بعد شهر على الزلزال.. مغاربة يترقبون الشتاء بحذر

 

*ساهمت السلطات المغربية إلى جانب الجمعيات غير الحكومية، في عمليات التضامن وإيصال المساعدات للمناطق المتضررة منذ اليوم الأول للزلزال.
*الحقوقي المغربي منتصر إثري للأناضول:
– ما ينقص المناطق المتضررة هو إعادة الإعمار والبناء بطريقة عصرية، مع الحفاظ على الموروث الحضاري والثقافي
– نتمنى الإسراع في إعادة البناء والإعمار وإيواء المتضررين في أقرب وقت، خصوصا ونحن على أبواب الشتاء
بعد شهر على الزلزال المدمر الذي ضرب المغرب، يجد أهالي المناطق المتضررة أنفسهم ما بين حالة من الفرح، بسبب حجم التضامن الكبير للمغاربة، إلى جانب الدعم الرسمي، وحالة من الترقب بسبب نمط العيش بالخيام، مع اقتراب فصل الشتاء، وعدم انطلاق عملية البناء وإعادة الإعمار.

وفي 8 سبتمبر/ أيلول 2023، ضرب زلزال مركزه إقليم الحوز، بقوة 7 درجات عدة مدن منها العاصمة الرباط والدار البيضاء ومكناس وفاس ومراكش (شمال)، وأغادير وتارودانت (وسط)، مخلفا 2960 وفاة و6125 إصابة، إضافة إلى دمار مادي كبير، وفقا لبيانات وزارة الداخلية.

تضامن

ساهمت السلطات المغربية إلى جانب الجمعيات غير الحكومية، في عمليات التضامن وإيصال المساعدات للمناطق المتضررة منذ اليوم الأول للزلزال.

وتنوعت أنشطة الجمعيات غير الحكومية ما بين نصب الخيام، والبيوت المؤقتة، وتوزيع المساعدات (المواد الغذائية والفرش)، فضلا عن بعض الخدمات الاجتماعية الأخرى.

ومن بين هذه الجمعيات، جمعية أفتاس للتنمية والتضامن، ومبادرة “عملية أطلس” التي تضم عددا من الجمعيات غير الحكومية، ومؤسسة بسمة للتنمية الاجتماعية، وجمعية إحياء.

وأشاد منتصر إثري، الحقوقي المغربي في قرية تنصاغرت (إحدى القرى المتضررة شمال المملكة )، بالدور “الكبير” الذي قام به المجتمع المدني.

وقال في حديث مع الأناضول: “لا يمكن لأحد أن ينكر حجم التضامن والتلاحم الكبير الذي قدمه المجتمع المدني، وحجم المساعدات الغذائية والإنسانية، والقوافل المحملة بمختلف المواد التي قدمت للمناطق المتضررة”.

واعتبر أن هذه النكبة “فرصة أخرى لتأكيد قيم التعاون التي يتميز بها الشعب المغربي”.

وأوضح أن المجتمع المدني في القرى والبلدات المنكوبة “كان في المستوى المطلوب، وصلة وصل بين السكان والقوافل المُتضامنة والسلطات ووسائل الإعلام الوطنية والدولية”.

وفيما يتعلق بالدعم الحكومي، لفت إلى أن “المنحة المالية المتعلقة بدعم الأسرة المتضررة لإعادة البناء وإصلاح ما دمره الزلزال، مُنصفة للبعض ومُجحفة في حق البعض الآخر، لأنه مثلا هناك أسر فقدت منازل تتجاوز قيمته المنحة المخصصة بكثير”.

وفي 6 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بدأ المغرب صرف ‏مساعدات عاجلة ‏بقيمة 2500 درهم (250 دولارا) شهريا لمدة عام كامل، لفائدة الأسر التي انهارت منازلها جزئيا أو كليا، لتجاوز أضرار الزلزال.

ويُنتظر أن تقدم السلطات المغربية أيضا في دعم آخر، مساعدة مالية مباشرة بقيمة 140 ألف درهم (نحو 14 ألف دولار)، لأصحاب المساكن التي انهارت بشكل تام، و80 ألف درهم (نحو 8 آلاف دولار) لتغطية أشغال إعادة تأهيل المساكن التي انهارت جزئيا، بحسب الديوان الملكي.

الحاجة لإعادة الإعمار

أفاد عدد من أهالي المناطق المتضررة، أن عملية إعادة البناء والإعمار لم تنطلق بعد.

واعتبر إثري، أن ما ينقص المنطقة هو إعادة الإعمار والبناء بطريقة عصرية، مع الحفاظ على الموروث الحضاري والثقافي والبناء التقليدي الأصيل.

ولفت إلى أن “المنطقة اكتفت من المساعدات الغذائية، لكن هناك توجس وخوف من القادم، وهناك حاجة ماسة إلى الخيام والأغطية”.

وأضاف: “رغم مرور شهر تقريبا على الكارثة، إلا أن مشاهد الخراب والدمار وكذلك الدمار النفسي والبكاء هو السائد”.

وتابع: “نتمنى الإسراع في إعادة البناء والإعمار وإيواء المتضررين في أقرب وقت، خصوصا ونحن على أبواب فصل الشتاء”.

تنمية منتظرة

يأمل سكان المناطق المتضررة البدء بالتنمية في مواجهة حجم الدمار الهائل الذي خلفه الزلزال.

وأكد حزب التقدم والاشتراكية ( يساري معارض)، على ضرورة تحويل محنة الزلزال إلى فرصة لتحقيق قفزة تنموية حقيقية على صعيد مختلف مناحي الحياة والمجالات القروية الجبلية.

وفي بيان للحزب صادر يوم 4 أكتوبر/ تشرين الأول الحالي، أكد أن برنامج تأهيل مناطق الزلزال الذي أطلقته الحكومة، مخطط تنموي وجيه يستلزم توفير كافة شروط نجاحه وتوسيعه.

وعن ذلك قال إثري “إن المساهمة في تنمية المناطق المتضررة من الزلزال، يمكن أن تكون عن طريق بناء وتجهيز مستشفيات ومدارس وملاعب لأبناء القرى، وخلق فرص شغل للمواطنين ودعمهم ومواكبتهم”.

وتابع: “كما يمكن التنمية من خلال تشييد مصانع، وابتكار طرق جديدة لتنمية المنطقة، مع الاعتناء بالأسر الأكثر تضررا ومواكبتهم من أجل إعادة إدماجهم في الديناميكة التنموية”.

تحركات رسمية

وفي 20 سبتمبر 2023، أعلن الديوان الملكي تخصيص مبلغ 120 مليار درهم (12 مليار دولار) خلال 5 سنوات مقبلة، لتحقيق التعافي من الزلزال، تتعلق بستة أقاليم، وهي مراكش، والحوز، وشيشاوة، وأزيلال، وورزازات (شمال)، و تارودانت (وسط).

وبعد الزلزال، أعلنت الحكومة المغربية، فتح حساب خاص لدى الخزينة وبنك المغرب (المركزي) بهدف تلقي المساهمات التضامنية من المواطنين والهيئات الخاصة والعامة.

و حتى نهاية سبتمبر الماضي، بلغت تبرعات المساهمين في الحساب البنكي المخصص للمتضررين من الزلزال، أكثر من 10 مليارات درهم (حوالي مليار دولار).

وفي 27 من الشهر ذاته، صادقت الحكومة المغربية على إحداث وكالة مخصصة أسمتها وكالة “تنمية الأطلس الكبير”، تعنى بتنفيذ برنامج إعادة البناء والتأهيل العام للمناطق المتضررة من زلزال الحوز، وهي قيد المناقشة في البرلمان، وبعد نشر المشروع بالجريدة الرسمية سيدخل حيز التنفيذ.

كما شيدت القوات المسلحة الملكية (الجيش) 4 مستشفيات عسكرية بالمدن المتضررة لاستقبال الجرحى، على غرار مدينة تارودانت (وسط) وأمزميز (شمال).

ووفق إحصاءات رسمية، تضرر من زلزال المغرب 2.8 مليون نسمة ونحو 2930 قرية، بينما انهار 59 ألفا و675 مسكنا، منها 32 بالمئة تهدمت كليا.

الأناضول

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)