مشروع قانون شبكات التواصل..هل تورطت حكومة العثماني في محاولة تكميم أفواه المغاربة؟

 

موجة غضب عارمة، تجتاح الفايسبوك المغربي منذ الليلة الماضية، بعد نشر مصطفى الفكاك المعروف بـ”سوينغا”، أحد أبرز مؤثري شبكات التواصل الاجتماعي وصناع المحتوى بالمغرب، لبعض مضامين مسودة مشروع القانون رقم 20.22 المتعلق باستعمال شبكات التواصل الاجتماعي وشبكات البث المفتوح والشبكات المماثلة.

 

و من جملة ما ورد فيها عقوبات قاسية تصل إلى خمس سنوات وغرامات مالية تصل إلى 5 ملايين سنتيم، على من “اقترف” بعض الأفعال، من قبيل الدعوة بشكل متعمد إلى مقاطعة بعض المنتجات أو البضائع أو الخدمات أو القيام بالتحريض علانية على ذلك.

هذه المقتضيات وأخرى، خلفت حالة من الصدمة وسط المتابعين، وهو ما دفع الآلاف منهم إلى إستنكارها، وإعتبارها مسا جوهريا بحرية التعبير المكفولة بموجب الدستور المغربي.

 

بل وطرح العديد منهم أسئلة بخصوص الشروع في مسطرة تمرير هذا القانون في الظروف الحالية، وما إذا كان هذا القانون يكتسي الاستعجال لادراجه على جدول مجلس الحكومة الذي انعقد في التاسع عشر من مارس الماضي، وهو التاريخ الذي صادقت فيه الحكومة على هذا المشروع غير أنها لم تحله حتى الأن على البرلمان لمباشرة دراسته والمصادقة عليه وفق المسطرة التشريعية المعروفة.

 

هذا الوضع دفع بنزار خيرون، مستشار رئيس الحكومة، المكلف بالاعلام إلى الخروج بتوضيح في الموضوع، حيث كتب ساعات بعد فترة قصيرة من نشر صانع المحتوى الأشهر في المغرب لتلك المقتضيات مرفقة بتدوينة متوجسة من مقتضيات القانون ردا مما جاء فيه “إن مشروع القانون المعني، لم يحل بعد على البرلمان، لأنه مايزال قيد الدراسة في لجنة تقنية شُكِّلت لهذا الغرض ولايزال قيد التطوير قبل أن يحال على لجنة وزارية للدراسة والاعتماد”.

بعدها بساعات، خرج وزير الدولة لحقوق الاسنان، مصطفى الرميد بتوضيح أخر، مما يستفاد منه أن المسودة النهائية لهذا المشروع لم تحل بعد على البرلمان وان المقتضيات التي أثارت الجدل وسط مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي، سبق لأعضاء من الحكومة أن اعترضوا عليها.

توضيح الرميد يؤكد ما كشفه مصدر مطلع لشمس بوست، وهو أن بن عبد القادر وزير العدل الذي أعد المشروع، فاجأ أعضاء الحكومة بمضامين المشروع المقدم، وهو ما دفع عدد من الوزراء وضمنهم الرميد إلى تقديم اعتراض شديد على مضامين هذا القانون.

 

هذا الأمر هو ما يفسر وفق نفس المصدر عدم نشر المشروع كسائر المشاريع التي يتم اعدادها ويتم ترويجها حتى قبل إقرارها من قبل مجلس الحكومة.

 

وأبرز بأن الحكومة اهتدت في النهاية للخروج من النفق الذي وجدت فيه نفسها، الى احالة المشروع بعد التعديلات المقترحة من قبل أعضاء الحكومة الرافضين له على لجنة تقنية ومن ثمة لجنة وزارية قبل إقرار النسخة النهائية التي سيتم بعثها للبرلمان لتدارسها وإقرارها.

 

لكن هذه المسطرة الاستثنائية التي سلكتها الحكومة، والتي سمحت بإدخال تغييرات حتى بعد المصادقة، هي نفسها وضعها العديد من الغاضبين محط شك، وقدمها بعضهم على أنها ليل ارتباك داخل الحكومة بخصوص هذا القانون، وان كان العديد من المتابعين يؤكدون بأنه ليست المرة الاولى التي يتم فيها اتباع نفس الخطوات عندما يتعلق الامر بقوانين لا تحظى بإجماع أعضاء الحكومة.

 

أسئلة تطرح نفسها

 

هناك العديد من الأسئلة طرحت في سياق التفاعل الذي واكب نشر تلك المقتضيات، لعل أبرزها، لماذا يتم تسريب أو نشر تلك المقتضيات بعد مرور حوالي شهر ونصف من إقرار الحكومة لمشروع القانون، وفق الشروط المذكورة في بلاغ المجلس الحكومي المنعقد في ذلك التاريخ؟

 

وفي نفس السياق، هناك من ربط بين النشر، بغض النظر عن الجهة التي نشرت، وبين إقرارا فشل المشروع في مسودته الأولى، والتي سعى من خلالها من حضرها فرض قيود كبيرة على حرية التعبير، وحماية “لوبي اقتصادي” بعينه من النقد عبر شبكات التواصل، قبل أن تلجأ إلى طريقة “التسريب” لاحراج الحكومة، وهو ما يفسر وفق العديد من المراقبين دخول بعض “الأسماء” التي عرفت بمواقفها السلبية في بعض المحطات وبالخصوص محطة المقاطعة للظهور في هذا الملف بأنها تقف ضد الحكومة في سعيها لتمرير المشروع!

 

أما السؤال الأهم، والذي قال العديد من المتابعين بأن الإجابة عنه يوضح الكثير من الأمور “الغامضة”، وتعيد الأمور إلى سياقها ونصابها الطبيعي، هو لماذا لم تشرع الحكومة حتى الأن في الكشف عن التعديلات التي أجريت في اللجنتين، إذا انتهت وبالتالي نشر المسودة النهائية للمشروع قبل إحالتها على الغرفة الأولى للبرلمان؟

 

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)