عدوق يكتب: أشغال التأهيل الحضري لبركان..أم تأهيل وادي المحظوظين؟

 

في الحقيقة يمكن تلخيص بهرجة ما سمي بأشغال التأهيل الحضري بمدينة بركان فيما يلي:

 

– تهميش المدينة بشكل شبه كلي، و التركيز على إصلاح وتجهيز وتزيين وادي شراعة وجنباته، و  إنجاز طرقات جديدة كبيرة تؤدي إلى الوادي، و إنجاز مشاريع بقرب الوادي كالسوق الجديد والنافورة والفضاء بالقرب من ساحة المسجد.

 

– المحظوظون الأساسيون من هذا التأهيل، هم المطعم المعلوم! والمزرعة المعروفة وصاحب العقارات المحظوظ، القريبون من الوادي.

 

والعجيب أن كلما أبدى مواطن ملاحظة حول ما سمي بأشغال التأهيل الحضري، أو انتقدها، إلا وانفعل السلطوي المسؤول بشكل غير عادي، مما يؤكد صواب الانتقادات، خاصة وأنه لا يرد عليها بشكل علمي دقيق.

 

ومن تجليات انفعالاته، خرجات بعض المهللين والمدّاحين بلغتهم الشعبوية المتجاوزة، لا تحمل لا معطيات دقيقة ولا وثائق تأكيدية ولا توضيحات مقنعة، بل مجرد فقاعات لنيل الرضى.

 

وحتى بعض المسؤولين حاولوا المشاركة في هذه الخرجات التبريرية، ولكن دائما بلغة خشب متذبذبة تتميز بشح المعلومات وكثر المدح الفضفاض والغوغائي. ومن بينهم رئيس المجلس الجماعي بركان الذي ظهر في فيديو، مستعملا موقعا معروف بمدح المسؤولين والسلطويين بالرغم من أن للجماعة صفحتها على مواقع التواصل الاجتماعي، وحاول من خلاله استعراض الانجازات لكنه بقي حبيس الأشغال الموجهة للوادي، وبقي كلامه يدور في نفس الأفكار التعويمية، مرة يحاول التأكيد على أهميتها كأنه هو فعلا من خطط لها أو كأن إصلاح الوادي أولوية مهمة للمواطن، ومرة يعطي وعودا لإنجازات مستقبلية كأنه لم يدرك بعد أن ولايته الإنتخابية ستنتهي بعد أشهر قليلة.

 

وهنا يسمح لنا السيد الرئيس، الذي أقحم أنفه في الدفاع عن مشاريع السلطوي، ببعض الأسئلة الواضحة والمباشرة، والتي لا تتحمل اللف والدوران، إذا كانت له الإجابات العلمية الدقيقة بدون لغة الخشب، وإن كانت خرجته الإعلامية فعلا عن قناعة ومبنية على معطيات موضوعية.

 

– عندما تهمش مدينة بأكملها، وتوجه الإعتمادات إلى الوادي وإلى الطرقات المؤدية للوادي والمشاريع القريبة من الوادي، فهل هو فعلا اختيار استراتيجي لمجلسكم؟ هل سبق ووعدتم المواطنين في حملاتكم الإنتخابية أن السبق والأولوية ستكون للوادي وللمحاور المتجهة إلى الوادي؟

 

– هل فعلا مجلسكم هو الذي يخطط ويقرر بقناعة كل ما ينجز فوق تراب الجماعة؟ أم أن دوركم أصبح مقتصرا على المصادقة العمياء على تعليمات السلطوي، وتفويت مرافق الجماعة للسلطوي عبر ما سمي بشركة التنمية، وإفراغ المجلس من صلاحياته الدستورية من أجل السلطوي؟ وأصبحتم تكتفون بالتصفيق لما يقوم به السلطوي دون إبداء الرأي؟ (أنظروا عدد القرارات التي صادق عليها مجلسكم بناء على رسائل عاملية، وتنازلكم لسهم بشركة التنمية للعامل، وعدم قدرتكم اقتراح مشاريع مخالفة لرغبات السلطوي).

 

– هل أنتم واعون فعلا بأن تأهيل الوادي والسوق الجديد القريب من الوادي وجنبات الوادي بما فيها مسرح الهواء الطلق الذي ستغير معالمه من أجل الوادي، والنافورة على جنب الوادي، والمدار الجديد الذي سيحمل مجسما باهظ الثمن فوق القنطرة، هل أنتم واعون بأن المستفيد الأكبر هو المطعم الشهير وصاحب المزرعة المعلومة والمستثمر العقاري المعروف؟

 

– هل أنتم واعون بأن هؤلاء المحظوظين المستفيدين من مشاريع الوادي، التي كلفت ميزانيات ضخمة حرمت منها مختلف أحياء المدينة، يتواجدون على تراب جماعات أخرى تطل على الوادي؟ 

– هل تدركون أن تزيين وتجهيز الوادي، مقابل تهميش المدينة، يعني قتل الحياة التجارية والخدماتية بوسط المدينة أكثر مما هي عليه الآن؟

 

– هل فعلا تعلمون أن الطرقات الكبيرة الجديدة الجانبية ستلعب دور جر وجذب الزبائن للوادي؟

 

– لماذا لم تعطوا الأولوية لوسط وداخل المدينة باعتباره الفضاء الأكثر احتكاك بالمواطنين وبه تتمركز النقط التجارية والخدماتية، التي تشغل عددا كبيرا من العمال، وتأهيله يعني امتصاص أكثر للبطالة وتهميشه يعني حتما ارتفاع البطالة؟

 

طبعا سيصعب عليكم الإجابة على هاته الأسئلة لأسباب موضوعية، تتعلق بعدم معرفتكم بكل ما يدور في فلك السلطوي، ولأسباب ذاتية تتعلق بعدم قدرتكم على الإعتراف بانزلاقكم في هذا التوجه الخطير لما سمي بالتأهيل الحضري وهو في الحقيقة ليس إلا تأهيلا للمحظوظين.

 

بل، لن تستطيعوا حتى الإجابة على أسئلة بسيطة كصفقة النخيل على سبيل المثال، كيف تمت؟ مع من؟ حجمها المالي؟ عددها؟ أو صفقة الرصيف، من أين يأتي؟ كلفته؟ 

 

ونذكركم بأن عدة أسئلة تدخل في اختصاصاتكم لم تستطيعوا الرد عليها، مثلا:

 

– لماذا لم تقدموا الجواب الشافي عندما سئل المواطنون عن تفاصيل صفقة الآليات القديمة التي استعملت في جمع النفايات عبر ما سمي بشركة التنمية؟

 

– لماذا تهربتم عن إبداء التوضيح الدقيق حول سبب تأخر إصلاح المجزرة لسنين؟

 

– وماذا عن البناية المشيدة مكان مقهى الحديقة الجماعية، لماذا لم تجرؤوا على نشر رخصة البناء والتصاميم القانونية إن كانت موجودة فعلا؟ وأنتم قد برر تم مؤخرا هدم منزل ببوهديلة لعدم توفر الوثائق القانونية؟

 

وماذا عن عشرات الأسئلة الوجيهة والتي تدخل في خانة صلاحياتكم وبقيت دون جواب؟

 

ملاحظة 1:

الصورة الملحقة تبين تموقع الإنجازات الجديدة التي تتباهون بها، وهي تبين باللون الأحمر المحاور الطرقية الجانبية والتي تصب كلها عند قنطرة الوادي، وبالأزرق الإنجازات والتجهيزات الأخرى، والتي يهيمن عليها الوادي بشكل مفضوح. باستثناء الساحة الجديدة بحي المسيرة، أو ساحة الأندلس التي سنتحدث عنها في مقال آخر مفصل، حيث لا يمكن إغفال التجار المشردين ولا يمكن إغفال النقط السوداء التي تم إحداثها بعد هدم السوق المغطى كما هو حال ساحة المصلى، أو الأكشاك التي وزعت على شارع الوفاق وشارع علال بنعبدالله وغيرها من الترقيعات المشوهة للمدينة.

و الأهم من هذا هو ما يروج حول نية تفويت استغلال ساحة الأندلس من قبل مستثمر غير معروف محليا، وهنا نتمنى أن تنفون بالقطع هذه الإمكانية وإلا فما يروج قد يكون حقيقة وسيأتي على ما تبقى من رواج بالطحطاحة والأندلس والأماكن المجاورة وتكون الكارثة كارثتين.

 

الصورة تبين أيضا أنكم لم تهيكلوا وسط المدينة، ولا المحاور الأساسية بداخلها ولا الأحياء التي تعرف رواجا متنوعا يمتص جزء لا بأس به من البطالة. فماذا فعلتم بشارع الوفاق بحي السلام مثلا؟ وما إنجازاتكم بالحي الحسني الذي يعتبر مركز الخدمات بالإقليم وهو الآن في حالة كارثية؟ نفس الشيء عن حي الأندلس؟ وحي المسيرة الذي تتواجد به حركة تجارية مهمة خصوصا بشارع الشهداء ووادي درعة والأهرام وغيرها؟ وحي السعادة؟ وحي بوكراع الذي يعتبر القلب النابض للخدمات المناسباتية ولتجار التزيين والمقاهي والمطاعم المتنوعة؟ و… و… و…؟ باختصار، باستثناء الوادي، ماذا أنجزتم بالمدينة؟

 

ملاحظة 2:

 

لاداعي أن تتحدثون عن القرض الذي تقدمتم بطلبه من صندوق التجهيز الجماعي ولحد الساعة لم يصلكم منه شيئا. فقد مضى على طلبكم عدة سنوات ولم تتمكنوا من الدفاع عن ملفكم بالرغم من وجود ثلاث برلمانيين بمكتبكم المسير، والسبب قد يكون بكل بساطة هو ضعف أداء مجلسكم لتطوير المالية الجماعية، وطريقة تسييركم التي تتميز بالصرف بشكل تبذيري (المكاتب الفخمة، السفريات، الملاحظات والتقارير السلبية للجان التفتيش…) وبالتالي لم تستطيعوا تقديم الضمانات والأدلة المقنعة لاستحقاق القرض.

 

كما لا يجوز أخلاقيا أن تتحدثوا عن مستقبل القرض وتروجون له مرة أخرى بعد كل هاته السنين وأنتم الآن في اللحظات الأخيرة من ولايتكم الانتخابية. كل ما يجوز لكم الحديث عنه هو ما حققتم خلال الخمس أو ست سنوات التي تحملتم خلالها مسؤولية تدبير الشأن المحلي:

– ما هي المشاريع الضخمة التي أنجزتم بداخل المدينة؟

 

– أين تبخر مشروع المحطة الطرقية الذي كان قد بدأ قبل مجيئكم لكن في عهدكم تم تبخيسه وتغييبه بشكل غريب؟

– أين هو مشروع حماية المدينة من الفيضانات الذي تم الترويج له إعلاميا قبل سنتين أو ثلاث سنوات وتم الترويج لغلاف مالي يفوق 50 مليار سنتيم؟

 

– كم صرفتم على إصلاح المكاتب الإدارية بمقر الجماعة منذ توليكم المسؤولية حتى الآن؟ ألا يقترب العدد الإجمالي لميزانية الإصلاحات لمقر الجماعة بميزانية قد تسمح بتشييد مقر جديد للجماعة؟ ولماذا تفضلون تشتيت الميزانية على صفقات صغيرة وإصلاحات متكررة؟

 

وفي الأخير، هناك شيء آخر لا يقل خطورة عن تهميش المدينة وتحويل التأهيل للوادي، هو إغراق ميزانية الجماعة بأحكام التعويضات لصالح المواطنين الذين تم الإعتداء على عقاراتهم وهدم منازلهم من أجل خلق المحاور الطرقية التي توجه الزبائن أساسا إلى الوادي وإلى المستثمرين المحظوظين.

 

هل تجرؤون على الإفصاح على الرقم الحقيقي لمجموع الأحكام ضدكم لحد الآن؟ هل أدرجتم هذه الأحكام والتعويضات المتعلقة بها بالميزانية الحالية؟ (هذا موضوع كبير سينال قسطا وافرا من الحديث لاحقا).

* أسامة عدوق، ناشط حقوقي ببركان 

 

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)