جمعة .. معمِّرة عاصرت أربعة ملوك وفاق أحفادها المائتين

بدت “جمعة النماسي” منذ الوهلة الاولى للقاءنا معها في منزلها المتواضع بحي عشرين غشت بتاوريرت في نشاط وحيوية وحس المرح رغم ثقل حاسة السمع لديها وعجزها عن المشي على قدميها.

تتذكر جمعة من فينة إلى أخرى، شذرات من ذكريات شبابها التي مضى عليها قرن من الزمان، إبان دخول اول مستعمر فرنسي الى المغرب و عهد الحماية ، وكذا عودة محمد الخامس من المنفى وكيف اشتغلت في منازل “النصارى” في بداية توافدهم على المغرب .. مشاهد تاريخية صعبة وسارة، واخرى تركت حزنا عميقا في نفسها تختزنها ذاكرتها وتأبى أن تتحدث عنها بسبب صعوبة الكلام وضعف السمع لديها في بعض الأحيان والجهد الذي تبذله لإخراج الكلمات باللغة العربية عند الكلام لاسترسال الاحداث التاريخية .

وحسب ما رجحه احد ابنائها فان المعمرة قد تكون تناهز من العمر اكثر من 120 سنة ، رغم انها تفتقد لاي وثيقة توثق تاريخ ميلادها، غير انه تم ترجيح السن انطلاقا من كون والدته التي تتذكر بعض احداث الحماية الفرنسية كانت انذات متزوجة ، وفي سنة 1945 كانت قد انجبت خمسة ابناء وافتهم المنية قبل هذا التاريخ .

وهي تعيش اليوم وسط ما مجموعه 203 من أبنائها وأحفادها الذين يتحدرون من جماعة بني شبل اهل وادزا ، وأكبر ابنائها الذي لايزال على قيد الحياة يبلغ من العمر حوالي 90 سنة .

وحول السر الذي قد يكون وراء احتفاظ والدته على ذاكرة قوية ، وصحة جيدة طوال عشرات العقود التي عاشتها، كشف الابن ان المعمرة حافظت على نظام غذائي نباتي طول حياتها لا تأكل الا العذاء الطبيعي من زيت الزيتون ، ومستحضرات مصنوعة من الأعشاب …

تركنا جمعة قابعة في غرفتها ولم تجد ما تكافينا به من كرمها وجودها سوى سيل من الدعاء وذكر الله الذي يلهج بها لسانها في كل وقت وحين على امل أن يبارك الله فيما تبقى من عمرها لترى أحفادا أخرين لسلالتها التي وصلت اليوم الى احفاد الاحفاد.
ويبقى السؤال فهل هناك من مهتم لينفظ الغبار على هذا الكتاب التاريخي الشفهي المنسي في حي هامشي بتاوريرت ليستشف منه أحداثا تاريخية محلية وقعت، وأطالها النسيان.

كلمات دلالية
شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)