إنتخابات 2021 بوجدة..إرتسامات قبل “المعركة”

 

 

مع انطلاق المشاورات بين وزارة الداخلية والأحزاب السياسية حول الإعداد للمحطة الانتخابية المقبلة، إنطلق بعدد من المدن استعداد من نوع آخر، هو استعداد البحث عن مواقع في اللوائح الانتخابية، ولم تكن أو لن تكون وجدة خارج هذا الاستثناء.

 

صحيح أن نقاش المواقع لم يحتدم بعد، لكن في الصالونات يتم التداول حول ذلك بقوة، خاصة بين أعضاء ومناضلي الأحزاب التي ترى في الانتخابات المقبلة فرصة لتأكيد حضورها من جديد وحتى التي تبحث عن إستعادة مكانتها سواء تعلق الأمر في الانتخابات التشريعية أو الانتخابات المحلية والجهوية.

 

الكثير من المياه مرت تحت الجسر منذ الانتخابات التشريعية والمحلية والجهوية الأخيرة، وهو ما يبرز بأن الخريطة السياسية في المدينة بالخصوص قد تتغير بشكل كبير، خاصة من حيث عدد المقاعد التي سيحصل عليها كل حزب.

 

قد لا تكون الصورة واضحة بما فيه الكفاية حتى اللحظة، لكن هناك العديد من المؤشرات التي تسمح بإبداء بعض الارتسامات التي يمكن أن تكون مفاتيح مهمة لواقع المرحلة المقبلة.

 

عمليا واستنادا إلى نتائج الانتخابات الجماعية لـ4 شتنبر 2015، و 7 أكتوبر 2016، هناك 3 قوى سياسية هي المستأثرة بالمشهد السياسي، وإن كان ذلك بتفاوت، وهي حزب الأصالة والمعاصرة الذي فاز في الانتخابات الجماعية بـ30 مقعدا بعد حصوله على 23398 صوتا، ونال في الانتخابات التشريعية لسنة 2016 مقعدين في البداية، قبل أن يطيح المجلس الدستوري بهما لتعاد الانتخابات ويحرز على مقعد واحد فقط في الانتخابات الجزئية، وحزب العدالة والتنمية الذي حاز في الانتخابات الجماعية على 28 مقعدا في مجلس وجدة بعدما حصل على 22272 صوتا، وعلى مقعدين من أصل 4 في الانتخابات التشريعية، والثالث هو حزب الاستقلال الذي فاز في الجماعات بـ7 مقاعد بعدما حصل على 5031 صوتا، فيما لم يتمكن في تشريعيات 2016 من نيل مقعد برلماني، ولكن مرشحه عمر حجيرة قدم طعنا، وتمكن من إسقاط لائحة الأصالة والمعاصرة قبل أن يتقدم للانتخابات الجزئية التي أجريت سنة 2017  و ينال مقعدا.

 

لكن السؤال المطروح اليوم في ظل استحضار هذه النتائج والتطورات الحاصلة على مستوى هذه الأحزاب بالذات، وحتى داخل الأحزاب التي تسعى للعودة بقوة إلى الساحة، هو هل ستبقى هذه الخريطة على ما هو عليه؟

 

إن المعطيات المتداولة حول وضعية العديد من الأحزاب، وبالخصوص الأحزاب الثلاثة المذكورة تشير بأن هذه الخريطة ستتعرض خلال الانتخابات الجماعية وحتى التشريعية المقبلة لخلخلة كبيرة.

 

العدالة والتنمية..تراجع لابد منه

 

لا أحد يجادل بأن وضع حزب العدالة والتنمية بدائرة وجدة، أو دائرة وجدة أنجاد سيكون كما كان في السابق، ذلك أن العديد من المتغيرات سيكون لها أثر على حصة الحزب من مقاعد المجلسين (مجلس المدينة ومجلس النواب).

 

في مقدمة ذلك، وضع الحزب ككل على المستوى الوطني، والتراجع الموضوعي الذي يمكن أن يحدث بفعل إكراهات ومتاهات التدبير الحكومي، فكما هو الشأن لأي حزب في العالم دائما ما يستنزف التدبير الحكومي من شعبيته، خصوصا اذا كان الحزب المعني يشارك لولايتين متتاليتين في قيادة الحكومة، دون إغفال غياب عدد من قادته البارزين الذين ارتبطت أسماؤهم بشعبية الحزب.

 

ثم هناك سبب موضوعي آخر وهو الشرخ التنظيمي الذي حدث للحزب على المستوى الإقليمي، والذي انتهى بحل الأمانة العامة للكتابة الاقليمية، حيث أن الحزب اليوم سيكون من اللازم عليه تقسيم مجهوده بين اعادة البناء من جهة والاستعداد للاستحقاقات من جهة اخرى وهي معادلة سيكون من الصعب حلها.

 

وبالتالي فإن المتوقع هو حدوث تراجع مداه سيتحدد بمدى جاهزيته، غير أن مناضليه يعولون أيضا على مشاركة بعض رموزه المحليين بفاعلية في الاستحقاقات المقبلة، خاصة وأن مناضلي هذا الحزب سيخوضون الاستحقاقات المقبلة برهان التخفيف ما أمكن من تأثير الوضع السابق، وأيضا برهان تحدي الوضعية السابقة واثبات نظرية أن الحزب هو الذي يبوأ أي عضو أو برلماني مكانته وليس العكس، أو ليس كما يحاول بعض أعضائه السابقين ترويجه في الساحة، وسيكون في المقابل على هؤلاء إثبات نظريتهم أيضا من خلال تموقعهم الجديد!

 

الأصالة والمعاصرة..انقسام حتمي

 

لم يعد الشرخ التنظيمي الذي يعيشه حزب الأصالة والمعاصرة خاف على أحد في مدينة وجدة، ولعل من تجلياته الواضحة وضع فريق هذا الحزب بمجلس المدينة، والذي إنقسم بين طرفين، طرف محسوب على عبد النبي بعيوي رئيس مجلس الجهة، وهشام الصغير رئيس المجلس الإقليمي.

 

المعطيات المتوفرة تفيد بأن الطرفين ورغم المحاولات السابقة لرأب الصدع، قد وصلا إلى مرحلة الطلاق البائن، وكل المؤشرات تشير إلى أنه في حالة استمرار حضور بعيوي في الحزب بالشكل الحالي، فإن جناح الصغير سيحاول البحث عن تموقع أخر وسط حزب آخر.

 

هناك خياران لا ثالث لهما أمام جناح الصغير وفق العديد من المراقبين، الأول وهو بقابلية أقل من الثاني، ويشير إلى أن الصغير قد يستقر في حزب التجمع الوطني للأحرار ويراهن على قيادة جماعة وجدة، على إعتبار أن مرشحا الحزب للجهة ومجلس النواب، قد حسم أمرهما، حيث يستعد حزب الحمامة وفق المعطيات المتوفرة تقديم الوزير السابق محمد أوجار لقيادة لائحة الجهة ومحمد هوار لقيادة لائحة مجلس النواب.

 

أما الخيار الثاني، وهو الذي يدفع في إتجاهه عدد من المقربين من الصغير، من قدماء الحركة الشعبية، يتعلق بالتموقع في حزب السنبلة الذي يبحث هو الأخر عن تموقع جديد في جميع المهام الانتدابية، سواء تعلق الأمر بالبرلمان أو بالجماعة وحتى في الجهة، وهنا سيكون أمام الصغير هامش إختيار أكبر للاختيار، وإن كان العديد من المقربين منه يؤكدون بأن رهان الصغير لا يخرج عن خيارين إما الجهة أو الجماعة!

 

وفي كل الأحوال، فإن الوضع القائم، يؤشر على أن القطبين سيراهنان على كسب ود الكتلة الناخبة المشتركة بينهما، وهو ما يعني بأن حزب الأصالة والمعاصرة وحتى الحزب الذي سيتنافس به الصغير سيحصدان نتائج متقاربة ويفسح المجال أمام حزب العدالة والتنمية لامتصاص الصدمة أكثر وجعلها في حدودها الدنيا.

 

حزب الاستقلال..خيارات ضيقة

 

حتى هذه اللحظة لم يتمكن حزب الاستقلال من إفراز وجه انتخابي جديد خلفا لعمر حجيرة، وفي ظل الندية المتوقعة بين الأحزاب المذكورة، واستنادا إلى النتائج التي حصل عليها حزب الميزان في الانتخابات الجماعية الماضية والتي لم تتعدى 6 ألاف صوت، قد يستمر الحزب في حصد المزيد من التراجع.

 

ولا يبدو أن الحزب اليوم مستعد للمغامرة بادخل وجه انتخابي جديد لخوض غمار الانتخابات المقبلة، وبالخصوص الجماعية منها، لذلك فإن هناك رأي سائد وسط الميزان يفضل الاستمرار في تقديم حجيرة باعتباره الأنسب، عوض المغامرة باسم قد يفقد معه الحزب تمثيليته في المجلس أو يحصل على تمثيلية أضعف من التي حصل عليها في الانتخابات الماضية.

ثم إن إستقدام أسماء خارج دائرة الاستقلال لتقديمها للانتخابات تجربة أثبتت فشلها في الكثير من المحطات، ذلك أن مناضلي حزب الميزان يصعب إقناعهم بإجراء إسقاطات، على عكس العديد من الأحزاب التي توصف بـ”الادارية”، التي لا تجد حرجا في تقديم مرشحين بهذه الطريقة.

 

خلاصة القول، أن الانتخابات المقبلة سواء الجماعية والتشريعية، ستعرف منافسة يمكن أن نقول بأنها متقاربة، بالنظر للمعطيات المذكورة، خاصة بين حزبي العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة، والأحرار وحتى الحركة الشعبية في حالة تقدم الوجه البامي البارز هشام الصغير بخوض إحدى الاستحقاقات باسمه.

 

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)