يوميات في حضرة الشوافة -6-

انطفأت الأنوار، ورفع الستار، وظهر البطل في الشاشة العملاقة، لم أعر أي اهتمام للشريط الأول الذي تدور أحداثه بالصين بين عصابتين يتقن كل أفرادها لعبة الكاراطي، فقد سبق لي أن شاهدته مرتين، فهمي الوحيد مشاهدة الفيلم الهندي “انتقام حية” الذي أراه لأول مرة وأنا متكأ على أريكة في “البالكون” جاء وقت الإستراحة” entracte “، خرج من خرج وبقي من بقي في القاعة، اشتعلت الأنوار من جديد، جاءتني المضيفة زبونة “الشريفة” ناولتني قطعة حلوى تسمى “جبح” وورق ملفوف به كمية من عباد الشمس “زريعة كحلة” ، شكرتها كثيرا على لطفها ومعاملتها، وأخبرتني أنها ستزور “الشريفة” خلال الأسبوع المقبل وأنها ستأتيني بتذكرة أخرى لمتابعة الفيلم المقبل.

 

انطلق الفيلم الهندي، دخلت في تركيز عميق، انغمست عيناي نحو الشاشة العملاقة، تهت وسط المناظر الخلابة والجذابة التي تدور فيها بعض أطوار الفيلم، دون أغفل قراءة الترجمة إلى العربية لفهم مضمونه، البطل والبطلة يغنيان يرقصان يجريان يتعانقان يتمرغان داخل الأوحال ويتبادلان عبارات الحب والغزل بينهما والقبل أيضا، تارة تختفي هذه اللقطات الرومانسية من المشهد، ويحل محلها الضرب والقتل والحرائق يموت من يموت ويصاب من يصاب لكن البطل يبقى حيا لملاقاة حبيبته من جديد هكذا إذن هو نمط الأفلام السينمائية الهندية خلال فترة سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، بإختصار الفيلم مقتبس من قصة هندية أسطورية، تتحدث عن الأفاعي الخارقة التي بوسعها أن تتحول إلى أية هيئة تريدها، حينها قام الإله “كريشنا” بقتل الأفعى “داليا” في نهر يسمى “جامونا” وأن تلك الأفعى تشكلت على شكل بشر طلبا المغفرة من الإله “كريشنا”.

 

كانت الساعة قد تجاوزت منتصف الليل، ولا زالت تنتظرني مسافة طويلة للوصول إلى بيتنا، وخاصة أنه من اللازم علي عدم إستعمال الطريق المختصر خلال الليل لأنه محفوف المخاطر لوجود قطاع الطرق، ولا بد من السير عبر الشوارع الرئيسية المضاءة، رغم أنها أيضا كانت لا تخلو من مخاطر” لاراف” إلا أن هذا المعطى ليس بصعب علي، ما دمت أنني أركض جيدا وأتقن تسلق الأسوار، إضافة على أنني كنت أعرف كبير المسؤولين الأمنيين الذي كنت ألعب مع فريقه كحارس مرمى بملعب الخطاطيف بمكناس عشية كل يوم ثلاثاء وخميس، وكان يطلب مني المسؤول الأمني أن أبذل قصارى جهدي حتى لا يسجل علي اللاعب الدولي السابق “حمادي حميدوش” الذي كان يتميز بقذفاته القوية بالرجل اليسرى، وكنت دائما أتصدى لها بنجاح، وأصبحت عنصرا مهما داخل فريق الأمن الوطني رغم صغر سني، كان الجميع يتنبأ لي بمستقبل زاهر في حراسة المرمى، وحصل مرة أن تصديت لقذفة قوية من الرجل اليسرى ل”حميدوش” عن طريق صدري فأغمي علي للحظات، قبل أن يتدخل طبيبا كان يلعب معنا لإسعافي، وأتممت المقابلة وكان الفوز حليفنا.

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 1 )
  1. محمد بلبشير :

    تبارك الله اعليك سي ادريس و خلاص. سلسلة جيدة سأتتبع باقي حلقاتها.

    0

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)