أسواق باب سيدي عبد الوهاب بوجدة في زمن كورونا..هل يجب على السلطات إغلاقها؟

 

في الحقية يحار المرء عندما يشاهد ذلك الكم الكبير من المواطنين وهم يجوبون أزقة ودروب أسواق باب سيدي عبد الوهاب الضيقة، ويتسائل هل هؤلاء الناس كلهم لهم حاجة ملحة للتبضع من هذه الأسواق؟

 

أستطيع الجزم بأن الذي يتحكم في سلوك هؤلاء المواطنين، ليست الحاجة التي يمكن تلبيتها في عدة نقاط تجارية توجد على مسافة أقدام من مقرات سكناهم، لكن لأن العادة جرت بأن التبضع لا يصح عند بعضهم، إلا في الازدحام بهذه الأسواق هو ما يدفعهم.

 

لا ينكر إلا جاحد بأن الدولة، عبر مختلف المؤسسات والسلطات، قامت بمجهودات جبارة من أجل حث الناس على المكوث في منازلهم وسلك الإجراء القانوني الخاص بتنقل فرد واحد من العائلة في محيطه القريب لتلبية الحاجيات اليومية، ليس أقلها منح مساعدات مالية مباشرة لهذه الفئات، لكن ما الذي يحصل اليوم؟

 

الذي نشاهده لا يمكن في الحقيقة تبريره بأي منطق مهما بلغت الحاجة التي يسعى هؤلاء إلى قضائها في هذه الأسواق، لذلك أعتقد بأنه اذا كانت هناك فئة واسعة من المواطنين قد تشبعت بمفهوم المسؤولية والتزمت منازلها، حتى تقي نفسها وأهاليها ومجتمعها شر نقل العدوى، فإن الفئة الأخرى “المتهورة”، لابد أن تواجه بالصرامة اللازمة.

 

صحيح أن الدولة بالإجراءات المختلفة التي سنتها، راهنت على تجاوب ووعي الناس للالتزام بها، لكن عندما نواجه وضعا غير عاديا كهذا، لابد من التفكير الاستعجالي في حلول سريعة، تقينا شر السيناريوهات التي نتابعها في  مناطق أخرى.

 

لا يمكن أن نتحجج اليوم بالحاجة في قضاء أغراض من هذه المناطق، ولا حتى بضمان قوت مجموعة من التجار، لأن وضع هذه الحاجات والرهانات في كفة في مواجهة كفة حياة الناس وحقهم في الحياة وسلامتهم الجسدية والبدنية، لن يترك لنا مجالا للتفكير لترجيح الكفة الثانية.

 

انسجاما مع هذه القناعة، وحتى إن لم ترغب، أو لم تستطع السلطات لاعتبارات معينة، الإقدام على قرار من حجم إغلاق هذه الأسواق في وجه المواطنين، خاصة وأننا على بعد أيام قليلة من شهر رمضان، وما يمكن أن يشكله ذلك من إقبال متزايد على هذه الرقعة الجغرافية، فعلى الأقل لابد من إبداع حلول تخفف الضغط الذي تواجهه.

 

تحدثنا قبل أيام وحذرنا من السلوكات التي يمكن أن تؤدي بنا إلى ظهور بعض البؤر، وما هي إلا ساعات حتى تم الإعلان عن اكتشاف بؤرة عائلية بمدينة وجدة بحي الجوهرة، وما لحقها من مجهود كبير للسلطات قصد ضبط هذا الوضع.

 

هذا في الوقت الذي كان يمكن الاستفادة من المجهود الذي وجه لمحاصرة الوباء في هذا الحي، إلى التعامل العادي واليومي مع الوضعية الوبائية، في عموم المدينة، وهو الأمر الذي يحتم علينا اليوم التنبيه إلى أنه ليس من مصلحة الجميع بروز بؤر جديدة، أو مشاكل أخرى يمكن أن تشكل ضغطا كبيرا على المجموهات المبذولة لمواجهة الوباء في المدينة، وبالخصوص مجهودات المنظومة الصحية.

شاهد أيضا

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)