ميم … ميم

بقلم: دعاء توفيق

أحدهما أبيض، مادي و ملموس، يمنح طعامنا لذة … و نقيضه مخالف له … يختلفان اختلافا تاما ..  شكلا و مضمونا … لكن له بالتقريب نفس الوظيف .. لأنه يضفي لحياتنا طعم و رونق ..

الأول له لون، و لابأس إن قللنا منه و حتى  إن استغنينا عنه، فذلك قد لا يضر في بعض الحالات … بل ينصح بالتقليل منه ما أمكن، كي لا يعكس نفعه ..لأنه أحد السمان .. لكن لا يطيب الطعام إلا به … له استخدامات أخرى في حياة النساء غير رشتهن منه بالقدر حين غليه لطيب الطعام نهوضا بالذوق .

عظمه العرب في حياتهم كما عظموا الماء، فحلفوا بهما، غير أن القوم صرفوا كذلك إلى طيب من نوع آخر من طيبه  تنتعش به حاسة البصر حيث لهم ضروب مستنبطة منه لحسن الكلم عند العرب على نحو ما نجده في قول مسكين الدرامي:

قل للمليحة بالخمار الأسود      ماذا فعلت بناسك متعبد

يضرب به المثل  للدلالة على المودة و العشرة بينهم … كما له علاقة عندهم بمناسبات كثيرة كالميلاد والزواج في موروثهم الشعبي .. وهو كالنصيحة

لا يوهب إلا عند الطلب.

أما مايليه فهي  في  النحو جمع تكسير و صيغ منتهى الجموع للكثرة، أما في الشائع فهي مسائل حسية  .. تنطوي  على ردود جسدية كما أنها تنطوي على حركات تعبيرية، بما في ذلك تعبيرات الوجه والأصوات .

كان العرب ينظرون إليها على كونها مما فطر الله العباد عليه، حتى إن بعض الفقهاء منهم والأدباء كانوا  يستفتحون كتبهم بحمد الله على فطرته هذه ..

النسخة الإيجابية منها تبهج الفرد و هي إكسير له مفعوله  …. يمكن اعتبارها ترياق يلملم الندبات الروحية … كما أنها المهرب الأخير لنا في عصر طغت فيه المادة  لمواجهة الحياة في مختلف أشكالها وتجلياتها…

جراء تشوهه تكفهر الأجواء،  تضيق القلوب  و تسوء الأحوال  … الإكتفاء منه يعد عدم توازن نفسي ..

مطارحتنا اليوم كانت عن الملح و عن المشاعر  .. كلاهما له أهميته في حياتنا حسب وظيفته .. و على قدر حاجتنا له …

أيهما تفضل … ملح في طعامك و عواطف قيضا لروحك ؟ أم الاكتفاء بواحد منهما أمر هين ؟ 

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)