الطفلة “أمال عيادي” أيقونة حراك جرادة.. بين سندان مرض السرطان ومطرقة الفقر

رحلة العذاب الى المستشفى تبدأ من جديد.. بهذه العبارة تبدأ الطفلة “امال عيادي” ايقونة حراك مدينة جرادة، تدوينتها التي تحكي فيها جزء من معاناتها التي لا تنتهي مع مرض السرطان الذي أصاب احدى عينيها منذ اربع سنوات ونصف.

 

عاشت أمال ذات 13 سنة التي تتحدر من اسرة فقيرة بمدينة جرادة، طيلة هذه المدة متنقلة بين المستشفيات (وجدة فاس)، وكل املها ان تحضى بفرصة استئصال المرض الخبيث الذي نخر عينها. وخوفا من ان ينتقل السرطان الى العين الاخرى تمت ازالة العين المريضة، لكن ذلك لم يحد من معاناتها بل زادت لتتعمق الجراح بعد ان نصحها الاطباء بفاس ان علاجها سوف يستمر لمدة طويلة.

 

هذه الرحلة للبحث عن العلاج ادخل الطفلة واسرتها في دوامة مصاريف باهضة اثقلت كاهلها نظرا للوضعية الاجتماعية التي تعاني منها، بالاضافة الى المعاناة النفسية والجسدية للطفلة التي اضحت تتكبد عناء الانتقال كل مرة وحين لأزيد من 800 كلم ذهابا واياب في اتجاه مدينة فاس.

 

تدوينة .. تحمل كثير من الهموم

 

“هذه المرة لم اعد اعرف من اين سأبدأ وماذا اقول… ؟ لقد عجز الكلام عن الكلام..! رأسي يكاد ينفجر من كثرة الدموع و التأسف كلما حل يوم الانتقال فيه للعلاج ” هكذا تتسال الطفلة وهي ترثي مصيرها المجهول الذي القى بها بين احضان مستشفيات بعيدة ، وقلة اليد التي انهكت جيوب اسرتها التي تتكون من الام وهي المعيلة الوحيدة لها.

 

تضيف الطفلة عبر تدوينتها التي نشرتها على حسابها فيس بوك “كلما حل هذا اليوم أكرهك يا وطني، لأنك لم تمنحني أبسط الحقوق، والله لم اعد اتحمل كل هذا العذاب، أعاني معاناة قاسية، معنويا، ماديا، صحيا، اتحمل كل مشقة الطريق الطويلة، وقلة النوم والتعب، والله لم أعذ أتحمل كل هذا العذاب، نعم المرض أقدار الله وانا راضية كل الرضى بما كتبه الله لي ، “كل داء له دواء”.

تتابع امال حديثها عن ما تقاسيه في ظل غياب العناية بها من طرف الجهات المعنية ” أعاني في المستشفيات، لا اتلقى الإهتام والعناية الكافية من طرف المسؤولين ، ليس لهم احساس بما اعاني منه ، لماذا لا أرى حتى الان في وطني مستشفى خاص بالسرطان في كل مدينة كبيرة وصغيرة وفيه كل إمكانيات طبية وبدون مقابل مادي هل هذا كثير ؟؟ بالله عليكم هل هذا كثير؟؟
على الأقل احترموا صغر سني…امال لم تعد تتحمل كل هذا العذاب . الى متى…؟ الى متى….؟؟؟..الى متى سينتهي هذا العذاب.

دعوني اكتب …. حتى لا اختنق بالصمت ، امال لم تعد تتحمل ، ارجوك ايها المرض ارجوك ، كن رحيما ولو قليلا مع جسدي، جسدي لا يحتمل وجودك ،لا تنسوني من دعائكم”.

 

بهذه الكلمات القليلة التي تحمل بين طياتها مآسي بحجم الجبال ملقاة على جسد طفلة صغيرة تتعذب في صمت و لم تجد سندا من المسؤولين لتلقي اليه ظهرها ليخفف عنها ولو قليلا مما تعانيه، تعبر الطفلة عما يخالج صدرها من الاام .

 

امل، الطفلة “امال” في العلاج …

 

ومباشرة بعد انتهائها من احدى حصص العلاج بمدينة فاس صباح هذا اليوم الخميس ، ربطت شمس بوست الاتصال بالطفلة التي كشفت عن جزء من معاناتها مع المرض الذي انهك جسدها النحيف واثقل كاهل اسرتها الفقيرة قائلة ” لم اعد اتحمل رحلات العذاب هذه، ومع ذلك لا اجد العناية اللازمة بالمستشفى الذي اتابع فيه علاجي ، والان وبعد عملية فحص عادية أُجْريت لي صباح اليوم ، اخبروني ان اعود الى المنزل ثم انتظار اسبوعين لاعود مرة اخرى للمستشفى”.

 

وقبل ان تتابع امال وصف رحلاتها “السيزيفية” ذهابا وايابا بحثا عن علاج ممكن، وما يتخلله من معاناة نفسية وجسدية بسبب طول المسافة وكذا المبيت في محطات الحافلات احيانا ، طالبت الطفلة من كل من يحمل ذرة انسانية بما في ذلك المسؤولين والجمعيات المهتمة التدخل قصد وضع حد لمعاناتها. “ما بغيت حتى حاجة بغيت غي نتعالج، وكنطالب من كل واحد قادر امد يد المساعدة ما يبخلش عليا”.

 

جمعيات تدق ناقوس الخطر في ظل غياب الحلول

 

وفي سياق معاناة مرضى السرطان بمدينة جرادة التي تعتبر الطفلة “امال” واحدة من عشرات او ربما المئات منهم ، كانت فعاليات المجتمع المدني قد دقت ناقوس الخطر قبل اسبوعين حول الوضعية التي وصفوها “بالكارثية” التي يعيشها عدد كبير من مرضى الكونسير بالمدينة.

 

ورفعت عدة جمعيات ملتمس مشترك إلى عامل الاقليم للتدخل قصد التخفيف من معاناة هذه الفئة التي تتعذب في صمت، و تزداد أعدادها بشكل كبير في غياب أرقام رسمية.

وطالبت جمعيات المجتمع المدني الموقعة لملتمس تتوفر شمس بوست على نسخة منه من عامل الاقليم، توفير وسيلة نقل للتخفيف عن المرضى معاناة السفر وقلة اليد.

 

وفي هذا الصدد كان لحسن الغالي رئيس جمعية مفاحم للاعاقة الذهنية قد كشف للموقع “أن هناك عدد كبير من مرضى السرطان بمدينة جرادة يعانون في صمت دون ان تولي لهم اية جهة الاهتمام”.

 

من جانبه أكد سعيد المرزوقي وهو ناشط بمدينة جرادة للموقع “أن عدد المصابين بهذا المرض الخبيث أصبح يشكل هاجسا بالمدينة خاصة في ظل غياب أي التفاتة لهذه الفئة التي غالبا ما تعيش تحت مطرقة المصاريف الباهضة التي يتطلبها العلاج وسندان قلة اليد”.

 

وأضاف المرزوقي “أن المشكل الأبرز الذي تعاني منه هذه الفئة هي غياب وسائل النقل الخاصة بهم وايضا غياب حملات التوعية والمصاحبة النفسية لهم.

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)