النموذج التنموي الجديد: المغاربة فقدوا الثقة في السياسيين ويشعرون بإنعدام المساواة والحماية الإجتماعية

كشف تقرير النموذج التنموي الجديد، الذي عرضه رئيس اللجنة المكلفة بإعداده، شكيب بنموسى، يوم أمس الثلاثاء على الملك محمد السادس بالقصر الملكي بفاس، أن المغاربة يشعرون بضعف الحماية الإقتصادية والإجتماعية والقضائية، وضعف الثقة في النحب السياسية.

 

وأكد التقرير أنه بقــدر مــا تشــيد المشــاورات التي قامت بها اللجنة وطنياً، بالمكتســبات المحــرزة، فإنهــا تُبــرز بعــض المخــاوف بشــأن المســتقبل نابعــة أساســا مــن الإحساس بتعطــل آليات الارتقاء الاجتماعي وتلاشي الثقــة في قدرة المؤسســات العموميــة علــى الســهر علــى الصالــح العــام. مشيراً ألى أن المشــاركون، بــكل أصنافهــم، أعربوا عــن قلقهــم إزاء هــذه الحالــة التــي يزيدهــا استفحال الشــعور بضعــف الحمايــة الاقتصادية والاجتماعية والقضائيــة.

 

ويتجلــى ضعــف الثقــة أيضــا، وفق التقرير ذاته، إزاء النخــب السياســية والاقتصادية والفئــات الاجتماعية الميســورة والتــي ينظــر إليهــا مــن زاويــة اســتفادتها مــن امتيــازات غيــر مشــروعة وأنهــا غيــر حريصــة علــى المصلحــة العامــة، إذ تأســف غالبيــة المواطنيــن الذيــن تمــت استشــارتهم لغيــاب آليــات التقنيــن الفعلــي للأنشطة الاقتصادية وكــذا لانعدام حــد أدنــى مــن الحمايــة الاجتماعية للجميــع.

 

ويرى تقرير النموذج التنموي الجديد، أن التوزيــع غيــر المتكافــئ للمجهــود الإنمائي عبــر التــراب الوطنــي، تحــت التأثيــر المــزدوج لضعــف الإمكانيات والإختــلالات فــي تدبيــر الشــأن العــام، يغــذي الشــعور بوجــود تعامــل متبايــن مــع الســاكنة ومــع المجالات الترابيــة ويقــوي الفجــوة بيــن “مــن يتوفرون على كل شــيء ومــن لا يملكون أي شــيء”.

 

كما أن التهميش الــذي يطــال بعــض المناطــق وإقصــاء العالــم القــروي وإضعــاف الطبقــة الوســطى والإحساس الســائد بركــود الحركيــة الاجتماعية، يضيف التقرير، تمثــل المآخــذ الأكثر ورودا فــي المشــاورات المواطنــة وخلال جلســات الإنصات توالــت المطالــب حــول الولــوج المتكافــئ إلــى الخدمــات العموميــة.

 

وأشار تقرير لجنة بنموسى الى وجود قناعــة مشــتركة لــدى المواطنيــن مفادها أن الإدارة والقطاعــات العموميــة والمرافــق العامــة، خاصــة فــي مجالات التربيــة والتكويــن والصحــة، لــم تعــد تؤدي وظيفتهــا كآليــة للإدماج، مولــدة إحباطــات عميقــة ومغذية لأجواء أزمة الثقــة في الفعل العمومــي وإزاء الدولة، مؤكدين علــى التفــاوت الحاصــل بيــن روح الدســتور والوعــود التــي يحملهــا وبيــن حقيقة ممارســة الســلط والحريــات والاختصاصات.

 

وكشف التقرير الذي اعتمد في صياغته على  منهجيــة الإنصات والمشــاورة الوطنيــة الموســعة، أنه علــى الرغــم مــن الآمال التــي يحملهــا، فــإن الإصــلاح الدســتوري لســنة 2011 لــم يتــم تفعيلــه داخل الآجال المنتظــرة ولــم يتــم إســناده بحلــول شــاملة ومندمجــة بخصــوص التنميــة الاقتصادية والاجتماعية.

 

وفسـر التقرير هــذا الواقــع فــي جــزء منــه بالظــرف السياســي الجديــد تبعــا لتطبيــق أحــكام الدســتور ذات الصلــة بتشــكيل الحكومــة مــن طــرف الحــزب المتصــدر للانتخابات، مشيرا الى أنه علــى الرغــم مــن التوســع الملحــوظ فــي ســلطة واختصاصــات الحكومــة بموجــب الدســتور، اتســمت الإتلافات الحكوميــة المتتاليــة بتوتــرات متكــررة وبديناميــة سياســية لا تحفــز بالشــكل الكافــي علــى التقــاء الفاعليــن حــول تصــور للتنميــة الاقتصادية والاجتماعية يضــع المواطــن فــي قلــب الاهتمام ويســمح بتجســيد روح الدســتور الجديــد.

 

وقــد ســاهمت هــذه الوضعيــة، يضيف التقرير، فــي إبطــاء وتيــرة الإصلاحــات وفــي خلــق أجــواء عميقــة مــن عــدم الثقــة، فــي ظــل ظــروف يطبعهــا تباطــؤ النمــو الاقتصادي وتدهــور جــودة الخدمــات العموميــة.

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)