جهة الشرق تواصل سبيل الإقلاع في اتجاه بناء قطب اقتصادي رائد

تواصل جهة الشرق التي شهدت تحولا جذريا بفضل المبادرة الملكية لتنمية جهة الشرق التي تم إطلاقها سنة 2003، والتي أسهمت في تغيير معالم هذه الجهة من خلال إنجاز العديد من الشاريع المهيكلة، اليوم سبيل الإقلاع من أجل بناء قطب اقتصادي رائد ومتميز، يساهم في إحداث فرص الشغل وخلق الثروة.

 

وشكل الخطاب الذي ألقاه الملك محمد السادس بوجدة في 18 مارس 2003 إشارة قوية وحدثا تاريخيا مهد الطريق لعهد جديد بالجهة، والقطع مع صورة جهة معزولة وفقيرة تعاني من قلة الموارد.

 

وبالفعل، ومنذ إطلاق المبادرة الملكية لتنمية جهة الشرق، تحولت الجهة إلى ورش كبير مفتوح ومكنت الإنجازات المحققة من إعادة الثقة للساكنة في القدرات التي تزخر بها جهتهم، التي أضحت مفتوحة في وجه الأسواق الوطنية والدولية.

 

ومن بين العديد من المشاريع الكبرى المهيكلة المنجزة بمختلف القطاعات لتعزيز التنمية السوسيو – اقتصادية بهذه الجهة من المملكة، توجد المحطة البحرية للسعيدية والقطب التكنولوجي لوجدة والقطب الفلاحي ببركان والحظيرة الصناعية بسلوان، بالإضافة إلى بنيات تحتية مهمة للنقل (الجوي والبري والسككي) ومناطق للأنشطة الاقتصادية.

 

كما همت الاستثمارات مجالات الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، والتربية والتكوين المهني، والثقافة، والصحة، والطاقة الشمسية وتشجيع المقاولات الصغرى والمتوسطة والتقليص من الفوارق الاجتماعية والمجالية، بالإضافة إلى الجوانب الاجتماعية كالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وكذا البيئية.

 

ومكنت هذه المنجزات من تعزيز التنمية الاقتصادية للجهة وتحسين جاذبيتها التي ستتعزز بشكل كبير بالتأكيد بدخول ميناء الناظور غرب المتوسط حيز الخدمة.

 

وسيضطلع هذا الميناء المستقبلي المهيكل بدور هام في فك العزلة عن جهة الشرق، وسيشكل مكسبا وعاملا مهما في تنمية هذه الجهة، ووسط البلاد.

 

وينتظر أن تضم هذه الجهة، التي احتلت مكانة متميزة في جميع الاستراتيجيات القطاعية الطموحة جدا للمملكة، قريبا مدينة للمهن والكفاءات التي تتقدم أشغال إنجازها بوتيرة متسارعة، من أجل تعزيز انفتاحها في الأشهر المقبلة.

 

ويعكس هذا المشروع الأهمية التي يحظى بها العنصر البشري باعتباره ركيزة أساسية في مسلسل التنمية الذي تشهده جهة الشرق على جميع المستويات.

 

ويأتي إحداث مدينة المهن والكفاءات بجهة الشرق، التي تقع بإقليم الناظور، للاستجابة لهذا الطلب وإحداث قفزة نوعية وكمية على مستوى التكوين المهني والنهوض بالكفاءات، ناهيك عن الدور الذي تضطلع به في هذا السياق مختلف المؤسسات سواء القائمة أو التي توجد في طور الإنجاز، التابعة لجامعة محمد الأول.

 

وتقع مدينة المهن والكفاءات، التي سيتطلب إنجازها غلافا ماليا إجماليا يناهز 360 مليون درهم، على وعاء عقاري يقدر ب 12 هكتار، تم تصميمه بطاقة استيعابية إجمالية تصل إلى 2920 متدربة ومتدرب سنويا ويمنح إمكانية التكوين في 8 قطاعات مختلفة تضم 74 شعبة، نحو 58 في المائة منها تخصصات جديدة.

 

وقد تم تحديد العرض التكويني لمدينة المهن والكفاءات بجهة الشرق بتشاور مع المهنيين والجهات المعنية على الصعيد الجهوي، من أجل ضمان ملاءمته مع الخصوصيات الترابية وطموحات التنمية بالجهة.

 

كما أن الموقع الذي وقع عليه الاختيار لاحتضان هذه البنية التحتية التكوينية، المتمثل في موقع بحيرة مارشيكا، يحترم منطق التكامل مع المشاريع القائمة، علما أن مدينة الناضور لم تشهد إنجاز مراكز للتكوين المهني منذ عام 1983، فضلا عن منطق الربط الاقتصادي، بالنظر إلى المشاريع الكبرى المهيكلة التي تم إطلاقها بالمنطقة، لاسيما ميناء الناظور غرب المتوسط الذي يوجد قيد الإنشاء، وتهيئة بحيرة مارشيكا.

 

تجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن مشروع تهيئة وتثمين موقع بحيرة مارشيكا يروم التثمين الغنى الطبيعي للناظور من خلال إنجاز سبع مدن موضوعاتية حول البحيرة بغلاف إجمالي يقدر ب 26 مليار درهم (أزيد من 2 مليار أورو).

 

ويفرض هذا الورش، الذي أطلقه الملك محمد السادس سنة 2009، نفسه اليوم كورش سياحي وعمراني كبير واستثنائي من شأنه المساهمة بشكل كبير في النهوض بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية لجهة الشرق من خلال خلق الثروة والنهوض بالتشغيل والمحافظة على الموارد الطبيعية والتنوع البيولوجي للبحيرة.

 

من جهة أخرى، أضحت جهة الشرق تتوفر على التصميم الجهوي لإعداد التراب، الذي يعتبر وثيقة مرجعية من شأنها هيكلة التنمية الجهوية لفترة تمتد ل 25 سنة.

 

ويأتي التصميم الجهوي لإعداد التراب لجهة الشرق استجابة للمقتضيات القانونية ذات الصلة، ووضع إطار مرجعي للتدخل لكافة الفاعلين بالجهة، بالإضافة إلى بلورة وثيقة موحدة لتعبئة القوى الحية الجهوية.

 

ويتضمن هذا المشروع الذي يمتد إلى غاية سنة 2045 ما مجموعه 208 مشاريع و126 إجراء ، ستتطلب غلافا ماليا إجماليا يفوق 106 مليارات درهم.

 

وتم التوقيع في أبريل الماضي بوجدة على 8 اتفاقيات في مجال التعمير وإعداد التراب والسكني بجهة الشرق، باستثمار إجمالي يناهز 5ر453 مليون درهم. وتهم هذه الاتفاقيات البرامج والمبادرات الرامية إلى تحسين ظروف عيش أزيد من 33 ألف أسرة.

 

وبخصوص القطاع الفلاحي، يتضمن المخطط الفلاحي الجهوي لاستراتيجية الجيل الأخضر 2030-2020 لجهة الشرق إنجاز العديد من المشاريع والعمليات التي سيكون لها وقع مهم حيث سينتقل رقم المعاملات من 2ر10 مليار درهم سنة 2020 إلى 4ر13 مليار درهم سنة 2025 و 8ر17 مليار درهم سنة 2030، بينما ستنتقل القيمة المضافة من 8ر6 مليار درهم سنة 2020 إلى 3ر13 مليار درهم سنة 2030 ، وأيام العمل من 36 مليون يوم عمل سنة 2020 إلى 45 مليون يوم عمل سنة 2030.

 

وفي ما يتعلق ببروز جيل جديد من الطبقة الفلاحية الوسطى، يطمح المخطط الفلاحي الجهوي الجديد إلى الرفع من عدد الأسر التي تلج الطبقة الوسطى الفلاحية من 16 ألف و 520 أسرة سنة 2019، إلى 55 ألف و20 أسرة سنة 2030، أي 38 ألف و500 أسرة إضافية.

 

كما سيتم في إطار المخطط الفلاحي المذكور إنشاء 900 تعاونية ومقاولة فلاحية لفائدة 5540 شابا،باستثمار إجمالي يقدر بمليار درهم، بالإضافة إلى إيلاء اهتمام كبير لبروز جيل جديد من المقاولين الفلاحين الشباب من خلال تعبئة استثماري إجمالي بقيمة 5ر5 مليار درهم، ضمنها 3 ملايير درهم عبارة عن إعانات تقدمها الدولة.

 

والأكيد أن الدينامية التنموية التي تشهدها جهة الشرق، التي تحظى بمؤهلات تنموية متميزة، تتواصل بإنجاز مشاريع مهيكلة ورصد ميزانيات مهمة لتمكين الجهة، طبقا للتعليمات الملكية السامية الرامية إلى تحقيق تنمية مندمجة بهذه الجهة، من احتلال مكانة متميزة ضمن جهات المملكة.

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)