Site icon شمس بوست

حراك ماء فجيج بين المغالطات والمسكوت عنه

في أسباب حراك ماء جيج:

من المعلوم أن واحة فجيج تعيش منذ فاتح نونبر 2023، حراكا اجتماعيا غير مسبوقا يتم من خلاله  التعبير  عن خطورة استهداف المرفق العام و التراجع  عن تقديم الخدمات العمومية للمواطنين و تفويت قطاعات استراتيجية مهمة للقطاع الخاص و ذلك عبر مختلف  أشكال التظاهر السلمية احتجاجا على خوصصة المياه و تفويت تدبيرها لشركة خاصة تم إحداثها في سياق تنزيل القانون رقم 21 – 83 المتعلق بالشركات الجهوية متعددة الخدمات.

و قد بدأت الاحتجاجات العارمة التي تعرفها الواحة منذ يوم فاتح نونبر 2023 ، تاريخ مصادقة جماعة فجيج على انضمامها إلى مجموعة الجماعات الترابية الشرق للتوزيع ، بعد أن سبق لها أن رفضت و بالإجماع انضمامها إلى المجموعة  يوم 26 أكتوبر 2023، مع العلم أن جماعة فجيج، تقوم بالتدبير الذاتي و المباشر للماء الصالح للشرب منذ بداية الستينات من القرن الماضي.  ولم يسبق لها أن لجأت إلى تفويض تدبيرهسواء في المرحلة التي كانت فيه جماعة قروية أو في المرحلة التي تحولت فيها بشكل قسري و ضد المنطق و التاريخ و الجغرافيا إلى بلدية أو جماعة حضرية

و في ظرف 5 أيام، جرت تحت الجسر مياه ، سيحصل بسببها تحولا  مفاجئا  و انقلابا سريعا على قرار قانوني اتخذته الجماعة بالإجماع و بشكل ديمقراطي  يوم 26 أكتوبر 2023  يقضي برفض الانضمام إلى مجموعة الجماعات الترابية الشرق للتوزيع، لكن و بقدرة قادر، تم التراجع عليه و التصويت على الموافقة على الانضمام إليها بأغلبية 9 أصوات، مقابل 8  يوم فاتح نونبر 2023.

وقد تسبب هذا الانقلاب الغير المبرر من الناحية القانونية والأخلاقية في اندلاع الاحتجاجات بمختلف أشكالها التي تعرفها الواحة مند 01 نونبر 2023  و ما زالت مستمرة  إلى حدود الآن، و كل المعلومات الواردة من الواحة المؤشرات ذات الصلة، تفيد أن هناك إصرارا غير مسبوقا لاستمرارها ما دامت الأسباب التي أدت إليها ما زالت قائمة.

و أكيد أن الشعارات و اللافتات التي تم  و يتم رفعها  مند بداية الحراك  السلمي من قبيل: ” مياه فجيج خط أحمر،لا للشركة،المياه مياهنا و القرار قرارنا،مياه فجيج ليست للبيع،تلخص ما جرى و يجري بالواحة منذ حوالي 5 أشهر،  و يفسر استمرار الاحتجاجات بمختلف أشكالها بتلك الوتيرة و مشاركة جميع الفئات الاجتماعية و من مختلف قصور فجيج  و أحيائه الهامشية، بل الأكثر من هذا، تبين مستوى وعي الساكنة المحلية و مؤطري الحراك بخطورة تفويت الماء للشركة وإدراكهم  الواعي للانعكاسات الخطيرة لهذا التدبير على مستقبل الواحة و على استمرار اخضرارها و على نمط العيش فيها، بل و حتى على الاستقرار فيها……، إنها شعارات  تدحض بكل بساطة  و وضوح ادعاءات الأطراف التي تؤكد على أن أسباب احتجاجات ساكنة فجيج، تعود إلىالضغط الممارس على مختلف فئاتها الاجتماعية و ترهيبها  لإرغامها على الاحتجاجو إلىالمغالطات التي تم و يتم نشرها  لغرض في نفس يعقوبخاصة في صفوف النساء“.

ترى عن أي مغالطات يتحدث هؤلاء؟

فهل يستقيم أن تنطلي هذه المغالطات على الأغلبية المطلقة من ساكنة فجيج المحتجة؟

وهل انطلت حتى على نخبة فجيج وعلى الجمعيات والمنظمات الحقوقية والأحزاب السياسية التي ساندت الحراك في مسعاها الرامي إلى رفض خوصصة ماء فجيج وتفويت تدبيره  للشركة؟

و هل يقبل المنطق أن تصمد هذه المغالطات كل هذه المدة؟

إذا كانت الأطراف التي تحدثت عنمغالطات تم ترويجها لإقناع الساكنة على الاحتجاج، قامت بنشر ماسمتهتوضيحات، فإن الساكنة المحتجة و معها الرأي العام  الوطني و المحلي ما زال يتساءل عن سر سكوت و صمت نفس الأطراف على عدد من الإشكاليات ذات صلة بما جرى و يجري بفجيج.

عشر(10) إشكاليات مسكوت عنها :

إن المداولات التي عرفتها جماعة فجيج  أثناء انعقاد  دورتها الاستثنائية بتاريخ 26 أكتوبر 2023، كانت سليمة و صحيحة من الناحية القانونية ،و لم يشوبها أي خلل يستدعي الدفع ببطلانه.

و إذا كان الأمر كذلك ، فقد  كان حريا على عامل الإقليم في إطار ممارسة صلاحياته  المتعلقة بتأمين القانون وممارسة المراقبة الإدارية، طبقا للفصل 145 من الدستور، أن يتأكد فيما بعد من مشروعية مقرر الجماعة، و يصادق عليه، أو يعترض عليه طبقا للقانون، دون أن يقوم مباشرة بدعوة رئيس الجماعة و نوابه للاجتماع خصص لتبديد المخاوف“.

و السؤال الذي يفرض نفسه بإلحاح هو : هل مقرر جماعة فجيج الرافض لانضمامها إلى مجموعة الجماعات الترابية الشرق للتوزيع، شابته عيوب قانونية  ؟

  يتضح من خلال العودة إلى المقتضيات القانونية ذات الصلة، أنه لتكون مداولات مجلس الجماعة الترابية صحيحة، لا بد  من توفر النصاب القانوني المتمثل في نصف عدد الأعضاء المزاولين مهامهم عند افتتاح الدورة، ( المادة  42 من القانون رقم 14-113 المتعلق بالجماعات)، بعد استدعاء من الرئيس الذي يقوم  بإخبار الأعضاء بتاريخ و ساعة و مكان انعقاد الدورة، بواسطة إشعار مكتوب  يوجه إليهم 10 أيام  على الأقل قبل انعقاد الدورة ( المادة 35 من القانون المذكور ).

و نظرا لكون عامل إقليم فجيج هو الذي بادر إلى دعوة الجماعة إلى عقد دورة استثنائية بناء على جدول أعمال اقترحه، ومادام أن الرئيس هو من قام باستدعاء أعضاء الجماعة لعقد دورة استثنائية  يوم 26 أكتوبر 2023، وبما أن جميع أعضاء الجماعة قدحضروا.

وحيث أن النقطة المدرجة بجدول أعمال هذه الدورة و الخاصة بالموافقة على انضمام جماعة فجيج إلى مجموعة الجماعات الترابية الشرق للتوزيعتتعلق بمرافق الماء الصالح للشرب و الكهرباء و تطهير السائل، التي تدخل في صميم اختصاصات الجماعات الترابية ( المادة  41 من القانون ).

وبما أن أعضاء الجماعة قد تداولوا في الموضوع بشكل قانوني وديمقراطي  و صوتوا بالإجماع  ( المادة 43 تنص فقط على الأغلبية المطلقة) على مقرر رفض الانضمام إلى مجموعة الجماعات الترابية المذكورة،

فهذايعني بكل بساطة و وضوح، أن مـــــقــرر جماعة فجيج الذي اتخذته يوم 26 أكتوبر 2023، يعتبر مــــشروعا  ومنطبقا مـــع الـــقـــانـــــــون،  و يخلو من أي عيوب تقتضي الدفع بعدم مشروعيته .

لكن وقع ما لم يكن في الحسبان، حيث  قام عامل الإقليم بدعوة الجماعة إلى عقد  دورة  استثنائية  يوم 30 أكتوبر 2023، بنفس جدول أعمال، ليتم تأجيلها لليوم الموالي، و بقدرة قادر صادقت الجماعة يوم فاتح نونبر 2023 ،على انضمامها إلى مجموعة الجماعات الترابية الشرق للتوزيع.

إنمجرد  دعوة  جماعة فجيج  إلى عقد دورة  استثنائية  يوم 30  أكتوبر 2023،  و دعوتها للمصادقة غلى انضمامها إلى المجموعة،  يعتبر تدخلا سافرا في شؤون الجماعة و  ضربا لاستقلاليتها  بل و خرقا سافرا للفصل 135 من الدستور الذي ينص على أن : ” الجماعات الترابية أشخاص  خاضعة  للقانون العام، تسير شؤونها بكيفية ديمقراطية  ، و لفصله 136 ،الذي ينص على أن التنظيم الجهوي و الترابي  يرتكز على مبادىء التدبير الحر…” ، بل و خرقا سافرا أيضا للمادة 3 من القانون رقم14-113 المتعلق بالجماعات ، التي تنص على : ” يرتكز تدبير الجماعة لشؤونها على مبدأ التدبير الحر الذي يخول بمقتضاه لكل جماعة في حدود اختصاصاتها المنصوص عليها في القسم الثاني  من هذا القانون التنظيمي ، سلطة التداول بكيفية ديمقراطية ، و سلطة تنفيذ مداولاتها و مقرراتها، طبقا لأحكام هذا القانون التنظيمي و النصوص التشريعية و التنظيمية المتخذة لتطبيقه“.

و كخلاصة، يمكن القول أنه إذا كانت الأسباب الرئيسية  التي أدت بساكنة فجيج  إلى الاحتجاج، تعود إلى رفض تفويت تدبير الماء الصالح للشرب الذي دبرته الجماعة منذ بداية الستينات، للشركة الجهوية المتعددة الخدمات الشرق للتوزيع ، و رفض انضمام الجماعة إلى مجموعة الجماعات الترابية الشرق للتوزيع، فإن حل المشكل القائم حاليا، يكمن بكل بساطة و وضوح  في :

متتبع فكيكي

Exit mobile version