“العدالة والتنمية” .. قدم بالحكومة وأخرى بالمعارضة

– تنذر عدة مؤشرات بأن حزب “العدالة والتنمية” المغربي في طريقه للعودة إلى المعارضة بعد ولايتين على رأس الحكومة
– أبرز أسباب ذلك وفق متابعين، هي التطبيع مع إسرائيل وقانون “القنب الهندي” (مخدر الحشيش) و”القاسم الانتخابي” وغيرها
– أكاديمي: الحزب لا يمكن أن يتصدر الانتخابات، إلا إذا استطاع تعويض تراجعه المرتقب في المدن الكبرى، من خلال الفوز بمقاعد أخرى في الأرياف
– القيادي بالحزب، عبد العزيز أفتاتي: التطبيع قضية دولة، والعدالة والتنمية رافض للتطبيع، وما وقع في القدس وفلسطين مؤخرا يؤكد عدم صواب التطبيع

عدد من مؤشرات المشهد السياسي في المغرب تنذر بإمكانية عودة حزب “العدالة والتنمية” قائد الائتلاف الحكومي إلى المعارضة، عقب الانتخابات البرلمانية لهذه السنة، خصوصا بعد خطوة “التطبيع”.

ذلك فضلا عن مشروع قانون تقنين القنب الهندي (مخدر الحشيش) في الأغراض الطبية والصناعية، واعتماد القاسم الانتخابي (صيغة جديدة في احتساب الأصوات).

ولعل السؤال الذي يطرحه متابعون هو: “هل سيتصدر الحزب الانتخابات للمرة الثالثة على التوالي بحكم أنه القوة الحزبية الأولى في البلاد، ويملك مقومات الفوز؟ أم أن مقاعد المعارضة تستعد لاستقبال الحزب؟ خصوصا أن رقعة الشطرنج الانتخابية في البلاد تعد بمفاجآت”.

وفاز حزب “العدالة والتنمية” (إسلامي) بانتخابات 2011 و2016، حيث يقود الحكومة منذ 2011 للمرة الأولى في تاريخ المملكة، ويستعد لخوض الانتخابات البرلمانية المزمعة في سبتمبر/أيلول المقبل.

وفي 22 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وقع رئيس الحكومة المغربية أمين عام الحزب، سعد الدين العثماني، على اتفاق بين بلاده وإسرائيل والولايات المتحدة، لاستئناف العلاقات بين الرباط وتل أبيب.

** الطريق إلى المعارضة

عدد من المؤشرات تنذر بإمكانية عودة حزب “العدالة والتنمية” إلى المعارضة، خصوصا أن إدارة الشأن العام لولايتين أثرت على شعبيته.

وأثار تطبيع العلاقات مع إسرائيل انتقادات داخل وخارج الحزب، فيما قال العثماني، مرارا، إن توقيعه على الاتفاق أملته عليه مسؤولية رئاسة الحكومة.

كما يعتبر تغيير القاسم الانتخابي أحد المؤشرات التي تستهدف الحزب، ودفعه للعودة إلى المعارضة، أو على الأقل التقليل من المقاعد التي ممكن أن يفوز بها بالانتخابات المقبلة.

وكان الحزب يتمسك باستمرار اعتماد طريقة قسمة عدد الأصوات الصحيحة على عدد مقاعد الدائرة الانتخابية، بينما طالبت باقي الأحزاب بقسمة مجموع الناخبين المسجلين على عدد المقاعد.

وفي 5 و12 مارس/آذار الماضي، أقر مجلسا النواب والمستشارين (غرفتا البرلمان) على الترتيب مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالقاسم الانتخابي.

“المصائب تأتي تباعًا”، وهذا ما وقع مع “العدالة والتنمية”، حيث أعلن عبد الإله بنكيران، الأمين العام السابق للحزب، تجميد عضويته فيه، إثر مصادقة الحكومة على مشروع قانون “القنب الهندي”.

وبرر بنكيران خطوته، بموافقة عدد من وزراء “العدالة والتنمية” بالحكومة على مشروع القانون، مهددا بالانسحاب من الحزب إذا وافق نوابه بالبرلمان على المشروع الذي يوجد قيد الدراسة بالبرلمان حاليا، بعد مصادقة الحكومة عليه في مارس الماضي.

والقنب الهندي، نبات ذو تأثيرات مخدرة، ينتشر في عدد من البلدان بعدة أسماء مختلفة منها: الحشيش، والبانجو، والزطله، والكيف، والشاراس، والجنزفورى، والغانجا، والحقبك، والتكرورى، والبهانك، والدوامسك.

وفي الوقت الحالي فإن القانون المغربي يحظر “القنب الهندي” بشكل عام، ويعاقب بالسجن كل من يزرعه أو يستخدمه أو يتجار فيه.

وفي 21 مارس الماضي، رفض المجلس الوطني للحزب (برلمانه)، استقالة رئيسه إدريس الأزمي، بعدما قدم الأخير استقالته قبل ذلك بنحو شهر، “احتجاجا على المسار الذي يسير فيه الحزب”.

** القاسم الانتخابي وتداعيات كورونا

في حديث للأناضول، قال الأكاديمي المغربي، مصطفى اليحياوي، إن “نجاح حزب العدالة والتنمية في الانتخابات المقبلة من عدمه مرتبط بأمرين أساسيين”.

وأضاف أستاذ الجغرافيا السياسية وتقييم السياسات العمومية في جامعة “الحسن الثاني” (حكومية): “الأمر الأول هو القاسم الانتخابي والثاني تحولات المزاج الانتخابي للمغاربة عقب جائحة كورونا”.

وأردف: “بخصوص القاسم الانتخابي، سيكون هناك تأثير مباشر على الأحزاب خلال الانتخابات التشريعية، خصوصا بالمدن التي تعرف كثافة سكانية”.

وأوضح أنه بعد تغيير القاسم الانتخابي وإلغاء العتبة (الحد الأدنى من الأصوات المحصلة في الانتخابات)، فإن أكبر الخاسرين هو “العدالة والتنمية” خصوصا في المدن الستة الكبرى (الدار البيضاء والرباط وطنجة وفاس ومكناس ومراكش)”.

ولفت أن عدد من المواطنين تضرروا جراء تداعيات كورونا، وهو ما يمكن أن يؤثر على الحزب، متوقعا أن يخسر الأخير ما بين 20 و25 مقعدا بمجلس النواب (الغرفة الأولى بالبرلمان).

وأفاد بأن “الحزب لا يمكن أن يتصدر الانتخابات، إلا إذا استطاع تعويض تراجعه المرتقب في المدن الكبرى، من خلال الفوز بمقاعد أخرى في الأرياف”.

وأشار أن “الحزب الذي بإمكانه استمالة كتلة ناخبة غير مسيسة (ليس لديها انتماء سياسي) والتي لا تصوت إلا في اللحظة الأخيرة، هو الذي بإمكانه تصدر الانتخابات”.

واستدرك: “الأعيان (شخصيات نافذة أو وجهاء المدن أو الأرياف) يؤثرون في هذه الكتلة، والتي جزء منها صوت لحزب الأصالة والمعاصرة (أكبر أحزاب المعارضة) خلال الانتخابات السابقة”.

واعتبر أن “الأصالة والمعاصرة لا يتوفر على حظوظ كبيرة خصوصا في ظل صراعاته الداخلية، والنهاية غير المشرفة لأمينه العام السابق إلياس العمري (استقال من رئاسة جهة طنجة تطوان في سبتمبر/أيلول 2019 وغادر البلاد)”.

واستطرد: “حزب التجمع الوطني للأحرار (مشارك في الائتلاف الحكومي) اشتغل منذ 5 سنوات على استمالة هذه الكتلة، واستطاع أن يستقطب أعضاء من أحزاب أخرى”.

وأبرز أن “استعادة حزب الاستقلال (معارض) لعافيته، وحضور حزب التجمع الوطني للأحرار بعدد كبير من مناطق البلاد سيؤثر على سلم ترتيب الأحزاب خلال الانتخابات”.

** التنسيق بين أحزاب المعارضة

وبخصوص التنسيق بين 3 أحزاب معارضة هي “الأصالة والمعاصرة” و”الاستقلال” و”التقدم والاشتراكية”، قال اليحياوي: “لا يمكن أن يشكل ذلك فرقا كبيرا في النتائج، لأن المصالح تختلف”.

وتوقع أن تحصل “أحزاب العدالة والتنمية والتجمع الوطني للأحرار والاستقلال، على 65 إلى 69 بالمئة من إجمالي المقاعد”، لافتا أن الحزبين الأخيرين “يستقطبان الأعيان”.

وأردف: “تراجع أحزاب المناضلين (الخارجة عن دائرة السلطة) باستثناء العدالة والتنمية الذي ما زال بإمكانه أن يرشح مناضلين من أعضائه”.

وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2019، قرر حزب “التقدم والاشتراكية” (12 مقعدا)، مغادرة الحكومة، مرجعا ذلك إلى “استمرار الصراع بين مكونات الأغلبية الحكومية”.

فيما يتوقع مراقبون، فوز حزب “التجمع الوطني للأحرار” بالانتخابات المقبلة، نظرا إلى حجم العمل الذي قام به خلال السنوات الخمس الماضية.

** ولاية ثالثة

ورغم ما يواجهه حزب “العدالة والتنمية” فإن قيادييه متفائلين بالفوز خلال الانتخابات البرلمانية المقبلة.

وفي حديث للأناضول، توقع عبد العزيز أفتاتي، القيادي بـ”العدالة والتنمية”، تصدر حزبه للانتخابات “نظرا لقوته في المشهد وغياب منافس حقيقي”.

وأضاف أفتاتي، أن قضيتي التطبيع والقاسم الانتخابي لن يؤثرا على صورة حزبه.

وأردف: “التطبيع قضية دولة، والعدالة والتنمية رافض للتطبيع، وما وقع في القدس وفلسطين مؤخرا يؤكد عدم صواب التطبيع”.

وذكر أن اعتماد صيغة جديدة للقاسم الانتخابي يستهدف إضعاف حزبه والحيلولة دون تصدر الحزب للانتخابات.

واستدرك: “الأحزاب السياسية لن تحصل على أكثر من 80 مقعد بعد الصيغة الجديدة لهذا القاسم”.

واعتبر أن الرهان على حزب “التجمع الوطني للأحرار” لن يعطي نتيجة، خصوصا أن أمينه العام (عزيز أخنوش) تعرض لحملة مقاطعة.

وفي 2018، شهدت البلاد حملة لمقاطعة منتجات 3 شركات، من بينها شركة المحروقات (إفريقيا) التي يملكها وزير الفلاحة المغربي عزيز أخنوش.

وذكر أفتاتي، أن “استهداف العدالة والتنمية لإضعافه دليل على قوة الحزب التي لا تزال تخيف خصومه السياسيين”.

وتضم الحكومة المغربية الحالية، ائتلافا من أحزاب “العدالة والتنمية” (125 نائبا بالبرلمان من أصل 395) و”التجمع الوطني للأحرار” (37 نائبًا) و”الحركة الشعبية” (27) و”الاتحاد الاشتراكي” (20) و”الاتحاد الدستوري” (23).‎

وبخصوص أحزاب المعارضة، يملك “الأصالة والمعاصرة” 102 مقعدا بالبرلمان، و”الاستقلال” 46، و”الحركة الديمقراطية الاجتماعية” 3، و”فيدرالية اليسار الديمقراطي” مقعدين، و”الوحدة والديمقراطية” و”اليسار الأخضر المغربي” مقعد واحد لكل منهما.​​​​​​​

 

الأناضول

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)