أيها المعتقلون من الريف وجرادة..لماذا تقبلون العفو ؟!

 

بعد صدور العفو الملكي الأخير، عن جميع معتقلي حراك جرادة ومجموعة أخرى من معتقلي حراك الريف، بدأت بعض الأصوات “المتجذرة”، تعبر عن رفضها للعفو عن المعتقلين، معتبرة إياه مذلة في صورة منة، مطالبة المعتقلين بضرورة رفضه وإلا سيحملون وزر الخيانة.

 

مجموعة من هاته الأصوات، إن لم نقل غالبيتها لم تذق مرارة الاعتقال، ولا كان لها معتقل تقطع آلاف الكيلومترات (من الحسيمة الى البيضاء ومدن أخرى) قصد زيارته في السجن، غالبيتهم إن لم نقل جلهم لم يزر مدينة جرادة ولم يخبر أحوالها، ولا أحوال عائلات وأمهات المعتقلين.

 

لم يعلموا أن من بين هؤلاء الآباء والأمهات من لم يجد ثمن سيارة أجرة تنقله لزيارة ابنه في سجن وجدة.

غالبيتهم يتحدث من الخارج، أو خلف شاشة حاسوبه وهاتفه النقال.

 

إن قراءةً موضوعية بسيطة للعفو الأخير، ستخلص إلى الكثير من دلالات الانتصار، من حيث اعتباره تصويبا لخطأ الدولة، وإقرارا من أعلى سلطاتها بأن معالجة هاته الملفات ما كان يجب أن تتم بالاعتقال.

 

إقرار بأنها مقاربة أخطأت التقدير، فظنت أن سياسة الاعتقال والزج بالسجون ستكون حلا رادعا لكل من خرج للاحتجاج على أوضاعه الاجتماعية والاقتصادية.

 

في حين أن المقاربة الأصح تكمن في سياسات اقتصادية،اجتماعية، تنموية، تستجيب لمطالب المواطنين والمواطنات، وتلامس احتياجاتهم الأساسية، في تحقيق العدالة الاجتماعية والعيش الكريم.

 

معذرة، سنقبل العفو..

 

سنقبل العفو بحكم أنه مكتسب، خرج من أجله العشرات إلى الشارع، سنقبل العفو، ونثمن المبادرات التشريعية من أجل استصدار العفو العام وإطاره القانوني.

 

سنقبل العفو، وسنستمر في المطالبة بإطلاق سراح الجميع وتحقيق الانفراج السياسي والحقوقي، وتحقيق مغرب بدون اعتقال سياسي، وسنثمن كل مبادرة لتحقيق مصالحة حقيقية وشاملة، لتحقيق عدالة انتقالية تؤسس ركائز دولة الحق والقانون.

 

سنقبل العفو، فمعركة دمقرطة الدولة طويلة وشاقة، اعتقل واستشهد من أجلها خيرة أبناء هذا الوطن، معركة لا يقوى عليها أصحاب الجمل الرنانة  من خلف الشاشات ومتجذري الخارج، معركة لن تحقق أهدافها إلا بتضحيات أبناء هذا الشعب وقواه الحية.

 

جواد اتلمساني، ناشط حقوقي

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)