الأحزاب السياسية المغربية والشبكات الاجتماعية.. أين الخلل ؟

تشكل الشبكات الاجتماعية، وسيلة سهلة وعملية للأشخاص والمشاهير والمنظمات والشركات والحكومات من أجل التواصل وترويج مواقفها والوصول إلى الفئة المستهدفة، وأيضا بديلا يحقق التفاعل اللحظي مع هذه الأخيرة بهدف خلق تواصل مستمر، بالنظر لما تقدمه هذه الشبكات من أليات متعددة لتحقيق هذا الغرض. إذ ساهمت في العديد من الدول الديمقراطية في إجهاض الخطاب الرسمي الجاف، مقابل ظهور خطاب سلس يشبع فضول رواد هاته الشبكات ويجعلهم جزءً فاعلا في عملية التواصل.

 

 

ومع سيطرة هذه المواقع على الحياة اليومية للافراد وقدرتها الكبيرة على توجيه الرأي العام محليا ودوليا، زاد الإقبال عليها من طرف الأحزاب السياسية والمراكز البحثية التي تشتغل ليل نهار من أجل التأثير وصناعة الصورة الذهنية المبتغاة لدى المتلقي. لذلك فإن النموذج التواصلي الرقمي الذي تعتمده الأحزاب السياسية في المغرب، نجد كل ما ذكرناه سابقا، فجل الاحزاب أضحت واعية بأهمية الشبكاب الاجتماعية في التواصل حول برامجها السياسية، لكن ما يلاحظ أنها باختلاف توجهاتها وتنوع ايديولوجياتها تبقى عاجزة على صناعة خطاب سياسي يكون المتلقي جزء منه. على الرغم من أن مواقع التواصل الاجتماعي تتيح أليات عديدة ومتجددة لإشراك الجمهور في صناعة المحتوى الذي يرغب في استهلاكه، عوض اعتباره مجرد رقم يؤثث المشهد وينضاف إلى مبيانات النجاحات الإفتراضية.

 

وفي اعتقادي كل الأحزاب السياسية التي تتسارع إلى إبتكار استراتيجيات تواصلية تعتمد على “السوشيال ميديا” وتراهن على ذلك من أجل تحقيق الفوز في الإنتخابات المقبلة، من المحتمل ألاّ تحقق أهدافها بالشكل المخطط له في حال إقصاء المتلقي من صناعة هذا الخطاب، فالترويج للخطاب الأحادي بشكل مبالغ فيه وتجاهل وجهة نظر الجمهور سواء كان مقصودا أو غير مقصود، حتما سيؤي إلى نتائج عكسية وصناعة خطاب مضاد قد يكون أكثر رواجا من الخطاب السياسي الذي تصرف عليه عشرات الألاف من الدولارات لترويجه.

كم أنفقت الأحزاب المغربية على إعلانات فايسبوك؟

 

لاشك أن هذه الظاهرة التواصلية الجديدة، ستفرز لنا ما يسمى بـ”أحزاب الشبكات الإجتماعية”، أحزاب تصرف الملايين على تواصلها الرقمي، دون تحقيق نتائج واقعية وبدون خلق تفاعل حقيقي مع متابعيها. أي أن الغرض من هذه الاستراتيجيات التي تسهر عليها مقاولات متخصصة في التواصل والتسويق، هو ترويج الخطاب وصناعة الصورة الذهنية فقط، دون أن تكون لها الرغبة في الانصات لرأي الجمهور أو محاولة إشراكه في المحتوى.

 

إذ أن هذه الطرق الكلاسيكية في التواصل الاجتماعي، لا تحقق أياً من نتائجها ما عدا الرفع من أعداد المتابعين والمشاهدات، بدون أن يكون لها تأثير واقعي وحقيقي، وهذا ما تفسره نسب التفاعل المنخفضة جدا في هذه الصفحات، وأيضا الميزانيات الضخمة التي تصرف من أجل صناعة تفاعل زائف لا يعكس واقع الأمر.

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)