يوميات في حضرة الشوافة – 22-

لما أوكلت لي “الشريفة” مهمة الحفر داخل حديقة زبونتها “لالة زينب”، بحثا عن الطلاسيم المدفونة، اتفقنا على تحديد صبيحة يوم الجمعة وهو اليوم الذي لا أشتغل فيه، للقيام بعملية الحفر، وقبل أن تدلني “لالة زينب” عن مسكنها أخبرت “الشريفة” أنها سترسل خادمتها إلى بيت عائلتها وتحمل أولادها نحو منزل جدهم أما زوجها، ولحسن حظها سيكون في مهمة عمل خارج مدينة مكناس حتى تمر العملية دون أن يعرف أحد.

 

أرشدتني” لالة زينب” إلى عنوان سكنها، وما أن إنتهت من كلامها حتى عرفت الفيلا التي تقطن بها، فيلا كبيرة وضخمة تتألف من طابقين على واجهتين، وتحيط بها حديقة شاسعة بها أشجار الزعرور “المزاح” إضافة إلى شجيرات المشمش والبرقوق، سبق لي أن تسلقت سور هذه الفيلا الكبيرة لجني ما تجود بها أشجارها من فواكه، رفقة بعض أصدقائي الصغار، رغم أنها كانت توهمنا بيافطة حديدية زرقاء مكتوب عليها بالفرنسية” Chien méchant ” قبل أن نفطن للأمر ونكتشف أن سكان هذه الفيلا ليس لهم أي كلب، بل لجؤوا إلى هذه الحيلة لتخويف الأطفال الذين كانوا يتسلقون حدائق الفيلات لجني ما لذ وطاب من فواكه.

 

ولا زلت أتذكر ذلك “النصراني” العجوز الذي كلما شاهدنا بمحيط منزله، ينادي علينا ويفتح الباب ويطلب منا أن ندخل إلى الحديقة ونجني ما نشاء من فواكه، ولما ننتهي يخبرنا أنه على إستعداد لفتح الباب أمامنا لدخول الحديقة مرة أخرى شريطة أن نطرق بابه ولا نتسلق السور كما كنا نفعل قبل ذلك، لأنه كان يهدف من خطته هذه الحفاظ على محتويات الحديقة من ورود ومزهريات وغيرها من الأشياء الأخرى، ومنذ ذلك الحين عاهدناه أننا لم نتسلق مرة أخرى أسوار منزله بالنظر إلى المعاملة الجيدة التي كان يتعامل بها معنا عكس باقي جيرانه الذين كانوا يصدوننا رغم أن فواكه هذه الأشجار لم يكونوا يتناولوها فغالبيتها تتساقط وسط الحديقة وتصبح فاسدة.

ومجرد ما غادرت “لالة زينب” بيت “الشريفة” حتى طلبت مني أن أجلس أمامها وأصغي إلى كلامها باهتمام بالغ، وأتبع الخطوات التي تمليها علي من أجل إستخراج الطلاسيم من داخل بيت “لالة زينب”، وأن الأمر سيبقى سرا بيننا وأي خطأ أرتكبه سوف يؤدي بي إلى التوقف عن العمل عندها فورا.

أخرجت”الشريفة” طلاسيم قديمة مبللة بالتراب من صندوق حديدي، وأخبرتني أن أحملها معي إلى بيت ” لالة زينب” ثم أمرتني أن أقوم بثلاث حفر، الأولى في مدخل الحديقة والثانية وسطها أما الثالثة فستكون في الزاوية الأخيرة من الحديقة، طبعا بعد رش السائل الذي استحمت به “لالة زينب” وأوصتني كذلك أن لا أنسى تلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم أثناء عملية الحفر، ونصحتني أن لا أحفر حفرا عميقة، ولا أسرع في عملية الحفر، وقبل أن تنهي كلامها قالت لي شك أنك فهمت كل شيء وما عليك الآن سوى إتباع الخطوات التي رسمت لك.

وافقت على طلبها، رغم أنني فهمت كوني سأشارك في عملية نصب واحتيال على “لالة زينب” لا يهمني الأمر ، لأنني مجرد خادم عند “الشريفة” من اللازم علي إتباع كل ما تطلبه مني فهي من ستتحمل المسؤولية.

يتبع

 

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)