باحثون في وجدة يكشفون أسرار ثقافات الإنسان القديم الذي إستوطن المغرب قبل الاف السنين (فيديو)

الثقافة الأشولية، هي أول الشواهد الدالة على  الاستيطان البشري بالمغرب، هذا ما أكده الباحث عبد الرحيم، محب المدير المغربي للبعثة الاركيولوجية المشتركة لما قبل التاريخ بالدارالبيضاء.

جاء ذلك في ندوة شارك فيها عالم الآثار المغربي حول أقدم استيطان بشري في المغرب بكلية العلوم بجامعة محمد الأول بوجدة الخميس الماضي.

وسلط محب الضوء على فترة من تاريخ البشرية بالمغرب وبالتحديد العصر الحجري الأدنى.

وقال في تصريح لشمس بوست أن هذا العصر في إفريقيا، يتميز بثقافتين ماديتين الأولى هي الثقافة الأولدوانية، وأقدم بقاياها في المنطقة الشرقية الشرقية للقارة تعود إلى 2,6 مليون سنة، والثانية هي الثقافة الأشولية التي تعود أقدم بقاياها في أفريقيا الشرقية أيضا إلى 1,760 مليون سنة.

الألدوانية والأشولية في المغرب

بالنسبة للمغرب وإلى حدود 1989 كان الاعتقاد السائد بخصوص الثقافة الألدوانية، يرتبط بثقافة الحصى والتي عثر عليها الباحثون الاوائل في عدة مواقع مغربية.

إلا أن المراجعة الأركيولوجية والجيولوجية لهذه المواقع يؤكد محب، أنها بينت أن هذه اللقى الحجرية وهذه المواقع، هناك شكوك حول وضعها الجيولوجي والاركيولوجي، ولذلك قال الباحثون أن الوجود الألدواني مشكوك في أمره.

لذلك يبقى أول أثر يدل على الاستيطان البشري بالمغرب، هو الاستيطان الأشولي أو الثقافة الأشولية وفق الباحث المغربي. 

وعلاقة بمعطيات الأبحاث التي تجرى الآن في مدينة الدار البيضاء، في إطار برنامج البحث المغربي الفرنسي، أكد محب أن هذه الأبحاث كشفت عن عدة مستويات أركيولوجية، من أهمها موقع “بطوما 1″، الذي مكن من اكتشاف استيطان بشري يرجع إلى مليون و 300 ألف سنة.

الأبحاث والحفريات أيضا مكنت، من العثور أيضا في “طوما 1” على موقع يعرف بمغارة البقايا البشرية التي يعود تاريخا إلى 700 ألف سنة. 

وفي نفس السياق دائما، أبرز الباحث المغربي أن الابحاث في هذا الموقع مكنت بالإضافة إلى الأدوات الحجرية المعدلة من إكتشاف البقايا الحيوانية المتنوعة و اللقى مكنت من العثور على الاحفورات البشرية التي يرجع تاريخها إلى أكثر من 700 ألف سنة.

وإلى حدود الآن هذه الأحفورات البشرية هي أقدم أحفوريات بشرية يتم العثور عليها في المغرب في إطار كرونولوجي مؤكد.

موقع آخر في إطار الأبحاث التي تجريها البعثة المشتركة بالدرالبيضاء، يجري البحث فيه، هو موقع “مغارة وحيدي القرن”، والأبحاث في هذه المغارة التي يعود تاريخها إلى 700 ألف مكنت حسب الباحث المغربي من العثور على كمية هائلة من الحيوانات المختلفة.

بالإضافة إلى أدوات حجرية، متنوعة ترجع إلى الثقافة الأشولية، وتتميز بعدة جماجم لحيوان وحيد القرن، والسن البشري، بالاضافة إلى الاكتشافات مكنت الأبحاث من العثور على آثار الجزارة فوق عظام حيوانية.

هذه الآثار، يؤكد محب هي نتيجة استعمال الإنسان للأدوات الحجرية من أجل ازالة الجلد عن الحيوانات التي يصطادها، واثار الجزارة هذه والتي يتجاوز عمرها 700 ألف سنة هي أقدم آثار يتم العثور عليها داخل مغارة في إفريقيا.

كما أن الأبحاث جارية أيا في موقع اخر، هو موقع سيدي عبد الرحمان، حيث  مكنت الأبحاث من العثور على شواهد مادية للثقافة الأشولية والتي يتراوح عمرها ما بين 300 الف  و 700 ألف سنة.

مرجع لدراسة الإستيطان البشري بالمغرب

ويؤكد الباحث المغربي، أن المواقع “الأركيولوجيا”، للفترة ما قبل التاريخ بالدارالبيضاء، والتي تخص العصر الحجري القديم الأدنى، هي مرجع مهم لدراسة أقدم استيطان بشري في المغرب، أو الموجات البشرية التي استوطنت المغرب.

ويمكن أن تفيد في معرفة المجموعات البشرية التي استوطنت المغرب منذ ما يزيد عن مليون و 300 الف سنة، ومعرفة نوعها وكيفية تطورها وكيف انتقلت بين مناطق المغرب وبين مناطق شمال إفريقيا.

والأبحاث الجارية يؤكد الباحث المغربي أنها قد تمكن أيضا من العثور على مواقع أخرى ترجع إلى الثقافة الألدوانية التي إلى حد الآن لم يتم العثور على مستويات جيولوجية مؤكدة تثبت وجودها.

الأبحاث أيضا ستمكن من دراسة تطور الثقافة الأشولية ونهايتها وبداية العصر الحجري القديم الأوسط، والذي وجد أقدم بقاياه “بجبل اغود”، كأقدم الاحفوريات البشرية للإنسان العاقل بالعالم يعود تاريخها إلى 315 ألف سنة.

إكتشافات تغني المغرب

في سياق التفاعل مع الندوة، قدم الباحث حسن أوراغ، الذي يصفه عبد الرحيم محب، بـ”المناضل” في مجال البحث الأركيلوجي والجيولوجي، أن هذه الإكتشافات سواء في الدار البيضاء، أو التي سبقت على مستوى المنطقة الشرقية وبالخصوص في مغارتين الجمل و تافوغالت، تضع المغرب في مكانة مميزة على مستوى البحث العلمي المرتبط بهذا المجال، أو على مستوى الشواهد الأثرية الضاربة في القدم التي أضحى يتوفر عليها والمثبتة قيمتها بالبحث العلمي.

وما ينتظر هذا الكنز الذي أضحى يتوفر عليه المغرب، هو التثمين، وجعله في صلب عملية التنمية.

ولهذا الغرض، أسس الباحث بكلية العلوم، متحفا جامعيا للتراث والأثار، يشرف عليه، ويضم العديد من الشواهد الدالة على غنى وقدم الثقافات البشرية التي استوطنت المنطقة الشرقية.

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)