صيدليات تنزانيا تعالج المرضى بدل الأطباء

دار السلام/ كيزيتو ماكوي/ الأناضول

يحذر خبراء صحة في تنزانيا من أن الاستخدام الخاطئ للمضادات الحيوية يزيد من مقاومة البكتيريا الخطرة وإمكانية تفوقها على الأدوية المصممة لقتلها.

وفي تنزانيا، غالبا ما يهرع الذين يعانون من ضائقة مالية إلى صيدلية لشراء المضادات الحيوية التي لا تستلزم وصفة طبية عند أدنى إشارة لإصابتهم بالحمى أو نزلات البرد.

مسؤولون محليون يحذرون من أن انتشار العدوى بالبكتيريا المقاومة لعدة مضادات حيوية أصبح مرتفعا في البلاد.

**المرضى تحت رحمة الدجالين:

توسي متالاز أم لطفلة تبلغ من العمر 5 سنوات، بعد 3 أيام من إصابة ابنتها بحمي وقشعريرة، اتجهت لصيدلية في حي ” تاندال” الفقير بدار السلام، لأنها لا تملك نقودا لزيارة الطبيب.

وفي تلك الصيدلية، التقت الأم بـ”جوستين كافيش” الذي استمع باهتمام إليها وهي تصف أعراض ابنتها وسألها عن مجموعة الحبوب التي كان قد صرفها لها في وقت سابق.

لكن الأم أجابته بغضب بأن “لا شيء من هذه الأدوية يعمل”، والحقيقة أن كافيش ليس صيدليا مدربا ولا يمتلك أي مهارات طبية، مثل العديد من الدجالين الذين يقدمون تشخيصا فوريا في ذلك الحي.

و استنادا لحدسه اختار كافيش بحزم بعض المضادات الحيوية، التي لم يبعها بعد إلى الأم، وأخبرها أن تتناول الطفلة حبتين منها مرتين في اليوم.

وعلى الرغم من افتقاره للخبرة، فإن التجربة العملية لكافيش جعلته يختار هذه الأدوية، وهو يعلم أن المضادات الحيوية قد لا تعمل لأنها غالبا لا تعالج الأشخاص الذين يشترونها.

وبسؤاله عن تشخصيه للمرضى رغم أنه غير مؤهل لذلك قال كافيش للأناضول: “إنها معضلة أخلاقية، ماذا تفعل لمريض ليس لديه المال لزيارة الطبيب؟”.

** خطر كبير

تعد مقاومة المضادات الحيوية من أكبر المخاطر التي تشكل تهديدا عالميا للصحة والأمن الغذائي والتنمية، ويمكن أن تسبب وفاة 10 ملايين شخص بحلول عام 2050، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية.

وتؤثر تلك المشكلة في الغالب على البلدان الإفريقية الفقيرة في جنوب الصحراء الكبرى، وتحدث مقاومة المضادات الحيوية عندما تغير البكتيريا نفسها استجابة لاستعمال تلك الأدوية.

وقد تسفر مقاومة البكتيريا عن عدوى التهابات يكون علاجها أصعب من تلك التي سببتها نظيرتها غير المقاومة للمضادات، بحسب المنظمة.

وفي دار السلام، عادة ما يشتري سكان الأحياء الفقيرة عددا قليلا من أقراص المضادات الحيوية، بدلا من الجرعة الكاملة، لعلاج أعراض تشبه الحمى، لتوفير المال.

**أسلحة لأهداف محددة

ويقول لينوس تشوا كبير علماء الأوبئة بمستشفى سانت برنارد في دار السلام للأناضول: “قد تخفف المضادات الحيوية، التي لا تستلزم وصفة طبية الأعراض مؤقتا، وقد يشعر المريض بالارتياح سريعا، لكن المرض الأساسي سيبقى”.

ويضيف: أن “الشخص يمكن أن يصاب بالحمى بسبب التهاب بالمسالك البولية، أو قد يكون بسبب الالتهاب الرئوي أو التيفويد، أو مجرد حمى فيروسية بسيطة، وفي كل حالة لا بد من نظام مختلف من العلاج والأدوية”.

بدوره يقول طبيب الطوارئ الشهير في دار السلام ديوس كيتابونديا للأناضول: “لا يُنصح باستخدام المضادات التي لا تستلزم وصفة طبية لأن المريض ربما يحاول علاج أعراض لا تسببها البكتيريا”.

ويشير إلى أنه “حتى إذا كانت الأعراض ناتجة عن عدوى بكتيرية، فهناك احتمالات بأن الدواء قد لا يعالج مثل هذه البكتيريا مما يزيد من مخاطر مقاومة المضادات الحيوية”.

ويلفت كيتابونديا، إلى أن “المضادات الحيوية تعمل مثل الأسلحة المصممة لمهاجمة هدف معين، وكل مضاد حيوي يستهدف نوع معين من البكتيريا”.

ويردف: “الأدوية التي يتم شراؤها دون وصفة طبية ستفشل بالتأكيد في استهداف البكتيريا، التي سوف تستمر دون أن تصاب بضرر”.

ويوضح كيتابونديا، أن “البكتيريا التي تتكاثر وتهاجم بسرعة يمكن أن تقاوم المضادات الحيوية؛ مما يجبر الأطباء على كتابة جرعات أعلى لإلحاق الضرر بها أو قتلها”.

ويشدد الطبيب، على أن “الاستخدام العشوائي للمضادات الحيوية يزيد من فرص مقاومة البكتيريا وتكوّن الطفرات”.

**خطة العمل الوطنية”:

أطلقت تنزانيا في عام 2017 “خطة العمل الوطنية بشأن مقاومة المضادات الحيوية”، للحد من هذه المشكلة ومن إساءة استخدام تلك الأدوية.

وتتضمن المبادرة، التي مدتها خمس سنوات، العمل على مكافحة هذا التهديد من خلال زيادة الوعي وتغيير السلوكيات بين المواطنين.

ورغم صعوبة الحصول على بيانات بشأن مقاومة المضادات الحيوية في تنزانيا، إلا أن السلطات الصحية واثقة أن مقاومة المضادات الحيوية شائعة الاستخدام، مثل أمبيسلين وتتراسيكلين وسيبروفلوكساسين، مرتفعة في البلاد.

ويحتفل العالم في 25 سبتمبر من كل عام باليوم العالمي للصيدلة، الذي يهدف لتسليط الضوء على دور الصيادلة في تعزيز الصحة العامة في بلادهم.

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)