مليون شجرة مثمرة بالريف..تحدي إحياء حياة البساتين المزدهرة يبدأ من هنا!

“هذه الأرض قبل عقود من الزمن كانت تعج بالأشجار المثمرة” يقول محمد، وهو مزارع من سكان جماعة اجرماوس (إيرمواس) التابعة إداريا لإقليم الدريوش، هذا الإقليم المتناثر الأطراف، أحدث قبل حوالي 12 سنة في سياق إحداث عدد من الأقاليم في عدد من جهات المملكة.

 

الواقع أن محمد لم يكن يبالغ عندما قال بأن أرض “إيرمواس” كانت تنتشر فيها بساتين الأشجار المثمرة الباسقة منها والقصيرة، المتنوعة إلى الحد الذي يجعل منها مكانا ينتج مختلف الفواكه التي يمكن أن يبحث عنها الإنسان الريفي في الأسواق ذلك الزمان.

 

برقوق، ومشمش وبرتقال، وإيجاص و تفاح ولوز ورمان، وغيرها من الأشجار، كلها غرسها الأجداد وسوقوا فائض إنتاجها في الأسواق المجاورة، من خميس تمسمان إلى أسواق أيث ورياغل، وغيرها من الأسواق.

شكل ما تجود به هذه الأرض من ثمار طازجة و ذات جودة عالية، مصدر دخل مهم للسكان المحليين، إضافة إلى أنشطتهم المختلفة من زراعة القطاني والحبوب و ممارسة الحرف التقليدية.

 

لكن السؤال الذي قد يتبادر إلى ذهن كل من قرأ ما سبق، هو كيف هو الوضع الأن؟ وهل واقع ذلك الزمان لازال قائما أم تغير الوضع إلى الحد الذي يجعل الأجيال الحالية مفصولة عن الذاكرة الزراعية أو الفلاحية إن صح التعبير لهذه المنطقة؟

الحقيقة أن واقع اليوم، لا يمت بصلة لواقع الأمس، ولننصف الأرض أولا، قبل كل شيء ونقول: هناك معالم كثيرة تؤكد ما صرح به الأبناء عن واقع الأباء والأجداد، لكن لم يعد هناك كما هو معلوم ما يسوقه الأبناء، بل ويقتنون معظم حاجياتهم من الفواكه من الأسواق المجاورة، كسوق بلدة “كرونا اليومي”، و  سوق الخميس التابعين لقبيلة تمسمان. أما سوق ثلاثاء “إيرمواس” الذي كان قبل عقود من الزمن محجا لأهل الريف ومن المدن الأخرى، فقصة “إندثاره” سنرويها في القادم من الأيام.

 

في المقابل وسط هذا الإنكسار الذي قد يصيب الملاحظ وهو يسترجع صور الحياة الماضية بتفاصيلها الجميلة، حتى وإن كانت قاسية في كثير من الأحيان، يتسائل: هل يمكن أن تعود الحياة إلى سابق عهدها؟

الواقع أن حياة العقود الماضية في “إيرمواس” وعموم الريف، لم تكن بتلك الصورة الوردية. لم تكن هناك خدمات ولم تكن هناك طرقات، وهو واقع تستمر صوره المرة حتى اليوم، ولا أحد يتمنى أن يتسمر هذا الواقع كما لا أحد يسعى لاعادة الحياة بنفس التفاصيل المؤلمة، لكن الرغبة اليوم جامحة لاستعادة حالة الازدهار الزراعي والفلاحي التي شهدتها المنطقة.

 

منذ أيام زار وفد من شركة هولندية (NOMIOS) تنشط في مجال التكنولوجيا، بدعوة من جمعية ريفوريست “RIFORIST”، وهي جمعية تأسست بهولندا على يد أبناء منطقة الريف، وضمنهم أعضاء من منطقة “إيرمواس”.

زيارة هذا الوفد الهولندي، تمت بتنسيق أيضا مع جمعية “بيرما ريف للزراعة المستدامة ” ” PERMA RIF”، وهي جمعية تعمل بتنسيق دائم مع جمعية ريفوريست على برنامج للغرس، يشمل أربعة أقاليم من أقاليم منطقة الريف، هي الدريوش وتازة و الحسيمة والناظور.

 

الوفد الهولندي الممثل للشركة عبر عن انبهاره للإمكانيات الطبيعية التي تتمتع بها منطقة الريف عموما ومنطقة تزغين التي كانت محطته الأولى، وإيرمواس، التي زار فيها بستان حكيم الوعماري.

 

وكانت هذه الزيارة في الحقيقة مناسبة لإعلان الشركة عن مساهمتها في دعم جهود غرس الأشجار المثمرة بتقديم دعم مالي أولي لجمعية “ريفوريست” قدره 25 ألف يورو (حوالي 26 مليون سنتيم)، ستعمل الجمعية على بلورته على أرض الواقع في مشاريع غرس وتشجير للأشجار المثمرة.

 

وبحسب وفد الشركة، فإن مساهماتها تنطلق من المسؤولية البيئية باعتبارها شركة أخذت على عاتقها المسؤولية البيئية، والمساهمة في جهود التقليص من الأثر الصناعي على المجال الحيوي للانسان.

حتى الأن تمكنت جمعية “بيرما ريف”، التي تأسست صيف السنة الماضية وبشراكة مع “ريفوريست” من غرس حوالي 20 ألف شجرة مثمرة، وفق ما أكده عبد الرفيع عدناني رئيس “الجمعية”.

 

وأضاف في تصريح لشمس بوست، أن الطموح هذه السنة، كان هو غرس 50 ألف شجرة مثمرة، غير أن تأخر التساقطات أخر من الغرس، وهو ما أفضى في النهاية لغرس العدد المذكور.

 

لكن عبر الرفيع، يرى أن التحدي مستمر، و هو بلوغ مليون شجرة مثمرة في المنطقة.

 

فلسفة المشروع وفق نفس المتحدث، تقوم على دعم المزارعين الذين يبدون رغبتهم في غرس هذه الأشجار، بتوفير أغراس الأشجار المثمرة بمختلف أنواعها، لبعث حياة جديدة في بساتين المناطق المستهدفة، و تمكين المزارع من مصدر دخل بل وإحياء مصدر دخل، في انتظار توسيع نطاق التدخل ليشمل طرق التعاطي مع المياه وجمعها والري وتقنياته وحتى الأسمدة العضوية.

 

الواقع أن زراعة الأشجار المثمرة المتأقلمة مع البيئة المحلية، لم تكن محاولة فقط لاحياء الماضي، بل هي ضرورة ملحة بالنظر لأثر التغيرات المناخية، والتي بتنا معها نشهد فترات طويلة من الجفاف وأحيانا فيضانات مدمرة، كما هو الشأن للمجال الواقع على الواد الكبير “إغزار أمقران”، الذي أحدثت فيه فيضانات 2008 تغيرات جذرية.

 

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)