وفقا لإجراءاته الجديدة.. الرئيس قيس سعيّد يستحوذ على السلطة القضائيّة..!!

بناء على ما ورد بالفصل الخامس من الأمر الرئاسي عدد 117 لسنة 2021 الذي أصدره رئيس الجمهوريّة قيس سعيّد مساء اليوم الأربعاء 21 سبتمبر 2021.. فإنّ قيس سعيّد استحوذ على جميع سلطات السلطة التشريعيّة ومنح لنفسه سلطة إصدار القوانين عبر مراسيم.. لا تقبل الالغاء..
وحدّد مواضيع تلك المراسيم في قائمة طويلة كان من بينها أساسا في البند الثاني:
“- تنظيم العدالة والقضاء”.
كما نصّ في قراراته على “مواصلة العمل بتوطئة الدستور وبالبابين الأول والثاني منه وبجميع الأحكام الدستورية التي لا تتعارض مع هذه التدابير الاستثنائية”.
ويعني ذلك عمليّا أنّ الباب الخامس من الدستور تحت عنوان “السلطة القضائيّة” قد تمّ وقف العمل به أيضا.. وهو الباب الذي يقدّم أحكام تنظيم وتسيير العدالة والقضاء بمختلف فروعه.. ونظّم المجلس الأعلى للقضاء كهيئة دستوريّة عليا تدير شؤون القضاء والقضاة.. وتشرف على مجالسه الثلاثة..
ويكون المجلس الأعلى للقضاء مستقلاّ.. ويكرّس استقلاليّة القضاء.. وأغلب أعضائه منتخبون.. وهو الذي يقوم بتعيين وعزل ومراقبة ومحاسبة وتأديب القضاة..
غير أنّ وضع الرئيس سعيّد للقضاء ضمن اختصاصه “التشريعي” الجديد الذي أعطاه لنفسه بنفسه عبر إصدار المراسيم.. وإلغائه لأحكام الدستور الخاصّة بالسلطة القضائيّة وتنظيمها..يعني عمليّا وضع قيس سعيّد ليده على القضاء وعلى القضاة.. بالطريقة التي كان عليها قبل الثورة في عهد بن علي وبورقيبة.. بما يخرق تماما استقلاليّة وحياد القضاء..
هذا في انتظار توضّح موقف قيس سعيّد من المجلس الأعلى للقضاء القائم حاليّا..
علما وأنّ رئيس الجمهوريّة قيس سعيّد سبق وأن اعتبر وفق تحليله الدستوريّ الخاصّ والغريب بأنّه لم يعد هناك مجال قانونا لأحداث المحكمة الدستوريّة لكون البند (5) من الفصل 148 من الباب العاشر من الدستور المتعلّق بالأحكام الانتقالية ينصّ على ما يلي:
“يتمّ في أجل أقصاه ستّة أشهر من تاريخ الانتخابات التشريعية إرساء المجلس الأعلى للقضاء، وفي أجل أقصاه سنة من هذه الانتخابات إرساء المحكمة الدستوريّة”..
ورأى سعيّد بأنّ ذلك يفيد فوات أجل تأسيس المحكمة الدستوريّة.. وهو تفسير لا يستقيم منطقا وقانونا.. لكون هذا الأجل ليس مسقطا.. أي لا يسقط بفواته واجب أو حقّ القيام بالإجراء.. وإنّما هو أجل استنهاضي يحثّ على إنجاز الإجراء في أقرب أجل ممكن بمحاولة تحديد سقف زمني له..
ومن المعروف أنّ المجلس الأعلى للقضاء تمّ إرسائه في الواقع بعد سنة ونصف من تاريخ الانتخابات وليس ستّة أشهر.. وهو ما قد يجعله في نظر قيس سعيّد وحسب تأويله الغريب للقانون والدستور باطلا وغير قانوني..!!
مع التذكير بأنّ الرئيس سعيّد تعامل سابقا مع المجلس الأعلى للقضاء كهيئة دستوريّة معترف بها..
كلّ ذلك في انتظار معرفة رأي وردود فعل المجلس الأعلى للقضاء رسميّا على ما أعلنه رئيس الجمهوريّة قيس سعيّد من إجراءات وتدابير استثنائيّة ألغى بها عموما كلّ السلطات القائمة وضمّها إلى سلطاته المطلقة.. بما في ذلك ربّما السلطة القضائيّة نفسها..
كما لا يُعرف ماذا سيكون رأي الهياكل الممثلة للقضاء مثل جمعية القضاء والنقابات القضائيّة بمختلف أصناف القضاء.. في ضرب استقلاليّة القضاء.. وإرجاع أمره إلى سلطة رئيس الجمهوريّة..!!
– عبد اللّطيف درباله
شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)