حي “الواد الحار” ببوعرفة.. AMDH تنقل صورة صادمة (تقرير)

رصدت الجمعية المغربية لحقوق الانسان فرع بوعرفة، وضعا صعبا لأحد أبرز أحياء المدينة التي تعيش على واقع الهشاشة والفقر.

وتنشر شمس بوست التقرير الذي أعده رئيس فرع الجمعية، الصديق كبوري، والذي تضمن معطيات عن تحول هذا الحي إلى حي “الواد الحار” بسبب معاناته من الخدمات الأساسية.

تقديم :

حي الواد الحار أو حي “معدر لمصارين” أو حي “بوخرارب” هو حي من الأحياء الهامشية و العشوائية التي ظهرت في إطار التوسع العمراني ببوعرفة، خاصة بعد الهجرة الداخلية التي عرفها الإقليم، و الذي عاني من جفاف بنيوي طيلة سنوات ، ويضم هذا الحي حاليا ما يقرب من 250 أسرة ، وقد تأسس الحي بعد إنشاء شبكة الصرف الصحي ببوعرفة سنة 2004 بالقرب من مصب الواد الحار.

أولا : مساكن بدائية

من خلال زيارتنا الميدانية لهذا الحي بتاريخ 13 أبريل 2019 عاينا أن المساكن بحي الواد الحار هي مساكن تقليدية، مبنية بمواد بسيطة كالحجارة والطين والقصب والزنك ،وتسمى في اللهجات المحلية ” الكرابة Graba ” وهي لا تتوفر مطلقا على العناصر التي تنص عليها المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، فهي غير صالحة للسكن أصلا، وتوجد في موقع بعيد عن المدينة، كما تفتقد لكل الخدمات والمرافق والهياكل الأساسية من ماء وكهرباء وغيرهما، وهي غير ملائمة من الناحية الثقافية نظرا لطابعها البدائي.

ثانيا : حي بين المطرقة والسندان

يقع حي الواد الحار بين مصبين للمياه العادمة: فمن جهة المصب الكبير للمدينة والمصب الفرعي للسجن المحلي وجزء من حي الواد الشرقي، لذلك فالروائح الكريهة تزكم الأنوف من كل جانب وفي كل الفصول، وهو ما يؤدي إلى الإصابة بأمراض الحساسية والجلد والعينين، على اعتبار أن المكان ملائم لتكاثر الذباب والبعوض، وترتفع نسبة احتمالات الإصابة بالأمراض خاصة بالنسبة للأطفال، ومن لديهم مناعة ضعيفة. كما يزداد الأمر استفحالا إذا استحضرنا أن المياه النظيفة والصالحة للشرب يتم شراؤها بأثمنة مرتفعة وجلبها بواسطة حاويات cétènes .

إضافة لذلك، فإن المياه العادمة تستعمل للسقي، حيث يتم توزيعها بين الساكنة لاستغلالها في سقي الشعير ونبات يدعى “زايمو” للحصول على أعلاف للماشية، وهو ما يشكل خطرا على صحة الإنسان والماشية معا.

ثالثا : محطة للتطهير لا تحمل إلا الاسم

أقيمت بالقرب من مصب الواد الحار محطة للتطهير من طرف المكتب الوطني للماء الصالح للشرب وهي محروسة و محاطة بسياج، إلا أن هذه المحطة هي مجرد اسم فقط، فهي لا تقوم بدور المعالجة لإعادة استغلال المياه العادمة في أغراض مختلفة، بل دورها يقتصر فقط على تجميع المياه في صهريج كبير، وتفريغها لتستعملها الساكنة في الأغراض” الفلاحية ” السالفة الذكر.

وتجدر الإشارة أنه بالإمكان تخليص الساكنة من الأضرار الناجمة عن الواد الحار بشراكات تبرم مع ممولين في الداخل والخارج ، فتستفيد البلاد والعباد.

رابعا : تمييز في تطبيق القانون

رغم أن الدستور المغربي ينص على مساواة المواطنين أمام القانون، إلا أن التمييز هو سيد الموقف بحي الواد الحار ببوعرفة، فقد اغتنى البعض من التسيب والفوضي والصمت والتواطؤ وذلك بإقامة تجزئات سكنية قرب المصب و ببيع الأراضي للمحرومين من السكن مقابل تسليمات مصادق عليها، كل ذلك يتم أمام أنظار السلطات المحلية وأعوانها من مقدمين وشيوخ، رغم أن الأرض هي أرض سلالية، وغير قابلة للبيع كما هو منصوص عليه في ظهير 1919 المنظم للأراضي الجماعية .

ونذكر أيضا من مظاهر التمييز، أنه يتم السماح للبعض بالبناء أمام الجميع باستغلال الجاه والنفوذ والطرق الملتوية وغير المشروعة، بينما يتم تهديم المساكن على رؤوس ساكنتها البسطاء من أبناء الشعب.

خامسا : حرمان الأبناء من التمدرس

على اعتبار أن حي الواد الحار يبعد عن أقرب مؤسسة تعليمية بثلاث كيلومترات تقريبا ، فإن هذا يؤدي إلى التعثر والتحصيل الدراسي بالنسبة للتلاميذ ، وخاصة الإناث منهم ، مما يتسبب في الهدر والانقطاع المبكر عن الدراسة ، وهو ما لاحظناه من خلال الأطفال الذين صادفناهم.

ويجب الذكر، أنه رغم وجود حافلات للنقل المدرسي ، فإنها غير متاحة للجميع ، بحكم أن الواجب الشهري هو 100 درهم للتلميذ ، وهو ما يعتبر فوق احتمال البعض ، خاصة الأطفال الذين ينحدرون من الأسر الممتدة والفقيرة.

سادسا : تأهيل الحي يقسم الساكنة

من خلال حديثنا مع الساكنة بحي الواد الحار، لاحظنا أن هناك تباينا كبيرا يصل إلى درجة التناقض بين السكان، فالبعض يطالب بإعادة الإيواء وتوفير سكن لائق يضمن الكرامة الإنسانية بعيدا عن الروائح الكريهة والحشرات ، فيما البعض الأخر يفضل البقاء في عين المكان ،بحكم أن الأرض التي يستفيدون منها واسعة ، وتمكنهم من تربية المواشي والدواجن ، ويدبرون حالهم اقتصاديا من توزيع مياه الواد الحار والاستفادة منها في أغراض ” فلاحية “.

وبالنسبة لهذا الصنف الأخير فإنهم رفضوا تحويل المصاب ، وأرسلوا عريضة احتجاجية مرفقة بالتوقيعات لوقف هذا التحويل على أساس أنه سيضر بالأراضي الفلاحية الكائنة بالمنطقة التي تسمى ” المعدر “.

خلاصة :

نتيجة للارتفاع المتزايد للطلب على السكن ، فإن حي الواد الحار لم يسلم من المضاربة العقارية ، وهذا ما نجم عنه ظهور مساكن عشوائية كالفطر ، وعليه فعلى الدولة أن تتحمل مسؤوليتها كاملة لضمان الحق في السكن للجميع كما هو منصوص عليه في الفصل 31 من الدستور، ووضع حد للوبيات العقار التي اغتنت على حساب عوز وحاجة المواطنين ، كما من واجبها أيضا حماية الأراضي الجماعية من النهب والسرقة، واستغلالها في مجال التنمية والنهوض بأوضاع الساكنة .

عن المكتب

الرئيس : الصديق كبوري

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)