AMDH تكشف كل شيء عن محاكمة جرادة وتطالب بالافراج عن المعتقلين وتعويضهم (فيديو)

عبد المجيد أمياي ـ مراد ميموني 

 

كشفت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع وجدة، عن تقريرها حول مجريات محاكمة نشطاء حراك جرادة، المستمرة حتى الأن استئنافيا.

 

ووفق تقرير الجمعية الذي يشمل بالخصوص فترة المحاكمة ابتدائيا، وقدمه عضو لجنة متابعة الملف، محمد كرزازي، ورئيس فرع الجمعية جواد التلمساني، أمس في ندوة صحفية، فإن عدد المعتقلين على خلفية حراك مدينة جرادة، وصل 96 حسب بلاغ رسمي من بينهم قاصرين، والفتاة القاصرة دنيا الشيخ، التي حوكمت في حالة  سراح وصدر في حقها عقوبة 6 أشهر موقوفة ابتدائيا و استئنافيا.

 

وأبرز التقرير أن الاعتقالات لم يسلم منها، حتى المعاقين ذهنيا والمرضى نفسيا كما هو الشأن بالنسبة لأيت ريبوش، الذي توبع في حالة سراح وصدر في حقه سنتان حبسا موقوفة التنفيذ، مع العلم أنه محجز عليه بحكم قضائي نهائي من طرف أخته، ومعاذ الصغير مريض نفسيا ويتابع علاجه بالمستشفى بوجدة وله ما يثبت ذلك، وحكم عليه بثلاث سنوات نافذة.

 

وبحسب الجمعية، فإن الاعتقالات التي تمت واستنادا إلى شهادات بعض العائلات وأقوال معتقلين أثناء المحاكمات، إتسمت “بتجاوزات وانتهاكات لحقوق الإنسان المكفولة في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية،  الذي صادق عليه المغرب، ونذكر على الخصوص، خرق المادة 9 فقرة 1 وفقرة 2 وخرق المادة 10 فقرة 1 كما تم خرق سافر للقانون المغربي وعلى رأسه دستور 2011 المواد 22 و23 و24. وفيما يلي أمثلة لهذه الخروقات” يضيف التقرير.

ووفق التقرير دائما، تم تنفيذ “مداهمة  المنازل وتكسير أبوابها في أوقات متأخرة من الليل  وفي الصباح الباكر، و استعمال العنف والضرب وتعنيف كل من يوجد بالمنازل”.

 

وفي نفس الإطار أورد التقرير تصريحات المعتقل الاسماعلي خلال المحاكمة والتي أكد فيها تعرضه للضرب على رأسه ما تسبب له في جرح تطلب رتقه أربع غرزات.

 

وكشفت الجمعية عن مثال آخر لما تسميه “عشوائية الاعتقالات التي تمت، بحالة المعتقل السابق عبد الصمد حبشي الذي أطلق سراحه فيما بعد بعدما تبين لقاضي التحقيق بأنه لم يكن بمدينة جرادة يوم  14 مارس 2018، وهو اليوم الذي شهد مواجهات دامية بين قوات الأمن والمتظاهرين.

 

داخل السجن

 

كشف تقرير الجمعية، أن مجموعة من المعتقلين صرحوا “أمام المحكمة بتعرضهم للتعذيب الجسدي والنفسي كما صرحت عائلات بأن ابنائها تعرضوا للضرب والمعاملة القاسية من طرف حراس السجن أثناء تنقيلهم من السجن المحلي بوجدة إلى السجن المحلي بتاوريرت والناظور”.

 

وأضاف التقرير، أن معتقلوا حراك جرادة وزعوا على شكل مجموعات صغيرة ضمت إلى معتقلي الحق العام “ولم يستجب إلى طلبهم بوضعهم في مجموعة واحدة لمعتقلي حراك جرادة كما ينص القانون 98/23 على ذلك في المادة 37 التي تقول: “تخصص محلات الاعتقالات الجماعية للمدانين المؤهلين للتعايش فيما بينهم…”.

أما القاصرون وفق نفس المصدر “فقد وضعوا وفي ظروف صعبة، في جناح خاص  بالسجن المحلي بوجدة كما يدعي المسؤولون، رغم أن قانون المسطرة الجنائية  في المادة 473 ينص على “لا يمكن أن يودع في مؤسسة سجنية ولو بصفة مؤقتة، الحدث الذي يتراوح عمره بين 12 و 18 سنة، إلا إذا ظهر أن هذا التدبير ضروري أو استحالة اتخاذ أي تدبير آخر…”.

 

وكشف التقرير، أن ادارة السجن “لا تسمح بتوجيه رسائل المعتقلين إلى الوكيل العام للملك، كما صرح بذلك معتقلون أثناء محاكمتهم بتاريخ 19 فبراير 2019  ويعد هذا خرق صارخ للمادة 89 من القانون 98/23 التي تنص على أنه يحق للمعتقلين توجيه الرسائل وتلقيها”.

 

وعرج التقرير على الإضرابات عن الطعام التي خاضها عدد من المعتقلين في فترات متفرقة ولمدد زمنية مختلفة أجل تحسين أوضاعهم داخل السجن احتجاجا على إعتقالهم وملابسات هذا الاعتقال.

 

المحاكمة

 

كشف التقرير، أن المعتقلين عموما، توبعوا بتهم عديدة ضمنها تهم “إضرام النار عمدا في ناقلات بها أشخاص والمشاركة في ذلك، ووضع أشياء في طريق عام تعوق مرور الناقلات وسيرها، وإهانة واستعمال العنف في حق موظفين عموميين، وكسر وتعييب أشياء  مخصصة للمنفعة العامة، والمشاركة في ذلك، وحيازة السلاح بدون مبرر مشروع، والتجمهر المسلح في الطريق العمومية والتحريض على ارتكاب جنايات وجنح، والعصيان المسلح، والمساهمة في تنظيم مظاهرة غير مصرح بها”.

وعن أجواء المحاكمة، فقد رصدت الجمعية في تقريرها، الأجواء خارج المحكمة وداخلها، وبخصوص للأجواء خارج المحكمة، قالت الجمعية بأنه يقوم مسؤولان أمنيان عند مدخل المحكمة قبل بدء المحاكمة، من التأكد من هوية أقارب المعتقلين والمواطنين الراغبين في متابعة أطوار جلسات المحاكمات والتأكد من حيازتهم لاستدعاء الحضور، وقد تم أحيانا منع العائلات من ولوج قاعة الجلسات والسماح لفرد واحد فقط منهم لحضور الجلسات بدعوى تنفيذ التعليمات رغم أن الجلسات كانت علنية”.

 

وأضافت الجمعية، أنه “أحيانا تسجل معلومات البطائق الوطنية بسجل والاحتفاظ بها إلى حين انتهاء أطوار الجلسة وحصل الشيء نفسه بالنسبة لأحد أعضاء الجمعية الذي كان  يتابع جلسات المحاكمة”.

 

أما داخل قاعة الجلسات، رصدت الجمعية حضور مكثف لعناصر الأمن بالزي الرسمي وصل أحيانا إلى 22 فرد، يتوزعون داخل القاعة بكيفية تعطي انطباعا وكأن من يمثل أمام المحكمة هم مجرمون خطيرون.

 

وأشار التقرير إلى أن قاعة الجلسات مجهزة بمكبرات الصوت إلا أن استعمالها “لم يكن بالشكل المناسب وأحيانا لا تشغل خاصة من طرف ممثل النيابة العامة”.

 

وفي المقابل رصدت الجمعية تخصيص العديد من المقاعد في الجلسات، يجلس عليها المعتقلون.

 

معايير المحاكمة

 

وبخصوص معايير المحاكمة، أكدت الجمعية أن انتهاك الحقوق المضمونة في هذا الإطار، من الوارد انتهاكها ما دام إعتقال المتهمين تم بشكل،  لم يحترم فيه حتى القانون المغربي (الفصل 23 من الدستور المغربي)، فالاحرى إحترام حقوق الإنسان المكفولة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.

 

وأبرز التقرير أنه لم يكن لجل المتهمين بما فيهم القاصرين، بأن يتمتعوا بالحق في اختيار محامي أو أن يعين لهم محامي مجانا وذو خبرة وكفاءة تتفق مع طبيعة الجريمة المنسوبة لهم، كما  تنص على ذلك المبادئ الاساسية المتعلقة بدور المحامين.

وبخصوص المساعدة القضائية، أكدت الجمعية، أنه “لا تضمن المساعدة القضائية بصيغتها الحالية، بالضرورة مساعدة  قانونية فعالة كما هو منصوص في المبادئ الأساسية بشأن دور المحامين رغم أن المساعدة القضائية مؤدى عنها من طرف الدولة”.

 

وخلال سير الجلسات، كشفت الجمعية بأن مجموعة من المتهمين صرحو، “بأنهم وقعوا المحاضر تحت الضغط  والإكراه وبأنهم وقعوا المحاضر دون أن يطلعوا عليها”.

 

رغم كل ما أفاد به المعتقلين، إلا أن قرارات الاحالة لقاضي التحقيق ومحاضر الضابطة القضائية ومحاضر الدرك اعتبرت وفق نفس المصدر “كحقيقة يواجه بها المتهمون  وهم لا زالوا يمثلون أمام المحكمة كمتهمين وليس كمدانين”.

 

وأشارت الجمعية إلى أنه اثناء المحاكمات، نفى المتهمون المتابعون ضمن مجموعات مختلفة، كل التهم الموجهة اليهم أو جلها، ونفى المتهمون تواجدهم بمكان أحداث 14 مارس والمشاركة فيها، فيما اعترف بعض المتهمين بتواجدهم بمكان الأحداث دون المشاركة فيها كما ذكر بعض المتهمين مشاركة اشخاص ملثمين في الاحداث، طالب الدفاع الكشف عن هويتهم.

 

مطالب الدفاع

 

أبرز التقرير أن الدفاع خلال كل الجلسات التي أجريت فيها  المناقشة، وأثناء تقديم الدفوعات الشكلية، طالب المحامون بإحضار “وسائل الاثبات”  من أقراص وصور وفيديوهات، والتي وردت في محاضر الضابطة الشرطة القضائية أو الدرك الملكي، واستند إليها في توجيه تهم جنحية أو جنائية أو هما معا إلى المعتقلين وذلك من أجل عرضها أو الاطلاع عليها داخل قاعة الجلسات ومناقشتها أمام الجمهور والمتتبعين من  يرصدون اطوار المحاكمات.

 

وطالب الدفاع، حسب التقرير “استنادا إلى الدفوعات الشكلية ببطلان محاضر الضابطة القضائية وقرارات الاحالة لقاضي التحقيق وطالب باطلاق سراح المعتقلين وتبرئتهم من التهم المنسوبة لهم لفائدة الشك أو تمتيع المتهمين باقصى ما يمكن من ظروف التخفيف ما عدا التماس أحد المحامين الذي كان يؤازر كل متهمي احدى المجموعات،  بتحويل العقوبة السجنية الى عقوبة حبسية”.

موقف النيابة العامة

 

اعتبرت النيابة العامة خلال جلسات المحاكمة، وفق تقرير الجمعية، أن كل الأفعال المنسوبة الى المتهمين ثابتة من خلال محاضر المعاينة ومحاضر الضابطة القضائية ومقررات الإحالة، من خلال وسائل الاثابت (صور- فيديوهات وأقراص) وأنه كان هناك اتفاق جماعي مسبق للمتهمين، كتحريض الجمهور وتهييجه وتحدي السلطات و تحدي و مواجهة قرار منع المظاهرات لوزير الداخلية بتاريخ 13 مارس 2018 والاجرام كان إذن جماعيا وهو ما فنده الدفاع أثناء التعقيب.

 

اعتبر بأن احتجاجات ما قبل 14 مارس كانت غير قانونية سبقها تكوين لجن أحياء، ومسار أحداث 14 مارس كان موجها بتغطية إعلامية والحضور يوم الأحداث كان باتفاق مسبق من أجل المواجهة،  وطالب بعدم قبول الدفوعات الشكلية وادانة المتهمين وعقابهم.

 

الأحكام

 

تراوحت الأحكام الصادرة في حق المعتقلين ابتدائيا بين شهر موقوف التنفيذ وخمس سنوات نافذة، وصدرت في حق  أكثر من 70% من المعتقلين أحكاما تتراوح بين سنة حبسا نافذة، وخمس سنوات نافذة كما صدرت في حق أربع أحداث من بين ستة أحداث سنة واحدة نافذة.

وإعتبرت الجمعية  الأحكام “قاسية جائرة وانتقامية” من نشطاء حراك جرادة، وظفت الدولة وسخرت القضاء لذلك، منتهكة الحق في المحاكمة العادلة ويظهر جليا، إصرار الدولة على الانتقام من نشطاء حراك جرادة عند متابعة ثلاثة نشطاء الحراك، أمين امقلش ومصطفى ادعينن وعزيز بودشيش بتهمة جنائية وهي المشاركة عن طريق التحريض في أحداث مدينة جرادة والحكم عليهم بالسجن لمدة ثلاثة سنوات نافذة رغم أن هؤلاء كانوا في عزلة وفي ظروف قاسية داخل السجن قبل أحداث 14 مارس.

 

وخلال المرحلة الاستئنافية، كشفت الجمعية في التقرير أنه تم تخفيض العقوبة لعدد من المعتقلين من ثلاث سنوات إلى سنتين بعد الاستئناف.

 

إشادة بالنيابة العامة

 

في الوقت الذي قالت الجمعية، على لسان رئيس فرعها بوجدة، جواد التلمساني، بأن الجمعية لم تتلقى جوابا على مراسلاتها للمدير الجهوي للسجن، وغيرها من المراسلات الموجهة، لبعض المؤسسات، أشاد في المقابل بالنيابة العامة بمحكمة الاستئناف بوجدة، وبالخصوص الوكيل العام الذي قال بأنه رد على كل مراسلات الجمعية وااستقبلت النيابة العامة في هذه المحكمة أعضاء الجمعية.

 

وطالبت الجمعية بالافراج عن المعتقلين، أكثر من ذلك طالبت أيضا بتعويضهم عن ما لحق بهم جراء الفترة الحبسية التي قضوها وراء القضبان بعيدا عن عائلاتهم.

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)