مجلس وجدة..تعلّم تغيير معطفين في دورتين ؟

يستمر مجلس وجدة في رفع مشعل “الاستثناء”، وهذه المرة من باب أسرع تحول في المواقف يمكن أن يحدث لدى المنتخبين، فبعد 90 يوما خلع بعض الأعضاء بمجلس المدينة معطف “الرفض” و لبسوا معطف “القبول”.

 

الواقعة لم تكن بكل تأكيد نكتة، فالنكات غير مستساغة في زمن الكوارث الطبيعية. بل هي واقعة حقيقية شهدتها قاعة الاجتماعات بمجلس مدينة وجدة، أمس الخميس، عندما اختار عدد من الأعضاء تغيير موقفهم الذي دافعوا عنه باستماتة في السر والعلن، من الرفض إلى القبول، بالنقطة المتعلقة بالموافقة على عقد التدبير المفوض لمركز معالجة النفايات المنزلية و النفايات المماثلة لها بجماعة وجدة.

 

وكان عدد من أعضاء المجلس وبخاصة المنتمين لحزب الأصالة والمعاصرة قد صوتوا برفض هذه النقطة في الدورة الاستثنائية التي عقدها المجلس في يونيو الماضي، قبل أن يغيروا موقفهم في الدورة الاستثنائية التي عقد المجلس أولى جلساتها أمس، بعد 90 يوما فقط من تاريخ القرار الأول.

 

كان واضحا جدا حجم الحرج الذي شعر به بعضهم، وهذا بالطبع ما يؤكده التزامهم بالصمت والاكتفاء بالتصويت، بل إن أحدهم من الذين كانوا أشد معارضة للنقطة، غادر الدروة قبل عملية التصويت بحوالي ساعة، وهو ما فسره بعض الأعضاء أن العضو المعني اهتدى إلى هذه الطريقة على الأقل حتى لا يحسب عليه أنه غير موقفه 180 درج، فيما عضو أخر بالرغم من حضوره في بهو الجماعة إلا أنه إختار عدم حضور الدورة و التمسك بقراره الذي إتخذه في الدورة السابقة.

 

الكواليس

يدرك الجميع أن تغيير العديد من أعضاء المجلس وبخاصة من حزب الأصالة والمعاصرة لا يمكن أن يتأتى إلا بتدخل مباشر من منسق الحزب بالجهة وعضو مكتبه السياسي عبد النبي بعيوي.

 

والواقع أن أعضاء بالحزب أكدوا لشمس بوست أنه كلف رئيس الفريق العربي الشتواني بنقل “قراره” إلى باقي الأعضاء، والذي يفيد التصويت لصالح النقطة، وهو القرار الذي اتخذه على الأرجح بعد “تدخل والي الجهة على الخط، من باب السعي إلى تحقيق مصلحة المدينة”.

 

لكن الواقع، حتى وإن كان العديد من الأعضاء لا يقدرون على الجهر بذلك، فإنهم يسرون بامتعاضهم ورفضهم للطريقة التي يدبر بها بعيوي العلاقة معهم، ففي الوقت الذي كانوا ينتظرون عقد لقاء معه لفهم مغزى التصويت لصالح النقطة، لم يحدث ذلك و شعر العديد منهم كأنه مجرد رقم يتم الاستعانة به عند الحاجة.

 

ماذا استجد في وجدة؟

 

هناك في الواقع سؤالين جوهريين طرحتهما المعارضة بمجلس المدينة، الأول يتعلق بمدى قانونية عرض وطرح هذه النقطة من جديد، بالرغم من حسم المجلس فيها في دورة سابقة، و سؤال أخر يتعلق بالمستجدات الطارئة على الموقف او القرار المتخذ سابقا، التي يمكن أن تسمح بإعمال “القراءة الثانية”.

 

تشارك في طرح هذه الأسئلة على وجه الخصوص أعضاء المعارضة شكيب سبايبي المنتمي للحزب الاشتراكي الموحد، و مصطفى بن عبد الحق و رشيد الهلالي عن حزب العدالة والتنمية و عبد الاله سعدي عن الاتحاد الاشتراكي، و الأعضاء بالمجموعة التي تحالفت تحت إسم “الخط الثالث”، والتي تضم على وجه الخصوص العضوة أنيسة ستوتي المنتمية لحزب الحركة الشعبية، ونيهال بركة العضوة باسم التقدم والاشتراكية، و عبد الحق قيسي العضو باسم حزب الشورى والاستقلال.

 

وطالب بن عبد الحق في سياق التساؤل عن قانونية إدراج النقطة، بالكشف أيضا عن مصير المقرر السابق الذي إتخذه المجلس، والذي كان ينتظر من رئيس المجلس تنفيذه بدل إعادة النقطة من جديد إلى المجلس فيما يشبه “القراءة الثانية”.

 

وعلاقة بالقراءة الثانية، أبرز رشيد الهلالي، أن المقتضيات المتعلقة بالقراءة الثانية أفردها المشرع فقط عند إعمال مسطرة تفويت الميزانية.

 

وتسائل العضو نفسه عن القدرة البشرية للمتعهد الجديد/القديم، الذي نال الصفقة، مطالبا بتقديم الهيكلة البشرية التي يتوفر عليها للقيام بالأعمال التي ستناط به.

 

أكثر من ذلك، طالب الهلالي بتقديم تفسير مقنع، عن التخفيض الكبير الذي أقدمت عليه الشركة في كلفة الأشغال، من أكثر من مليار درهم إلى 672 مليون درهم.

 

وأضاف “أن تخفض 5 في المائة أو 10 في المائة على الأكثر، يمكن فهمه وتقبله، لكن أن تصل نسبة التخفيض إلى نحو 30 في المائة من الكلفة التقديرية الأولى، فالأمر يثير التساؤلات”.

 

وخلص الهلالي إلى أن هذه العملية تبين عدم جدية العرض الذي تقدمت به الشركة، و عدم وضع توقعات حقيقية بشأن تدبير هذا المرفق.

 

وأبدى أيضا العضو نفسه مخاوف بخصوص التزام الشركة بالغلاف الاستثماري الذي ناهز 365 مليون درهم، محذرا من سيناريو الشركة التي تدبر قطاع النقل الحضري عبر الحافلات.

 

مجلس الحسابات

 

من جانبه أكد شكيب سبايبي، على أن التقرير الذي أنجزه المجلس الجهوي للحسابات سنة 2010 والذي وصفه بالأسود، كاف لإعطاء نظرة وصورة حول الشركة التي ألت إليها الصفقة من جديد.

 

وكان المجلس الجهوي للحسابات قد أنجز تقريرا، رصد فيه العديد من الملاحظات والاختلالات، بدأ بمسطرة الانتقاء و اختيار الشركة التي دخلت حينها المنافسة مع شركة سويسرية متخصصة وبفضلها نالت المجموعة الصفقة، وصولا إلى تدبير المطرح طوال الـ20 سنة الماضية.

 

وأشار سبايبي في سياق الحديث عن أن مسطرة تمرير الصفقة، أن المجلس في تقريره المذكور سبق وأن رصد ملاحظات واختلالات في مسار الانتقاء، في إشارة منه بأنه يمكن أيضا للمجلس أن يرصد اختلالات مشابهة في عملية التدقيق التي سيقوم بها.

 

وكان مجلس الحسابات قد وجه رسالة إلى رئيس مجلس المدينة محمد عزاوي، في 7 شتنبر الجاري، يخبره بتجهيز الوثائق والقوائم والبيانات الخاصة بتدبير مرفق مركز معالجة النفايات وحامة بنقاشور.

 

وتسائل عضو حزب الشمعة، عن السبب الذي منع الجماعة من اللجوء للخيارات الأخرى المتاحة أمامها بعد رفض الأعضاء للنقطة في الدورة السابقة، ومن ذلك إعادة طرح طلب العروض من جديد، أو التفاوض مع الشركة التي حلت في المرتبة الثانية.

 

لكن حرص الجماعة على التعامل مع الشركة الحالية لم يكن وليد اليوم، بل هو قديم قدم الصفقة الأولى، حيث رصد مجلس الحسابات في تقريره دفاعا غير مبرر من جانب الجماعة على الشركة المعنية التي كانت قد دخلت في نزاع مع الفاعل السويسري الذي دخل معها غمار الصفقة.

 

تبديد المخاوف

 

حسب رئيس مجلس المدينة محمد عزاوي، فإن جلسة أمس هي جلسة “تبديد المخاوف”، التي تحكمت ربما في تصويت بعض الأعضاء في الدورة الماضية.

 

وأكد عزاوي، أنه خلال الدورة الماضية، لم تتح الفرصة للمختصين والقسم المعني ورئيسه المهندس البلدي عبد الحميد بيوض، الإدلاء بكل التوضيحات اللازمة لفهم التصور الجديد الذي سيدبر به المطرح، والمستويات الأخرى من المعالجة، وبخاصة معالجة عصارة الأوبال “ليكسيفيا” التي تتسبب في الروائح التي تمتد لعدة كيلمترات في المدينة.

 

و وعد الرئيس الأعضاء بالحرص على التنزيل الأمثل لمقتضيات دفتر التحملات، بل أكثر من ذلك تعهد بضمان إدراج نقطة سير العمل في المطرح بشكل مستمر ومنتظم لإشراك الأعضاء في التتبع.

 

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)