لماذا “يهدد” أبو زيد حكومة العثماني أكثر من بن كيران؟

قبل ساعات من الاجتماع الذي عقده رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، مع أعضاء فريق حزبه بمجلس النواب، قبل أسبوعين، حول مشروع القانون الإطار الخاص بالتربية والتكوين، خرج عبد الإله بن كيران بتصريحات قوية دعا من خلالها النواب، بالوقوف في وجه هذا المشروع بصيغته الحالية، بل طالب العثماني ألا ينال عار فرنسة التعليم بعد أن نال الاستقلاليون شرف التعريب، إن هو أمر القانون بصيغته الحالية.

 

في اليوم الموالي، إعتقد العديد من المتابعين بأن بن كيران كان له دور حاسم في توجيه رأي النواب، بالتوجه على الأقل إلى تأجيل النظر في النص، إلى حين وجود صيغة توافقية مع باقي الفرقاء في المجلس. وقد يكون لهذا الأمر ما يبرره بالنظر لشعبية بن كيران سواء داخل الحزب أو حتى لدى العموم.

 

لكن قلة، قالت بأن بن كيران كان ذكيا، واختار ذلك الخروج في ذلك الوقت المتأخر من الليل، لعلمه المسبق بالتوجه العام للفريق، وبالتالي فأي تعطيل للقانون سيعزى إليه، وهو ما تم، وحتى هذا التفسير واقعي أيضا.

 

لكن عند استطلاع بعض المطلعين على ما مجريات الأمور في فريق الحزب، وحتى في الأمانة العامة، كما هو الشأن لعبد العزيز أفتاتي، الذي أفاد في وقت سابق لشمس بوست، ما معناه، أن بن كيران مساهم كما باقي المساهمين في النقاش الذي دار، ولكن لم يكن مؤثرا بالدرجة التي يمكن أن يسوقها البعض، أو بالكيفية التي يمكن أن يتخذوها مطية للنحي بالنقاش إلى المنحى الذي يريدون.

 

في غمرة هذا النقاش، تشير مصادر الموقع، إلى أنه إذا كان هناك من تأثير حقيقي في مجريات الأمور داخل الاجتماع الذي عقد، بين العثماني ونواب الحزب، فهو الموقف الذي عبر عنه النائب أبي زيد القرئ الإدريسي، الذي عبر عن موقف حازم من مسألة الهندسة اللغوية أو ما يعرف بلغات التدريس، وتأكيده على إستخدام اللغة العربية.

 

بل طالب في اللقاء من نواب فريقه بقيادة “عصيان” ضد الحكومة، في حالة المضي في المشروع المقترح.

 

موقف أبو زيد الذي عرف على الدوام “بليونة” موقفه من قرارات الحكومة، وفق مصادر الموقع، جعل العثماني والمقربين منه وبالخصوص ما يسمى بتيار الاستوزار، يتوجسون كثيرا من تأثير أبي زيد، الذي قد يضعهم في حرج تحت قبة البرلمان خلال مرحلة اقرار هذا القانون.

 

وفي الحقيقة، فإن الموقف الذي عبر عنه والمنتصر للغة العربية، يمتح من رصيده في الدفاع عن اللغة العربية على مدى عقود، والمجسد في نشاطه الفكري والمعرفي والثقافي في العديد من المدن، وهو أيضا رصيد وضعه بلا شك العثماني في سياق قراءته للموقف المعبر عنه.

 

ويبدو أن أبي زيد، يعتبر مسألة اللغة العربية، مسألة مرتبطة بالمبادئ التي قام عليها حزب العدالة والتنمية، وهذا ما يتاكد من خرجته الأخيرة على هامش لقاء لشبيبة الحزب بمدينة مكناس، عندما قال لأحد شبان المصباح أنه يلاحظ : “حالة من الارتخاء والتذمر وحالة من فقدان البوصلة، وبدأنا نرى وسط حزبنا الذي نعتز به ونفتخر بالانتماء اليه حالات من الشرود في قضايا كانت عندنا موضع إجماع محسومة مثل لا اله الا الله محمد رسول الله”.

 

مسألة اللغة اليوم، وفق أبي زيد “محك” بالنسبة للحزب، قبل أن يضيف في هذا السياق: “لقد اضطررنا إلى أمور كثيرة بسبب تولينا مسؤولية الجهاز التنفيذي، وقيادتنا للائتلاف الحكومي، ولعل بعض هذه الأشياء يعذرنا فيها الشعب المغربي، لكن بعض الأشياء قد لا نكون فيها معذورين، وبعض الأشياء لن يغفرها الشعب المغربي وبعضها سيحاسبنا عليها التاريخ، والوطن والإسلام والحضارة الاسلامية، بكل قوة وسيكون الحساب عسيرا”.

ودعا الشبيبة إلى “العض بالتواجد على المبادئ التي أسس عليها الحزب من و العودة إلى الورقة المذهبية وغيرها من الأوراق”.

واضح إذا أن العثماني وإن كان يبدي تحفظات كثيرا على تصريحات بن كيران، فإنه قد يتجاوزها ولا يعتبرها مؤثرة بالنظر إلى موقع بن كيران اليوم، لكن أبي زيد في نظر الكثيرين وبالنظر لصلابة الموقف الذي عبر عنه، سيكون له تأثير في كتلة المصباح بمجلس النواب، وهذا الأمر وحده يشكل تحد كبير بالنسبة للعثماني كرئيس للحكومة، ينتمي لنفس الحزب، وبالنسبة للحكومة وتماسكها.

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)