Site icon شمس بوست

هل تحدث كرة القدم شرخا في العلاقات المغربية التونسية؟

 

عرفت مباراة الدور النهائي من دوري الأبطال التي جمعت بين الوداد الرياضي المغربي، والترجي التونسي (حسب غالبية الأخصائيين) تجاوزات وخروقات لصالح الترجي التونسي؛ فبعد إلغاء الحكم للهدف المغربي الذي سجل في الدقيقة التاسعة والخمسون احتج الوداد الرياضي، وطالب بالانصاف التحكيمي وذلك من خلال العودة إلى تقنية الفار “VAR”… لكن الحكم رفض بداعي وجود مشكلة بتقنية حكم الفيديو المساعد… مما زاد من غضب الفريق المغربي وامتناعه عن استئناف المبارة،لتنتهي بفوز الترجي التونسي…

 

وبعد الأحداث التي عرفتها المباراة قرر الاتحاد الافريقي لكرة القدم بعد اجتماع طارئ إلزام الفريق التونسي بارجاع الكأس والميداليات إلى الكاف، وإعادة المبارة في ملعب محايد…وقد شكل هذا القرار مصدرا لغضب الشعب التونسي، ومصدرا لفرح الشعب المغربي…

 

وقد لجأ الشعبين الشقيقين أمام تضارب مصالحهما ومشاعرهما، واعتبار كل واحد منهما أنه مظلوم وأن الطرف الآخر ظالم إلى ميدان الصراع الإلكتروني، وبدأت بذلك الحرب (التي لا يمكن أن يستهان بها) حرب تهدف بشكل مباشر إلى خلق تصدعات في العلاقات التونسية المغربية، بل قد نجحت في كسر العلاقة الوطيدة الضاربة في جذور التاريخ… حيث أينما وليت وجهك تجد السب والشتم من كلا الطرفين، سب جاوز الكرة إلى العادات والتقاليد والنظم السياسية والاجتماعية…

 

بل ذهب إلى أبعد من ذلك حيث توغل في تاريخ كلا البلدين، فأصبح شغلهما الشاغل أن يجد كل واحد منهما عيوب الطرف الآخر ولو كانت من آلاف السنين…

 

فانكب بذلك غالبية المغاربة على الاستهزاء حينا بالفريق، ومطالبته بإرجاع الكأس والميداليات، مستعملا في ذلك عبارات مستفزة من قبيل “غسلو الميداليات ورجعوهم” أو ” نوضو على سلامتكم شاركتو معانا في الكميرا الخفية”… وفي حين آخر الاستهزاء بالحكم عن طريق رسومات كاريكاتورية وصور…

ولم يتخذ الشعب التونسي موقف الصمت الحكيم؛ بل إنه شجع نتيجة المباراة، وشجب قرار الاتحاد الافرقي لكرة القدم؛ هذا القرار الذي كان بمثابة صفعة أولى في خذ تونس، والصفعة الثانية كانت من المغرب بعد القرار… فذهب بذلك إلى السب والشتم الكروي والسياسي والاجتماعي والاقتصادي…

 

والأمر الخطير؛ أن الذين لم يسلم من هذه الحرب الخبيثة التي أبانت عن جهل الشعوب العربية، وعن التحكم الذي تمارسه مؤسسات خارجية فيها… حرب تأتي لتؤكد على أن الكرة ” أفيون الشعوب”… ذلك أن لها القدرة على هدم التاريخ في تسعين دقيقة أو أقل… لها القدرة على تحويل الحليف منافس، وتحويل الصديق عدو في تسعين دقيقة أو أقل… لها القدرة على بناء الحواجز بين الأشقاء… بل و على إبقاء الشعوب فقيرة إلا من الجهل…

 

كما تأتي هذه الحرب لتؤكد أن المثقف في البلاد العربية، هو مثقف وطني لا قومي، مثقف كحزمة قش تدره الرياح عندما يتعلق الأمر بمواضيع تحتاج إلى تحكيم العقل والتريث في تحليلها ومناقشتها…

 

تأتي الحرب لتؤكد لنا أن لا الدين ولا اللغة ولا الجغرافية ولا التاريخ ولا المصير المشترك… لهم القدرة على صد زحف الخطر الذي يهدد المنطقة المغاربية، والبلاد العربية… وأمام كل هذا لايسعنا إلا أن ننتظر  نتيجة إعادة المباراة.

 

ونحن نتساءل: هل تنتهي التفرقة بنهاية الحرب؟ أم أنها البداية فحسب؟!

شيماء بنساسي، طالبة وفاعلة جمعوية

Exit mobile version