المغرب.. هل يودع “العدالة والتنمية” السلطة بعد تراجعه نقابيا؟

الرباط/ مهند ابوجحيشة/ الأناضول

– نقابة الاتحاد الوطني للشغل، الذراع النقابي لحزب “العدالة والتنمية” سجلت تراجعا في الانتخابات المهنية الأخيرة
– النقابة لم تتجاوز عتبة 6 بالمئة في الانتخابات، التي تخولها الدخول في الحوار الاجتماعي مع الحكومة
– هذا التراجع، فتح الباب أمام تساؤلات حول إمكانية خسارة “العدالة والتنمية” قائد الائتلاف الحكومي، بالانتخابات النيابية المزمعة مطلع سبتمبر

بينما يستعد المغرب لإجراء انتخابات تشريعية مطلع سبتمبر/ أيلول المقبل، أسفرت نتائج الانتخابات المهنية الأخيرة، عن تراجع نقابة الاتحاد الوطني للشغل، الذراع النقابي لـ”حزب العدالة والتنمية” (قائد الائتلاف الحكومي).

تراجع أفقد نقابة الإسلاميين صفة النقابة الأكثر تمثيلا جراء عدم تجاوزها عتبة 6 بالمئة من نتائج الانتخابات، الأمر الذي يخرجها قانونا من دائرة النقابات التي يحق لها الدخول في الحوار الاجتماعي مع الحكومة.

هذا التراجع، فتح الباب أمام تساؤلات عدة حول مدى اعتبار الانتخابات المهنية مؤشرا لتراجع شعبية “العدالة والتنمية” بالشارع المغربي، وإمكانية خسارته رئاسة الحكومة التي حافظ عليها ولأول مرة، في دورتين متتابعتين منذ سنة 2011.

الخبير في العلاقات المهنية، سعيد لمناي، استبعد في حديث للأناضول، أن تكون الانتخابات المهنية الأخيرة قد شهدت تصويتا عقابيا ضد نقابة “العدالة والتنمية”.

وأرجع المتحدث، تراجع ترتيب نقابة الاتحاد العام للشغل إلى عدة عوامل لخصها في أن “أغلب المصوتين المهنيين غير منتمين، إضافة إلى وجود حالة من العزوف عن العمل النقابي في المغرب”.

وعن مدى انعكاس نتائج الانتخابات المهنية على الانتخابات النيابية المزمعة في 8 سبتمبر المقبل، أفاد الخبير المغربي، بأنه “لا يمكن القول باعتبار الانتخابات المهنية مؤشر على نتائج الانتخابات النيابية المقبلة”.

وعلل ذلك بالقول، إن “مجال العمل النقابي في المغرب سواء بالقطاع العام والخاص يعد عالما ضيقا جدا من حيث العدد بالقياس على الكتلة الانتخابية التي تصوت في الانتخابات”.

** الانتخابات النيابية مختلفة

بدوره، استبعد إسماعيل حمودي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة “سيدي محمد بين عبد الله” (حكومية)، أن تكون نتائج الانتخابات المهنية “مؤشرا أوليا على ما ستكون عليه نتائج الانتخابات النيابية”.

واعتبر الأكاديمي المغربي، في حديث للأناضول، أن “القاعدة الانتخابية في الانتخابات المهنية لا تتعدى 500 ألف ناخب أو أقل من ذلك بينما القاعدة الانتخابية في الانتخابات النيابية تتعدى 24 مليون ناخب”.

وأضاف: “هناك العديد من المنتمين لنقابة الاتحاد الوطني للشغل، ليسوا بالضرورة أعضاءً في حزب العدالة والتنمية، وبالتالي لا يمكن ربط نتائج النقابة بالانتخابات المهنية مع نتائج الحزب بالانتخابات النيابية”.

واعتبر المتحدث أن “للعدالة والتنمية قاعدة انتخابية صلبة وفية للحزب، على العكس من النقابة التي لا يمكن القول بوجود هذه القاعدة الوفية الصلبة فيها”.

وجرت الانتخابات المهنية، بين 10 و20 يونيو/حزيران المنصرم، وأعلن وزير الشغل (العمل) محمد أمكراز، عن نتائجها في 2 يوليو/تموز الجاري.

ويعنى المنتخبون من مندوبي العمال بالقطاعين العام والخاص، بتأطير العمال والتفاوض باسمهم، وتوقيع اتفاقيات الشغل الجماعية، والمساهمة في تطوير قانون العمل.

وتصدر غير المنتمين للنقابات نتائج الانتخابات بـ51 في المئة من الأصوات، ثم نقابة الاتحاد المغربي للشغل بـ15.48 بالمئة، ونقابة الاتحاد العام للشغالين بـ12.56 بالمئة، ونقابة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بـ7.20 بالمئة.

وحلت خامسا، نقابة الاتحاد الوطني للشغل بـ5.63 بالمئة، تلتها نقابة الفدرالية الديمقراطية للشغل بـ2.79 بالمئة، ونقابة المنظمة الديمقراطية للشغل بـ1.18 بالمئة.

** عوامل ذاتية وأسباب موضوعية

وعن سبب فقدان نقابة الحزب صفة الأكثر تمثيلا، بعدم تجاوزها عتبة الأصوات القانونية، اعتبر حمودي، أن ذلك يرجع إلى “عوامل ذاتية وموضوعية ساعدت في حصول هذا التراجع”.

ولفت أن “النقابة تشهد عددا من الخلافات والصراعات والتنافس داخلها بدليل أن هناك مسؤولين جهويين وإقليميين بالنقابة لم يصوتوا لصالحها في الانتخابات الأخيرة”.

أما الأسباب الموضوعية فتتمثل بحسب حمودي، في التقطيع الانتخابي الذي قسمت بموجبه الدولة الدوائر الانتخابية، والذي ساهم في تراجع نتائج النقابة على مستوى أكثر من قطاع، خاصة قطاع التعليم.

وتابع: “الاستشراف الوحيد لنتائج الانتخابات النيابية القادمة انطلاقا من نتائج نظيرتها المهنية المعلنة قبل أسابيع يمكن تلخيصه في أننا قد نشهد نتائج متحكم بها مسبقا على مستوى الانتخابات النيابية المقبلة على غرار ما أسفر عنه التقطيع الانتخابي من تحكم بالمشهد الانتخابي المهني”.

حتى لو لم تكن نتائج الانتخابات المهنية مؤشرا على نظيرتها النيابية، فإن عدة مؤشرات في المشهد السياسي المغربي تنذر بإمكانية عودة “العدالة والتنمية” إلى المعارضة، خصوصا بعد توقيع سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة وأمين عام الحزب، على اتفاق التطبيع مع إسرائيل.

فضلا عن إقرار مشروع قانون تقنين القنب الهندي (مخدر الحشيش) في الأغراض الطبية والصناعية، الذي لاقى رفضا واسعا من قواعد الحزب، إلى جانب اعتماد القاسم الانتخابي (صيغة جديدة في احتساب الأصوات وصوت الحزب ضدها)، حيث سيقلل من فرص “العدالة والتنمية” في تصدر الانتخابات.​​​​​​​

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)