ضرب المثل في رجل كان على متن سفينة مع آخرين .. فهبت عاصفة قوية أغرقت السفينة ولم ينج سوى الرجل و بعض الركاب، حيث أن الأمواج تلاعبت بجسده حتى رمته على شاطئ جزيرة مهجورة .. أفاق من غيبوبته فسأل الله العون و النجاة .. خلال تواجده في الجزيرة ، أصبح يقتات على ثمار الشجر وما يصطاده من أرانب ، وبنى له كوخا من أعواد الشجر ليحمي نفسه قسوة برد ليلا و حر شمس النهارا .
ذات يوم وبينما هو يتجول حول كوخه بانتظار طعامه أن ينضج ، شبت ألسنة النار في الكوخ وما حوله فأحرقته . و صار يبكي بحرقة ويصرخ : “حتى الكوخ احترق ولم يتبق لي شيء ، لم يحدث هذا معي يا رب؟”
نام ليلته تلك وهو جائع وحزين . لكنه في الصباح استيقظ على مفاجأة سارة للغاية، فقد اقتربت سفينة من شاطئ الجزيرة وأرسلت للرجل قارب صغير لتُنقذه. وعندما صعد الرجل إلى السفينة، سأل طاقمها كيف عثروا عليه، فأجابوه: “لقد رأينا دخانًا، ففطنا لأن شخصا ما يطلب يد المساعدة ”.فاحتراق كوخه كان سببا في إنقاذه ، ولولا اللهب الذي شب فيما شب لبقي في الجزيرة إلى الأبد .
في العادة هاته القصة التي تروى للدلالة على انفراج الأزمات و المحن و أن أي حدث إلى الزوال و الإندثار تشبه إلى حد كبير ما نعيشه هاته الفترة و نحن في حرب وطيس مع كائن مجهري ـ لا نعلم متى سيختفي من ساحة الوغى ـ .. رغم وجود قاعدة النشاز في كل أمر إلا أننا فطننا – في خضم هاته الغمة – إلى الجزء المشرق في حياتنا و انتبهنا لأهمية دفء العائلة و نعمة الصحة و الولد ..
من بيننا من كانت له الفرصة للجلوس مع ذاته و سبر أغوارها .. من بيننا من أعطى نفسا جديدا لحياته بتعلم مهارات … من بيننا من حقق إنتصارات صغيرة بينه و بين نفسه جعلته يتمسك بقشة من أمل تنجيه من زمهرير العاصفة … وأيضا من بيننا من أدرك قيمة أن يكون سيد قراراته .. كما تعلمنا أن نحس بقيمة حياتنا و حياة غيرنا ومعنى التضامن لبلوغ مرسى الأمان .. إلى آخره
إن فقهنا كل الخلاصات السابقة و أحسنا التصرف .. نكون قد ربحنا الحاضر و المستقبل .. ربح الحاضر يكمن في استغلال الوضع و تحويله من محنة إلى منحة نرى منها الأفق من زاوية إيجابية و مثمرة … و ربح المستقبل يكمن في أننا تعرفنا على كنوز دفينة في دواخلنا يحتم علينا صونها وقت رخاء حل بعد شدة .
تذكير .. دوام أي حال من المحال كما أن كل مر سيمر … الكيس من اعتبر …
دمتم سالمين غانمين في صحتكم معافين ….
تعليقات ( 0 )