طرق الكشف عن الكذب.. تصدق مرة و”تكذب” في أخرى

هل الكشف عن الكذب بطريقة علمية ممكن؟ ولماذا تستثمر الشركات أموالا طائلة من أجل كشف الحقيقة؟ ولماذا أصبحت القدرة على تمييز الحقيقة من الكذب مسألة سياسية واقتصادية تنفق عليها الحكومات أموالا طائلة؟

أشار الباحث إتيان ماير فاشنار في مقال نشرته صحيفة ليبراسيون الفرنسية إلى تفشي الكذب في المجتمعات الحديثة وصعوبة كشفه، رغم كثرة الأجهزة والطرق المستخدمة للكشف عنه.

ويقول إن أجهزة كشف الكذب ما زالت تستخدم في بعض البلدان بحجة أن جودة عملها ترجع إلى كفاءة مستخدمها، وذلك رغم عدم فاعليتها.

الكذب في المجتمعات
وأورد الكاتب ما قالته طبيبة علم النفس ومؤلفة كتاب “نفسية الكذاب” كلودين بيلاند من أن الإنسان اليوم يعيش في مجتمع يظن الكثير من أفراده أن الجميع يحاول التلاعب بهم طوال الوقت عن طريق استخدام الشبكات الاجتماعية، وذلك لتأكيد حضور الكذب في المجتمع العصري.

وقال الكاتب إن الإنسان أصبح يميل أكثر فأكثر إلى الكذب، وأن الفرد يكذب أكثر من مرتين في اليوم، غير أن الجميع عاجز عن اكتشاف كذبه. غير أن المفاوض المحترف مروان مير يؤكد أن الشخص العادي لا يتعرف على الكذب إلا بنسبة 50% من الحالات.

وأظهرت دراسة أميركية نشرت عام 2017 في مجلة القانون والسلوك الإنساني أن الآباء لا يمكنهم الاطلاع على كذب أطفالهم إلا بنسبة 54% فقط من الحالات، وأن الطفل يبدأ الكذب في سن الثالثة من عمره.


مفاوض محترف: الشخص العادي لا يتعرف إلا على 50% من حالات الكذب (غيتي)
مفاوض محترف: الشخص العادي لا يتعرف إلا على 50% من حالات الكذب (غيتي)

ويوضح المؤسس المشارك في هذه الدراسة لوران كومبالبرك أنه تم اختبار الكثير من البرامج لكشف الكذب، وأن الشرطة الإسبانية تختبر برنامج “فريبول” (برنامج قائم على الذكاء الاصطناعي يهدف إلى التمييز بين التصريحات الحقيقية عن السرقة وتلك المزيفة) الذي أثبت جدارته، غير أنه يفشل عندما لا تستطيع ضحية السرقة وصف المجرم أو إذا كان المجرم ملثما.

لغة الجسد والسلوك
استخدمت على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك وسائل كشف كذب ترتكز على سلوك المشاركين، ويتم طرح الأسئلة على المسافرين الذين يرغبون في عبور الحدود، ثم يقوم البرنامج بتحليل حركات أجسادهم وعيونهم والتغيرات التي تطرأ على وضعهم لاكتشاف الأشخاص الذين يخفون شيئا ما أو لا يقولون الحقيقة.

من جهة أخرى، قامت مؤسسة الضمان الاجتماعي بفرنسا مؤخرا بحملة من أجل تدريب موظفيها على تقنيات الاستماع واكتشاف الكذب بعد أن أظهرت الأجهزة والطرق والآلات التي أشار إليها الباحث محدوديتها.

ويعد جهاز البوليغراف (The Polygrqph) الذي أنشئ عام 1921 من أشهر أجهزة الكشف عن الكذب –حسب الكاتب- وهو عبارة من مزيج من التقنيات المختلفة التي ابتكرها الأميركي جون لارسون الذي أصبح في ما بعض ضابط شرطة.

ولا يزال هذا الجهاز مستخدما في الولايات المتحدة الأميركية من قبل وزارة الدفاع ومكتب التحقيقات الفدرالي، رغم أن فاعليته وضعت موضع شك من قبل تقرير يستند إلى 57 دراسة نشرت عام 2003، في حين أصدر المجلس القومي للبحوث أن هذا الجهاز غير موثوق به بدرجة كافية.


 دراسة أميركية: الآباء لا يمكنهم الاطلاع على كذب أطفالهم إلا بنسبة 54% فقط (غيتي)
 دراسة أميركية: الآباء لا يمكنهم الاطلاع على كذب أطفالهم إلا بنسبة 54% فقط (غيتي)

علم النفس
يتم الاعتماد على علم النفس لكشف الكذب، وينوه الكاتب في هذا المجال إلى دور عالم النفس الأميركي بول لايكمان الذي اهتم بتعابير وتقاسيم الوجه انطلاقا من نظرية داروين التي تقول إن التعبير عن العواطف يتم بطريقة تعبيرية فطرية.

واستطاع عالم النفس عام 1969 التعرف على سبع حالات تعبيرية عن المشاعر توجد لدى كل إنسان رغم اختلاف الزمان والمكان والثقافة؛ استنادا إلى التعبير الذي يتطلب تنشيط عضلات معينة وعلى القاعدة التي تقول إن كذب المرء ينكشف عندما يحاول التظاهر بعاطفة ما ولا يتم تنشيط إحدى العضلات المعنية بهذه العاطفة.

تعابير الوجه
أجرى بول إيكمان تجاربه على أفراد قبيلة بابوا في غينيا الجديدة، واكتشف تعبيرات للوجه دقيقة جدا لا ترى بالعين المجردة وتحدث في أقل من نصف ثانية تتولى كشف صدق الشخص أو كذبه.

ويضيف الكاتب أن هناك طريقة أخرى لكشف الكذب تتم عبر تطبيق التصوير بالرنين المغناطيسي الذي يسمح بتصوير نشاط الدماغ خلال إجراء حوار مع الشخص المعني إلا أنه لا يسمح في الوقت الحالي استخدام التصوير في أي محاكمة كدليل على إدانة المتهم.

وتبقى استخدامات التصوير الطبي في المجال الجنائي محدودة في الولايات المتحدة الأميركية ورفضت المحاكم الأميركية عام 1978 نتائج فحص دماغ كدليل على إدانة متهم.

نقلا عن موقع الجزيرة مصدر المقال: ليبيراسيون

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)