جمال العثماني يستذكر مأساة طرده من الجزائر رفقة الاف المغاربة في “المسيرة الكحلا”

إذا كانت سنة 1975 تؤرخ لنجاح المسيرة الخضراء، فهي أيضا تؤرخ لكارثة من أكبر الجرائم العظمى في حق الانسانية في العصر الحديث، ارتكبها نظام الجزائر ظلما وعدوانا في حق مغاربة عزل في ظروف لا أخلاقية ولا إنسانية مجردين من كل أملاكهم المادية والعينية سماها ب”المسيرة الكحلة”…بعد أن تحطمت أحلامه، وتبخرت أطماعه بفعل انتصار المغرب و استرجاع أقاليمه الجنوبية..

                                    *

إن عملية الطرد التعسفي التي طالت مغاربة الجزائر سنة 1975 هي قضية قائمة بذاتها وتشكل جريمة جنائية قبل أن تكون سياسية، لايمكن طمسها داخل اللعبة السياسية بدعوى التوافق أو الاختلاف بين المغرب والجزائر وحتى لو تم التصالح فتبقى الجريمة ولا يطالها التقادم..

جمال العثماني

كما أن هذه الجريمة تكتسي صبغة إنسانية صرفة…مازالت جروحها لم تندمل ومازالت  ذكراها الأليمة عالقة في أذهان الكثير من  المرحلين الذين لم يخطر في بالهم يوما أنهم سيتعرضون لهذه الخزية رغم الروابط التاريخية والدينية التي ألفت بين الشعبين منذ عقود وما قدموه لثورة التحرير الجزائرية من تضحية، كما أنها خلفت اهتزازات عقلية ونفسية..(أمي خضرة وعمتي مومة نموذجا).

“يامنة بنت بوجمعة” جدة كاتب المقال جمال العثماني…تاريخ الازدياد 1893 كان في عمرها 82 سنة يوم تم طردها

قضية المغاربة ضحايا الطرد التعسفي هي قضية وطنية وجب على الدولة المغربية والهيئات الحقوقية الرسمية، و غير الرسمية أن توليها العناية الكافية والتشهير بها حتى يعلم العالم بما اقترفه النظام الجزائري من خروقات سافرة في حق الانسانية التي طالما يتبجح النظام الجزائري بالدفاع عن حقوها ونصرة مطالبها، وهو في نفس الوقت قد انتهك حقوقها بحيث قام بطرد ناس لا حول لهم ولا قوة

 

قضية المغاربة المطرودين من الجزائر سنة 1975 جريمة نكراء ارتكبها النظام الجزائري في حق عائلات مغربية قدمت الغالي والنفيس من أجل تحرير الجزائر، عائلات منها أب شهيد وابن شهيد وأخ شهيد ومعطوبو حرب وأئمة كانوا يؤمون بالمصلين ويحفظون أطفال الجزائر القرآن.

 ورغم ذلك من شدة الحقد على نجاح المسيرة الخضراء المظفرة واسترجاع المغرب أقاليمه الجنوبية، بومدين ونظامه آنذاك وكرد عدائي همجي، فجروا غضبهم حسدا، فانتقموا وتنكروا لما قدمه هؤلاء المغاربة للجزائر من تضحية سواء أثناء حرب التحرير أو بعد الاستقلال، حيث ساهموا بشكل كبير في تنمية اقتصادها بحكم أن أغلبهم كانوا يمارسون التجارة والفلاحة ويمتهنون حرفا حيوية أخرى.

عملية الطرد شملت أكثر من 45 ألف عائلة مغربية في ظروف لا أخلاقية ولا إنسانية وبدون إخبار أو إعلام، حيث تخللته خروقات سافرة، لم تحترم حرمات المنازل، ولم يسلم منه شيخ ولا شاب ولا مرضعة ولا حبلى ولا مريض ولا معوق ولا طفل ولا امرأة.. عراة حفاة إلا مما حملته يداك إما حقيبة أو رزمة. حتى المريض من المستشفى لم يسلم من بطشهم…  لم يرحموا أحدا.

 

كان ذلك يوم الإثنين 8 دجنبر 1975.. عندما بدأت أولى حافلات الخزي الجزائري بترحيل المغاربة نحو مركز زوج بغال… في أيام عيد الأضحى.. يوم السبت الذي يصادف 13 دجنبر.. شهر ذو الحجة 10..1395 هجرية، بمعنى أن هناك عائلات تم طردها في هاته الأيام المباركة.. ولم تفرح بيومه السعيد.

بقلم جمال العثماني/ أحد المطرودين من الجزائر 

 

شاهد أيضا: 

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)