تجاوزت في صبرها كل الحدود..”مي يامنة”.. مُسنّة من ذوي الاحتياجات الخاصة دفعتها العِفّة وقساوة الحياة إلى بيع الحلويات بغابة بوجدة

 

 

تجاوزت في صبرها كل الحدود، وفي عفّتها كل الأفاق وفي كرامتها وقناعتها بالقليل كل التوقعات، فاتخذت لجلب قوتها اليومي مصدر رزق حلال مستغنية عن التسول رغم كبر سنها، تمسح حزنها بابتسامة لا تفارق مُحياها، لا تترك من يقصدها لإقتناء حلوى او “كلينيكس” دون أن ترسم على وجهه ضحكة عبر مستملحاتها التي لا تنتهي.

 

هكذا هي “مي يامنة”، المرأة الستينية التي تعاني من إعاقة حركية وتعيش وحيدة، في حي سيدي معافة الهامشي بوجدة داخل منزل شبهته المسنة في تصريح لها لشمس بوست “بالاسطبل”، قبل أن تخرج منه في الصباح الباكر لتقصد منتزه سيدي معافة، بعربتها بحثا عن الزبناء الذين يُعدّون على الأصابع، لتعود المسنة في المساء منهكة القوة بدريهمات قليلة لا تتجاوز 30 درهما كأقصى تقدير “.

 

استهلت المسنة حديثها مع شمس بوست، عن ظروفها القاهرة التي دفعت بها لتصبح بائعة متجولة بواسطة عربة، صغيرة تضم حلويات لايتعدى رأسمالها 200 درهم بالقول: “غي لي بانتلي فيها الدرهم ديال لحلال نديرها، خدمت في المقاهي، خدمت فالميناج، وملي شرفت وماقدرتش راني دايرة هاذ الكريريسة نترزق فيها الله”.

 

تسترسل “مي يامنة” كما يطلق عليها زبناؤها احترما للشيب الذي وخط رأسها والذين يشفقون عليها بين الفينة والأخرى عبر أخذ مقتنيات بسيطة منها بثمن بسيط” أنا هنا في هذه الغابة منذ حوالي عشر سنوات”.

 

“قصتي بدأت منذ أن توفيت والدتي التي كانت سندي الوحيد لأجد نفسي بعدها أعيش وحيدة في شبه منزل يشبه اسطبل الحيوانات..وكلما سقطت الأمطار أقضي ليلتها تحت غطاء بلاستيكي الذي يحميني من السيول التي تتدفق من كل زاوية في هذا المسكن البسيط الذي ورثته عن والدي” تضيف مي يامنة.

 

وتزيد مي يامنة باكية من شدة القهر “أتمنى حينها لو أملك فقط سقفا يحميني، فكما قلتت فأنا أملك اسطبل لا سقف له وجدرانه متأكلة، تتسبب لي كل مرة في تعميق معاناتي التي لا تنتهي والتي أحمد الله عليها”.

 

وزادت قائلة “الأن أعيش وحيدة بدون أقارب منذ أزيد من عشر سنوات، وليس لي إلا الله وزبنائي وبعض الجيران الذين يشفقون عليا لشراء بعض المقتنيات من هذه الكروسة التي تعتبر مصدر قوتي اليومي .. شي مرات نجيب 20 درهم، ومرات 30 درهم فالنهار، عايشا وصافي” تتوقف برهة بعد أن غلبتها الدموع مرة أخرى.

 

واسترجعت أنفاسها من جديد لتضيف: “ما نرضاش نمد يدي باش نطلب، قانعة بهاذ شي لي عطالي الله”،  والشيء الوحيد الذي تتمناه “مي يامنة” بعد إلحاح شمس بوست لمعرفة أمنيتها الأخيرة: “كون لقيت غي باش نصايب دويرتي نديرلها سقف” حتى أقضي فيها ما تبقى من حياتي مستورة..وأن أملك عربة كبيرة على هذه”.

إلى هنا تركنا “مي يامنة”، لتقضي باقي يومها قرب عربتها في انتظار ما تجود به أيادي زبنائها التي لا تتعدى دريهمات قليلة، وبين سقف حلمها الذي لا يتجاوز ترميم سقف منزلها المهترئ، والذي تتمنى أن تعيش فيه خريف عمرها مثل باقي البشر.

وتركت “مي يامنة” رقم هاتفها للموقع ، لعل قصتها المريرة تنتهي الى جمعية مهتمة أو محسن من ذوي الايادي البيضاء لتحقيق حلمها قبل تموت.

رقم “يامنة هفوري”0676959478

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)