إلغاء قرارين تجاريين.. أي تأثير لعلاقات المغرب والاتحاد الأوروبي؟

الرباط/ الأناضول

بعد صدور حكم محكمة العدل الأوروبية المتعلق بإلغاء قرارين تجاريين لمجلس الاتحاد الأوروبي مع المغرب، تثار تساؤلات حول تأثير هذا الحكم على علاقات المغرب والتكتل الأوروبي.

تعتبر اتفاقية الشراكة في قطاع الصيد البحري الموقعة قبل 14 عاما بين المغرب والاتحاد الأوروبي، مقياسا حقيقيا لدرجة قوة العلاقات بين الطرفين، رغم العقبات التي تواجهها.

وأوضح مسؤول بوزارة الخارجية المغربية فضل عدم ذكر اسمه، للأناضول، أن “محكمة العدل الأوروبية أظهرت نفس الجهل بالقضية ومعاييرها القانونية والديمغرافية”.

وأضاف المسؤول أن “المحكمة دخلت في اعتبارات سياسية لا علاقة لها بالاتفاقيات وبالهدف المرجو منها.. نفس سيناريو 2015 يتكرر، مما يعني وجود محكمة أيديولوجية أكثر من كونها قانونية”.

وزاد: “سيتم استئناف القرار قريبا وسيتم تصحيحه كما حصل في الماضي”.

** تفاصيل الحكم

في 29 سبتمبر/ أيلول الماضي، أصدرت محكمة العدل الأوروبية، حكما يلغي قرارين تجاريين لمجلس الاتحاد المتعلق باتفاقيتين أبرمهما مع المغرب حول الصيد البحري والزراعي، تشملان سواحل ومنتجات إقليم الصحراء.

يأتي القرار، عقب شكاوى تقدمت بها جبهة “البوليساريو” ضد الاتفاقيتين، تشمل سواحل ومنتجات إقليم الصحراء، المتنازع عليه منذ عقود بين الرباط والجبهة.

وقالت المحكمة في بيان، إنها “تلغي قراري مجلس الاتحاد الأوروبي، المتعلقين باتفاقه مع المغرب لتعديل التفضيلات الجمركية التي يمنحها الأول لمنتجات منشأها المغرب، واتفاقية الشراكة بينهما في مجال الصيد البحري”.

وأوضحت أن “إلغاء الاتفاقيتين، يأتي لأنهما تشملان منتجات قادمة من إقليم الصحراء المتنازع عليه بين الرباط وجبهة البوليساريو.. القرار جاء بناءً على دعوى تقدمت بها البوليساريو”.

ووفقا للبيان، لن يدخل قرار المحكمة حيز النفاذ إلا بعد شهرين من صدور القرار.

وفي 6 يوليو/ تموز 2019، دخل اتفاق جديد للصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي، حيز التنفيذ، بعد أن تم توقيعه في بروكسل (عاصمة الاتحاد)، مطلع ذلك العام.

وكان المغرب أوقف في 25 فبراير/ شباط 2016، الاتصالات مع الاتحاد الأوروبي، ردا على حكم أولي لمحكمة العدل الأوروبية في ديسمبر/ كانون الأول 2015، بإلغاء اتفاقية تبادل المنتجات الزراعية والصيد البحري بين الجانبين، لتضمنها منتجات إقليم الصحراء.

وقررت الرباط في الشهر التالي، استئناف الاتصالات مع بروكسل بعدما تلقت المملكة تطمينات بإعادة الأمور إلى نصابها.

وتهم اتفاقية الصيد البحري نحو 120 سفينة صيد (80 بالمئة منها إسبانية)، ‏تمثل 11 دولة أوروبية، وهي: إسبانيا، والبرتغال، وإيطاليا، وفرنسا، وألمانيا، وليتوانيا، ولاتفيا، وهولندا، وإيرلندا، وبولونيا، وبريطانيا.

وتستخرج هذه السفن من المياه المغربية 83 ألف طن سمك سنويا، تمثل 5.6 بالمئة من ‏مجموع صيد الأسماك في كل المياه المغربية.

** تدخل الاتحاد الأوروبي

مباشرة بعد صدور حكم محكمة العدل الأوروبية، قرر المغرب والاتحاد الأوروبي، اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان الإطار القانوني لضمان استمرار واستقرار العلاقات التجارية بينهما.

جاء ذلك، بحسب بيان مشترك أصدره الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والأمنية، نائب رئيس المفوضية الأوروبية جوزيب بوريل، ووزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة.

وأبرز الطرفان أنهما “سيتخذان الإجراءات اللازمة لضمان الإطار القانوني، الذي يضمن استمرار واستقرار العلاقات التجارية بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المغربية”.

وقال البيان: “أخذنا علما بالأحكام الصادرة اليوم عن محكمة العدل الأوروبية.. سنتخذ الإجراءات اللازمة لضمان الإطار القانوني، الذي يؤمن استمرار واستقرار العلاقات التجارية بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المغربية”.

وبحسب البيان، فإن بوريل وبوريطة “سيظلان مستعدين بالكامل لمواصلة التعاون في جو من الهدوء والالتزام، من أجل تعزيز الشراكة الأورومغربية للازدهار المشترك، والتي انطلقت في يونيو/ حزيران 2019”.

** حكم بدون تأثير

واعتبر سعيد الصديقي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله (حكومية) بمدينة فاس، أن “حكم محكمة العدل لن يكون له أي انعكاس على العلاقات المغربية الأوروبية، لأن المشكلة مطروحة اليوم مع قضاة المحكمة وليس مع الاتحاد”.

وأضاف الصديقي للأناضول، أن “الاتحاد الأوروبي أظهر نوايا حسنة تجاه المغرب، الذي قام بجهود كبيرة لإقناع قضاة المحكمة من خلال مرافعاته وتوضيحاته بشرعية الاتفاقين (الصيد البحري والفلاحي)”.

وتابع: “هناك عنصر مهم في هذا المسار هو الاتحاد نفسه أخذ على عاتقه مهمة إصلاح ما جرى.. أتوقع أن يجد المغرب والاتحاد الأوروبي صيغا لإدخال بعض التعديلات على الاتفاقيتين لقطع الطريق على مسار إلغائهما”.

** انعكاس اقتصادي

وفق رشيد أوراز، الباحث الرئيسي بالمعهد المغربي لتحليل السياسات (غير حكومي)، فإن “المغرب لديه تجربة في التعامل مع حكم قضائي لمحكمة العدل الأوروبية، بعد تجربة 2015، علما أن مراحل التقاضي لم تستنفد بعد”.

وقال أورواز وهو خبير اقتصادي، للأناضول، إن “الحكم من شأنه أن يؤثر على الشراكة المغربية الأوروبية في المجال الاقتصادي خاصة إذا لم يتم مراجعته أو إحباطه”.

“المشكلة أن محكمة العدل الأوروبية لم تأخذ بعين الاعتبار الالتزامات المغربية في الاتفاقيتين، من بينها توجيه جزء من الموارد لتنمية المنطقة وإنشاء البنية التحتية”، وفق المتحدث.

وتصر الرباط على أحقيتها في إقليم الصحراء، وتقترح كحل، حكما ذاتيا موسعا تحت سيادتها، فيما تدعو “البوليساريو” إلى استفتاء لتقرير مصير الإقليم، وهو طرح تدعمه الجزائر التي تؤوي لاجئين فارين من الإقليم، بعد استعادة المغرب له إثر انتهاء الاحتلال الإسباني. ​​​​​​​

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)