جني الزيتون.. موسم الهجرة إلى تاونات

” واش بداو الناس فالزيتون!؟”، بهذه العبارة تساءل محمد، مواطن من إقليم تاونات، فرضت عليه حرفته الاستقرار بمدينة مكناس، وهو ينتظر انطلاق موسم جني الزيتون، لركوب الحافلة، والعودة إلى بلد الأجداد، للانخراط في عملية جني الغلة، شأنه في ذلك شأن باقي قاطني المدن من أصول جبلية.

موقع ” شمس بوست” ينقل لقرائه موسم الهجرة إلى تاونات، التي تصنف رائدة في إنتاج زيت الزيتون، على غرار كرسيف وقلعة السراغنة.

 

استنفار هنا وهناك..!

 

عشرات المواطنين ينتظرون قدوم حافلة ” سريع الوحدة” على طول الطريق المحاذية لحي ” العمارات” في ويسلان نواحي مكناس. الوجهة إقليم تاونات، وتحديدا جماعات طهر السوق، بني ونجل، بني وليد.. كل شيء يوحي بأسباب نزول الهجرة نحو الشمال؛ براميل بأحجام مختلفة، أكياس ” خنش” معبأة بإحكام.. إنه موسم جني الزيتون، حيث لا صوت يعلو على صوت ” شحال الزيت.. شحال الزيتون”.

 

تاونات ترحب بأبنائها.. ولكن!

 

محمد، ابن قرية جبلية نواحي بني وليد، استغل عطلة الأسدس الأول، للسفر إلى بلد الأجداد، واستغلال المناسبة لجني الزيتون؛ فقد تعوّد محمد على مشاركة إخوته، وأبناء عمومته، في عملية جني الغلة، كيف لا وقد قضى طفولته، وجزءا مهما من شبابه بين أحضان قريته، قبل أن تحكم عليه ظروف العمل الانتقال إلى مكناس.

 

في بني وليد نواحي تاونات، كما هو الشأن بالنسبة لطهر السوق، تصادف أناسا من مدن مختلفة، حلوا بالقرية لجني المحصول، همهم الوحيد العودة ببراميل الزيت البلدية، والقليل منهم من يحمل همّ تنمية شجر الزيتون، وتوسيع نطاق إنتاجه.
متاجر القرية تعرض الأكياس ” الخنش”، كما تعرض الأفرشة، وبراميل التخزين، وهذه كلها معدات لا يمكن الاستغناء، تضاف إليها معدات أخرى ك” المسقاط” مثلا.

 

في انتظار ” الطْلاق”..!

 

طقوس جني الزيتون تخترقها قوانين عرفية غارقة في التقليد، من بينها قانون ” الرْباط والطلاق”، وهو قانون يوحد القبيلة، ويمنع كل انقلاب على أصوله.

في بني كزين، قرية جبلية تابعة لقيادة واد القصبة، ما زال مفهوم الرباط، ويعني منع الشروع في جني الغلة، يحضى باحترام القبيلة، وما زال الفلاحون يمنعون توغل الفلاح في الحقل، والشروع في جني المحصول، إلى حين إعلان ” الطلاق”، ويعني الإءن بانطلاق عملية جني الزيتون، تحت طائلة ” معروف”، ويعني التضرع إلى الله، والدعوة في حق كل مخالف للقانون العرفي، الذي يقول البعض إنه لم يعد يحضى بالوقار نفسه الذي كان بحضى به خلال العهود الغابرة.

 

الرواج المنتظر..

 

أثار قرار سابق لجماعة بني وليد، يمنع تسويق مادة الزيتون وسط ” الفيلاج”، وهو القرار الذي أثار غضب التجار، الذين عبروا عن موقف رافض، بدعوى أن موسم الزيتون هو مناسبة ” الرواج”؛ للتجار والفلاح على حد سواء، قبل أن يتراجع المجلس عن القرار.
موسم جني الزيتون يحقق رواجا اقتصاديا لا نظير له، خاصة عندما تكون ” الصابا”، ويكون الثمن مرتفعا، إذ كلما وُجدت شروط التحفيز، يؤكد فلاح في بني وليد، تتسع مساحة شجر الزيتون، تماما كما هو الشأن بالنسبة لشجر التين، حيث ساهم ارتفاع سعر ” الشريحة” في اتساع رقعة المساحة المزروعة.

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)