خدر الحراس واستولى على المفاتيح وخرج من الباب الواسع للسجن بوجدة

 

كون “بوشعيب ” ثروة مالية مهمة من خلال الاتجار في المخدرات صار معروفا بوسط مدينة الحسيمة ونواحيها ، استطاع في ظرف وجيز أن يخلق شبكة مهمة تمكنت بإغراق الأسواق بمختلف أنواع المخدرات، من خلال فرض هيمنتها وسيطرتها عليها، ذاع صيت الشبكة ودخلت ضمن أجندة المصالح الأمنية التي ما لبتت تتابع خطوات أفرادها حتى حان موعد تفكيكها من خلال الإطاحة برؤوسها إذ لم يبق في حساباتها سوى مدبر شؤون الشبكة “بوشعيب” الذي اختفى وتوارى عن الأنظار، إلى أن حان موعد إيقافه وإحالته على العدالة التي أصدرت في حقه عقوبة حبسية مدتها 12 حبسا نافذا، انهارت امبراطورية “بوشعب” وتكسرت وراء القضبان ، ظل الأمبراطور يتنقل من سجن إلى آخر يفكر في مآل الثروة المالية التي تركها وراء القضبان، يفكر في الفتاة التي سلبت عقله وكان يتمنى الارتباط بها لتكوين أسرة سعيدة، تبخرت كل آماله للظفر بها لما علم من والدته أن محبوبته تزوجت من آخر، صدم كثيرا لهول الخبر ، سرعان ما نسي الأمر و تفهم الوضع، وعن مآل ثروته المالية أخبرته والدته أن والده يتحكم في كل شيء دون أن تدخل الأم بتفاصيل أخرى عن والده الذي لم يزره قط في السجن ، واحتفظت بالأمر إلى آخر لحظة، وهو السر الذي أشعل نار الفرار في قلب بوشعيب.

بوشعيب يحط الرحال بالسجن المحلي بوجدة

حط “بوشعيب” الرحال بالسجن المحلي بوجدة ، خلال بداية تسعينيات القرن الماضي، بعد قضائه لحوالي عقد من الزمن في سجون متعددة، وكعادة تجار المخدرات يعيشون أوضاعا أفضل وأحسن بكثير مقارنة مع باقي السجناء، عملا بالمثل العامي المأثور “الفلوس دير الطريق في البحر” استطاع “بوشعيب” وفي وقت وجيز من اختراق الحراس وكبار السجناء من خلال إغرائهم بالمال والهدايا الذي كان يتوصل بها عن طريق والدته وأحد أصدقائه الذي مهد الطريق أمامه لتسريب كمية من المخدرات وتسليمها “لبوشعيب” الذي يتولى بيعها في السجن الذي صار يحمل مفاتيحه ويتجول فيه كما يحلو له يقوم بدور الحراس يتفقد الزنازن والسجناء، وتكون فرصته لإيصال البضاعة لأصحابها أيضا ، تقلد “بوشعيب” مهمة رئيس الطباخين بسجن وجدة، صار الآمر والناهي داخل هذا المرفق ، وكان بين الفينة والأخرى يقيم مأدبة عشاء على شرف حراس السجن من نوع خاص ومن ماله الخاص ، بعيدا عن روتين مذاق مطبخ السجن، إذ اشتهر لدى الجميع بتحضير الطاجين ، لم يبق على خروجه من السجن سوى 18 شهرا كان يعد أيامها ليلا ونهارا ينتظر ذلك اليوم الذي يتخلص فيه من السجن ومعانقة الحرية والاستمتاع بما راكمه من ثورة مالية لم يكن أبدا يفكر في الهرب من السجن .

نقطة تحول مسار بوشعيب

ذات زيارة ، باحت الأم بالسر الذي ظلت تحتفظ به وتخفيه عن ابنها “بوشعيب” لشهور عديدة، سر عذبها وأرهق تفكيرها وشغل بالها، أخبرته في بداية الأمر أن علاقتها بوالده أصبحت جد صعبة وصلت إلى النفق المسدود إذ أصبح من المستحيل العيش معه بعدما ضرب عرض الحائط ألفة زوجية مدتها 3 عقود من الزمن، ترددت كثيرا قبل أن تسرد السر الآخر لكونها تدرك جيدا أنها ستصدم ابنها، أدرك “بوشعيب” أن والدته تخفي عليه أشياء أخرى، ألح وأصر السجين على معرفة ما خفي، صارت الأم تتحدث بلغة حزينة ممزوجة بدموع دافئة تتسلل بين تجاعيد رسمت خطوطها دواعي الزمن الغادر، أخبرته أن والده أيضا على وشك الإفلاس بعدما قام بتبديد أموال كبيرة في أمور تافهة، والسبب تلك الفتاة التي كان يحبها”بوشعيب” حينما كان حرا طليقا، صارت المحبوبة عشيقة لوالده بعدما فشلت في زواجها الأول الذي انتهى بالطلاق ، وتربصت بوالده وقادته إلى الإفلاس والانهيار، خبر نزل على “بوشعيب” كالصاعقة ضرب الطاولة بيديه وضعهما على خذيه، شعر بالحزن والأسى، تغيرت نظرته للحياة صار يفكر في ما فعله والده، هجر النوم جفونه ، أصبح “بوشعيب” تائها بين ردهات السجن، الوقت يسير ببطء شديد، تدهورت حالته الصحية لم يعد ذلك السجين القوي بكل شيء بعضلاته وماله ونفوذه أيضا، انتابته فكرة الهرب، أعد العدة لذلك، التمس من إدارة السجن أن تسلم كل وثائقه الإدارية الموضوعة لديها لوالدته، وافقت الإدارة على الطلب ، تسلمت الأم وثائق ابنها، انطلق مسلسل التخطيط للفرار من السجن، استغل “بوشعيب” منصبه كرئيس الطباخين قام بتحضير “طاجين” لذيذ دس فيه مخدرا تناول الحراس الطعام التهموه التهاما ، مرت لحظات قليلة اشتد النعاس بالحراس شعروا بدوران في الرأس استسلموا لنوم عميق، تساقطوا “كالزبيب ” صارت المفاتيح بين أيدي “بوشعيب” ظل يخترق الأبواب حتى خرج من الباب الواسع للسجن أين كان ينتظره أحد أصدقائه بسيارته من أجل إيصاله نحو مدينة الحسيمة مسقط رأسه لتفقد الأحوال بعد غيبة طويلة ناهزت عقدا من الزمن، صفى حسابه هناك وغادر نحو دولة هولندا، صدرت في حقه مذكرة بحث لتنتهي القصة عند هذا الحد.

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)