رأي: شعب ظالم وغير عادل

يقول الفيلسوف الكندي ألان دونو في كتابه “سيطرة التافهين”، أن التافهين قد حسموا المعركة. ربح التافهون الحرب وسيطروا على عالمنا وباتوا يحكمونه.
يعطي أستاذ الفلسفة والعلوم السياسية نصيحة فجّة لناس هذا العصر: “لا لزوم لهذه الكتب المعقدة. لا تكن فخوراً ولا روحانياً. فهذا يظهرك متكبراً. لا تقدم أي فكرة جيدة. فستكون عرضة للنقد. لا تحمل نظرة ثاقبة، وسع مقلتيك، أرخ شفتيك، فكر بميوعة وكن كذلك. عليك أن تكون قابلاً للتعليب. لقد تغير الزمن. فالتافهون قد أمسكوا بالسلطة”!
مناسبة إستحضار هذا الكلام للفيلسوف الكندي، هو بسبب كم التفاهة التي اصبحنا نمسي ونصبح عليها، في كل مكان، اصبحت التفاهة جزء لا يتجزأ من واقعنا، وعالمنا الإفتراضي خاصة، اصبحت مواقع التواصل الإجتماعي تعج بفوضى غريبة.. أصبحت اشبه بسويقة شعبية تفوح منها رائحة السمك الكريهة.
نحن شعب ظالم وغير عادل، نشجع التافهين ونصنع منهم ابطالا، ثم يسيطرون علينا، ويغرقوننا في تفاهاتهم، صارت التفاهة نظاما، يفرض علينا، واصبحت الصحافة، تتسابق نحو التافهين، اصبح المصور الصحافي يقتنص بكامرته حركات التافهين وكلامهم التافه، ليحقق الملايين من المشاهدات ويرضي مديره في العمل.
حينما يتساءل بعض المثقفين عن سبب انحطاط الصحف والمواقع الإخبارية، فلا يجب عليهم أن ينتظروا جوابا مقنعا حول هذه التساؤولات، فهذه الصحف نفسها لا تفهم هذه الرداءة التي أصبحت تتخذها عنوانا.. نحن شعب ظالم وغير عادل، لأن الصحافي يكتب مقالا مطولا حول موضوع ما، يظن أن مجهوده سيلقى صدى ! لكن لا أحد يكترث لمجهوده، يا لسوء حظه.. فإذا استمر هكذا ربما سيفاجئ بالطرد ذات يوم.. بالرغم من مواضيعه الجيدة. فالمدير يريد المشاهدات والمراتب الأولى.. أما المواد الجيدة ستتسبب في الإفلاس.
أصبحت كل المجالات التي لا تتخذ من التفاهة مشروعا، تحكم على نفسها بالإفلاس، فالتفاهة ارتفعت اسهمها في اسواق البورصة، وأصبحت تحظى بإحترام واهتمام الجميع.. لقد نجحوا في تخدير العقول.

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 1 )
  1. محمد :

    مقال جميل وتحليل صائب.. استمروا

    0

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)