويل المشاريع ذات الأثر الاجتماعي العالي والمساهمة في التنمية البشرية.

 

متنفس للشباب

 

لعل أكثر ما يثير إهتمام المستثمرين وبالخصوص الشباب منهم، هو قدرة الالية الجديدة على التوسع في التمويل، فالأمر لا يقتصر على تمويل المشاريع التي تتوخى دائما العائد المالي، لكن هي أيضا متنفس للشباب حاملي المشاريع الابتكارية والابداعية.

 

فيما مضى، و قبل تشريع قانون التمويل التعاوني كان من الصعب الحصول على تمويلات أو استثمارات، هذا إذا لم نقل من شبه المستحيلات، وكان البنك هو تقريبا الحل الوحيد، لكن نظرا للإجراءات الكثيرة والتي تأخذ وقتا كبيرا وأيضا نسبة المخاطرة المرتفعة دائما مصيرها الرفض من طرف البنك.

 

وفي هذا الصدد، يذكر بعض رواد الأعمال، بالتجارب الناجحة التي عرفتها العديد من المناطق في العالم، إذ أن العديد من المشاريع الإبتكارية في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، والتي لاقت نجاحا كبيرا وأصبحت قيمتها في السوق المالية مرتفعة بدأت عن طريق منصات التمويل التعاوني.

 

هذه السلاسة في إمكانية النفاذ إلى التمويل حسب العديد من المختصين، ستكون له أثر واضحة كما هو الشأن لمحمدي البكاي، أستاذ الاقتصاد بجامعة محمد الأول بوجدة ، على إدماج العديد من القطاعات المنتظمة في الشركات الصغيرة جدا والصغيرة ضمن النسيج التنافسي للاقتصاد المغربي.

 

فروق أساسية

 

وإذا كانت الشركات الصغيرة ترى في القانون الجديد، متنفس لها ينهي كابوس التمويل التقليدي، لقدرته على الانخراط في تمويل مشاريعهم رغم ارتفاع نسب المخاطر، فالواقع أن هذا التمويل هو أشمل ويحدث فروق أساسية.

 

ويؤكد البكاي محمدي، أن التمويل التعاوني وفق ما هو ظاهر من اسمه، يعتمد على مساهمة الجميع، لدعم وتنمية المشاريع بشروط مرتبطة بالأثار المنتظر لهذه المشاريع في حين أن مؤسسات التمويل التقليدية، تربط تمويلاتها  بالمردودية المالية المباشرة أي أساس الربح والخسارة.

 

لكن يبقى التمايز الأساسي فيه، كونه يتيح تمويل مشاريع بقروض بدون فائدة، سواء كانت ربحية أو غير ربحية،  لها أثر اجتماعي، وهذا فرق يحفز بالدرجة الأولى جمعيات المجتمع المدني التي لا يمكنها أخذ تمويلات عن مشاريعها الاجتماعية، وتواجه أيضا صعوبات قانونية في التماس الإحسان العمومي (جمع التبرعات)، وأيضا تمكين المبدعين حاملي المشاريع من النفاذ إلى التمويل.

 

النصوص التطبيقية

 

وفق تعبير القانونيين، فإن القوانين تأتي دائما كاجابات عن إشكالات مطروحة، ولا تشرع عبثا، وإذا كان المشروع الجديد يتوخى ضمان مصادر التمويل فإنه يأتي أيضا في سياق سيرورة قانونية ضمنها اقرار قانون جديد لبنك المغرب وأيضا إقرار العمل بالبنوك التشاركية (الإسلامية)، والتأمين التكافلي المرتبط بها.

 

لكن يأتي أيضا حسب النائب عن فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، عبد الله هامل، كأجابة عن الإشكالات المرتبطة أيضا بالسلفات الصغرى، ونظام المقاول الذاتي، وهو نظام يمكن الأفراد من تقديم خدماتهم كمقاولات بنسب ضرائب منخفضة.

 

وتظل المعركة اليوم، بعد إقرار القانون، هي السعي إلى إخراج النصوص التنظيمية المرتبطة به، والتي نص عليها القانون نفسه، حتى لا يبقى هذا القانون جسدا بدون روح، فهذه النصوص التي ستنكب على إعدادها الحكومة هي الكفيلة بتفصيل بعض المواد وتبرز القوالب التنزيل العملي للقانون.

 

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)